ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، أن تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تسبب في إغراق منطقة اليورو في ركود تاريخي، لا سيما بعد أن سجلت فرنسا وإسبانيا وإيطاليا انكماشًا ربع سنوي مزدوجًا في الناتج الاقتصادي.
وأفادت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني في هذا الشأن، بأن أرقاما نُشرت في صباح اليوم الجمعة، أظهرت أن جائحة كورونا أوقعت اقتصاد منطقة اليورو في ركود تاريخي؛ حيث تعرضت إسبانيا لأكبر ضربة اقتصادية لها على الإطلاق.
وأوضحت: "إن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو انخفض بنسبة 12.1% بين الربعين الأول والثاني من عام 2020، وهو أكبر انخفاض له في 25 عامًا، بعد انخفاض بنسبة 3.6% في الربع الأول وحده".
وانكمش الاقتصاد الإسباني بنسبة 18.5% في الأشهر الثلاثة حتى يونيو الماضي، ليصل إجمالي انكماشه في الأشهر الستة الأولى من هذا العام إلى 22%، بما محا جميع المكاسب التي تحققت في السنوات السبع الماضية ومنذ الركود الأخير.
وتعليقا على ذلك، نقلت "فاينانشيال تايمز" عن خوسيه إجناسيو كوندي رويز، أستاذ الاقتصاد بجامعة كومبلوتنسي بمدريد: "إن الأمر أشبه بالسقطة التي يمكن أن يتعرض لها المرء في الحرب... وكان القطاع الوحيد الذي نما هو الزراعة".
كما أبلغت فرنسا عن انخفاض ربع سنوي بنسبة 13.8% للربع الثاني من العام الجاري، وهو أكبر انكماش لها منذ الحرب العالمية الثانية؛ مما أدى إلى انخفاض إجمالي الإنتاج منذ بداية العام إلى 19%.
وتقلص اقتصاد إيطاليا بنسبة 12.4% على أساس ربع سنوي، وهو أكبر انكماش يحدث منذ ما يقرب من أربعة عقود؛ حتى أصبحت البلاد غارقة في ركودها الرابع منذ أكثر من عقد بقليل، لا سيما وأن اقتصادها كان يتقلص بالفعل قبل تفشي الوباء. وأعاد انكماش الربع الثاني الإنتاج المحلي مرة أخرى إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة في أوائل التسعينات.
وفي المقابل، كانت ألمانيا أفضل حالًا منذ بداية الوباء، حيث سجلت انكماشًا بنسبة 12% حتى الآن في عام 2020، وفقًا للأرقام التي نُشرت يوم أمس الخميس.
وقال نيكولا نوبيل، من شركة "أكسفورد إيكونوميكس" الاستشارية: "لا تعاني منطقة اليورو من صدمة كبيرة فحسب، بل أيضًا من صدمة غير متكافئة مع البلدان الأكثر ضعفًا"، مشيرا إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للكتلة عاد إلى مستويات لم يشهدها منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي.
وفي هذا السياق، تابعت "فاينانشيال تايمز" تقول: "إن الركود الاقتصادي في إسبانيا يعكس بشكل استثنائي شدة وطول فترة إغلاقها الأولي. علاوة على أنها تواجه الآن أكبر ارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد؛ مما يهدد بإعادة غلق قطاع السياحة الحاسم".
وأشارت جيسيكا هيندز من شركة الاستشارات المالية "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن الحكومة الإسبانية "أعاقتها عبء ديونها وضعفها السياسي، وبالتالي كانت أقل قدرة على دعم الاقتصاد من الدول الأوروبية الأخرى".
ويحذر اقتصاديون من أنَّ التعافي في منطقة اليورو من المرجح أن يكون بطيئًا وغير منتظم. وعلى الرغم من إعادة فتح الاقتصادات إلى حد كبير، تهدد الزيادات الأخيرة في حالات الإصابة بكورونا بفرض سلسلة متتابعة من عمليات الإغلاق المحلية، وبعد الانتعاش الأولي، يبدو أن طلب المستهلكين من غير المرجح أن يعود إلى مستويات ما قبل الوباء قريباً.. وفقا لما نقلته الصحيفة البريطانية.