تحيي منظمة الصحة العالمية غدا السبت اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، وسط توقعات بزيادة سوء معاملة المسنين والمسنات مع تزايد أعدادهم حول العالم.
وظاهرة إساءة معاملة المسنين هي قضية اجتماعية عالمية تؤثر في صحة الملايين منهم وتنتهك حقوقهم الإنسانية في جميع أنحاء العالم، ولذا فهي قضية تستحق اهتمام المجتمع الدولي. وتشير إحصاءات دولية إلى معاناة مسن واحد من كل 6 مسنين من شكل من أشكال الإساءة، ومن المتوقع أن يزداد سوء معاملة المسنين، حيث إن العديد من البلدان تشهد شيخوخة سريعة في السكان ، حيث سيزيد عدد سكان العالم الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فأكثر عن الضعف من 900 مليون في عام 2015 إلى حوالي 2 مليار نسمة في عام 2050.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب قرارها رقم 127/66، يوم 15 يونيو يوما عالميا للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين. ويعتبر هذا اليوم الفرصة السنوية التي يرفع فيها العالم صوته معارضا إساءة معاملة بعض أجيالنا الأكبر سنا وتعريضهم للمعاناة.
ويمكن تعريف إساءة معاملة المسنين، بأنها فعل واحد أو متكرر أو غياب الإجراء المناسب، الذي يحدث في أي علاقة يكون فيها توقع الثقة التي تسبب الأذى أو الإحباط لشخص مسن. ويمكن أن تتخذ إساءة معاملة المسنين أشكالًا مختلفة مثل الإساءة البدنية والنفسية والعاطفية والجنسية والمالية. كما يمكن أن يكون نتيجة إهمال مقصود أو غير مقصود. وفي أجزاء كثيرة من العالم، يحدث سوء معاملة المسنين دون إدراك أو استجابة تذكر.
وحتى وقت قريب، كانت هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة مجهولة للرأي العام وتعتبر في الأغلب مسألة خاصة. ولم يزال الاعتداء على المسنين من المحرمات، التي يتم التقليل من أهميتها وتجاهلها في جميع أنحاء العالم. بيد أن الأدلة تتراكم للإشارة إلى أن إساءة معاملة المسنين مشكلة صحية ومجتمعية هامة.
ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2018 ، إلى أن إيذاء المسنين من المشكلات الصحية العمومية المهمة. وفي حين لا يوجد إلا القليل من المعلومات الخاصة بحجم إيذاء الأشخاص المسنين، لاسيما في البلدان النامية، حيث يبلغ ما بين 4 و6% من المسنين عن تعرضهم الشديد للإيذاء. غير أن المسنين غالباً ما يبدون بعض الخوف في إبلاغ أسرهم أو أصدقائهم أو السلطات بما يتعرضون له من ضروب الإيذاء.
ومن الملاحظ أيضاً شح البيانات الخاصة بحجم المشكلة في مؤسسات مثل المستشفيات أو دور رعاية المسنين أو غيرها من مرافق الرعاية الطويلة الأجل.
وأشارت دراسة أجريت في عام 2017 إلى تعرض 15.7% من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً وأكثر لشكل من أشكال سوء المعاملة. ومن المرجح أن يكون هذا الرقم أقل من الأرقام الحقيقية ، حيث يتم الإبلاغ عن حالة واحدة فقط من بين كل 24 حالة من حالات إساءة معاملة المسنين ، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن كبار السن يخشون في كثير من الأحيان الإبلاغ عن حالات إساءة المعاملة للعائلة أو الأصدقاء أو للسلطات. وبالتالي، من المرجح ألا يتم تقدير أي معدلات لانتشار الظاهرة.
وعلى الرغم من محدودية البيانات الدقيقة ، تقدم الدراسة تقديرات الانتشار المجمعة لعدد كبار السن المتأثرين بأنواع مختلفة من إساءة الاستخدام : الاعتداء النفسي 11.6 % ؛ سوء الاستخدام المالي 6.8 % ؛ الإهمال 4.2 % ؛ الاعتداء الجسدي 2.6 % ؛ الاعتداء الجنسي 0.9 % .
أما على الصعيد العالمي، من المتوقع أن يزداد عدد حالات إساءة معاملة المسنين لأن العديد من البلدان تشهد زيادة سريعة في أعداد المسنين الذين قد لا تلبى احتياجاتهم على النحو الكامل نظراً لقلة الموارد.
وتشير التقديرات إلى أن الفئة العمرية 60 سنة فما فوق من سكان العالم ستشهد بحلول عام 2025، زيادة بنسبة تفوق الضعف، أي من 542 مليون نسمة في عام 1995 إلى نحو 1.2 مليار نسمة.
وكشف تقرير منظمة الصحة العالمية إلي الجهود التي تقوم بها المنظمة للوقاية ، حيث تم تنفيذ استراتيجيات عديدة من أجل الوقاية من ظاهرة إيذاء المسنين ومكافحتها والتخفيف من آثارها. وتشمل التدخلات التي تم تنفيذها في البلدان المرتفعة الدخل بالدرجة الأولى بغرض الوقاية من تلك الظاهرة تنظيم حملات لتوعية الجمهور والمهنيين ؛ عمليات فرز لضحايا الإيذاء ومرتكبيه المحتملين؛ برامج مدرسية مشتركة بين الأجيال ؛ الاضطلاع بتدخلات لدعم مقدمي خدمات الرعاية مثل إدارة الإجهاد والرعاية القصيرة الأجل ؛ تدريب مقدمي خدمات الرعاية على التعامل مع حالات الخرف.