دول العالم تعلن دعمها ومساندتها لمصر بعد تحذيرات السيسي بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي.. وخبراء رسائل الرئيس كانت حاسمة وقوية
"مياه النيل خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا المائية، نحن لا نهدد أحدا".
هكذا كانت تحذيرات الرئيس عبد الفتاح السيسي الحاسمة بشأن أزمة سد النهضة، خلال الجولة التفقدية لهيئة قناة السويس، بعد أن تمكنت الهيئة من تعويم السفينة البنمية العملاقة "إيفر جيفن"، بعد أن علقت في القناة ومنعت الملاحة لأيام.
وأكد الرئيس السيسي، أن أي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل، حيث قال:
"العمل العدائي قبيح وله تأثير يمتد لسنوات طويلة، معركتنا معركة تفاوض، ونحن نكسب أرضا كل يوم لأننا نتفاوض بشكل يحقق مكاسب للجميع، وخلال الأسابيع القليلة المقبلة سيكون هناك تحرك إضافي لمصر في هذا الملف، ونتمنى أن نصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، محدش هيقدر يأخذ نقطة مياه من مصر واللي عايز يجرب يقرب، إحنا ما بنهددش حد، وإلا هيبقى في حالة عدم استقرار في المنطقة لا يتخيلها أحد، ولا يتصور أحد أنه بعيد عن قدرتنا، والمساس بمياه مصر خط أحمر وسيؤثر على استقرار المنطقة بشكل كامل".
وحازت تحذيرات الرئيس السيسي، بشأن مفاوضات سد النهضة، على اهتمام كبير من دول العالم، وذكر بيان صادر عن الخارجية السعودية أن المملكة تؤكد دعمها ومساندتها لجمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، وتؤكد أن أمنهما المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العربي.
وأكدت السعودية دعمها ومساندتها لأي مساعٍ تسهم في إنهاء ملف سد النهضة وتراعي مصالح كل الأطراف، وتشدد على ضرورة استمرار المفاوضات بحسن نية للوصول إلى اتفاق عادل وملزم بخصوص سد النهضة في أقرب وقت ممكن، وفق القوانين والمعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن، بما يحافظ على حقوق دول حوض النيل كافة في مياهه، ويخدم مصالحها وشعوبها معا.
من جانبها، أعربت سلطنة عمان عن تضامنها مع مصر وتأييدها في جهودها لحل الخلاف حول سد النهضة عبر الحوار والتفاوض.
وأوضحت الخارجية العمانية في بيان لها أن هذه الجهود تأتي "بما يحقق الاستقرار للمنطقة ويحفظ مصالح جميع الأطراف".
فيما أصدرت الحكومة اليمنية بيانا أعربت خلاله عن تضامنها ووقوفها مع جمهورية مصر العربية في سعيها لإيجاد حل عادل لملف سد النهضة ودعم جهودها المخلصة لتحقيق السلم والاستقرار الإقليمي".
وقالت الخارجية اليمنية في بيانها إن "الأمن المائي لمصر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي".
وشددت الخارجية اليمنية على "أهمية عدم اتخاذ أية خطوات أُحادية تمس بمصالحها واستخداماتها المائية وبما يحفظ الحقوق المائية والاقتصادية لدول مصب نهر النيل ويحقق لدول حوض النيل التنمية والنمو الاقتصادي وفقًا لمبادئ القانون الدولي".
كما أعربت مملكة البحرين عن تضامنها مع ع مصر في الحفاظ على أمنها القومي وأمنها المائي، وحماية مصالح شعبها وحقها المشروع في الحياة، وجهودها المخلصة لتحقيق السلم والاستقرار الإقليمي.
وأكدت الخارجية البحرينية في بيان دعم المملكة للجهود المبذولة لحل أزمة ملء وتشغيل سد النهضة بما يحفظ الحقوق المائية والاقتصادية لدول مصب نهر النيل وفق القوانين الدولية، وبما يتيح لدول حوض النيل جميعها تحقيق طموحاتها للتنمية والنماء الاقتصادي، حفاظًا على الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة.
وكانت وزارة الطاقة والنفط السودانية، أصدرت بيانا، بشأن التأثيرات السلبية للملء الثاني لسد النهضة على السودان.
وبحسب البيان، أكد وزير الطاقة والنفط السوداني، جادين علي عبيد أن الملء الثاني المرتقب لسد النهضة الإثيوبي سيؤثر سلبيا على إنتاج الطاقة الكهربائية في السودان.
وقال عبيد خلال لقائه رئيس البعثة الأمريكية للسلام في السودان دونالد بوث أن "توقيت المرحلة الثانية من ملء سد النهضة من يونيو إلى أغسطس سيؤدي لانخفاض منسوب المياه لأدنى مستوى مما يؤثر على محطات التوليد المائي وإنتاج الطاقة الكهربائية بالسودان".
وأضاف أن الخرطوم تبذل جهودًا لتقليل كمية إنتاج الطاقة الكهربائية تحوطا في حالة صدور قرارات دون اتفاق أو تنسيق بين الأطراف، مشيرًا إلى أهمية الوصول إلى اتفاق بين كل الأطراف قبل تقرير إثيوبيا من جانب واحد ملء السد.
وفي هذا الإطار، دخلت الولايات المتحدة على خط أزمة سد النهضة، ونقلت فضائية "الحدث" السعودية، عن مسؤول في الخارجية الأمريكية قوله: "نواصل دعم الجهود التعاونية والبناءة للتوصل إلى ترتيب بشأن سد النهضة".
وأضاف المسؤول الأمريكي: "سد النهضة يمثل قضية رئيسية لمصر والسودان وإثيوبيا".
في المقابل، تواصل إثيوبيا تعنتها، حيث أبلغت الخارجية الإثيوبية المبعوث الأمريكي للسودان دونالد بوث بمضيها في الملء الثاني لسد النهضة كما هو مخطط له في يوليو المقبل.
وجاء التأييد الدولي الواسع لموقف مصر، بعد رسائل صارمة من الرئيس السيسي وتحذيرات من المساس بأمن البلاد المائي، في ظل إقدام إثيوبيا على عملية الملء الثانية لسد النهضة.
وقال الرئيس السيسي خلال زيارته لقناة السويس أمس الثلاثاء، إن مياه مصر لا مساس بها وخط أحمر وأي تحرك سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل، مشيرا إلى أن مصر تتفاوض لتحقيق المكاسب للجميع.
وأشار إلى أنه لا أحد يستطيع أن يأخذ نقطة مياه واحدة من مصر، موضحًا أن هناك تحركا إضافيا بشأن المفاوضات خلال الفترة المقبلة للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد مع جميع الأطراف.
وتابع الرئيس السيسي: "إحنا مش بنتكلم كتير، لكن محدش هيقدر ياخد نقطة مياه من مصر واحنا مابنهددش حد، بس اللي عايز يجرب يقرب، وعمرنا ما هددنا وحوارنا دائما رشيد وصبور ولكن لا أحد يقدر ياخذ نقطة مياه واحدة ومصر لا مساس بها لان رد فعلنا سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل".
وفي هذا الشأن، أكد الخبراء الاستراتيجيون وخبراء المياه، أن تحذيرات الرئيس كانت واضحة وحاسمة وقوية لموقف مصر من الملء الثاني لسد النهضة، لأن مياه النيل خط أحمر وحقوق لا يمكن التخلي عنها.
وقال السفير مجدي عامر مساعد وزير الخارجية السابق لشئون حوض النيل، أن رسالة الرئيس السيسي قوية وواضحة للجميع، وهذه ليست المرة الأولى للرئيس الذي يؤكد موقف مصر تجاه هذا الموضوع، ففي الفترة الأخيرة تؤكد تصريحات الرئيس والمسئولين المعنيين بهذا الشأن، على أنه لم يتم السماح بالتعدي على حصة مصر المائية.
ويوضح مساعد وزير الخارجية السابق، الهدف من هذه الرسالة في هذا التوقيت، قائلا إن الموضوع وصل إلى منحنى خطير لإصرار إثيوبيا على ملء السد، لذلك فإن الهدف من رسالة الرئس هوتوجيه تحذير لإثيوبيا بهذا الشأن، وتوجيه للشركاء الدوليين، أنه من المفترض التدخل للتوصل لاتفاق ملزم بعيد عن الحيادية، لأن هذا الحياد في هذا التوقيت غير مفيد فالأمر يضر بدولتي المصب، مصر والسودان.
ويضيف أن الرئيس أكد أن حقوق مصر خط أحمر، ولا يمكن التنازل عنها من الجانب المصري، فعلى الرغم أن مصر كانت حريصة على الحل الدبلوماسي وعلى استكمال المفاوضات، إلا أن الجانب الإثيوبي مستمر في المماطلة، لافتا إلى أن الملء الأول للسد وصل إلى حوالي 5 مليارات متر مكعب، ومن الممكن أن يصل الثاني إلى 15 مليار متر مكعب، مما يشكل خطورة.
ومن جانبه، يؤكد اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي ومدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق، أن رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم حاسمة وتحذيرية لعدم المساس بحقوق مصر المائية، وهذه الرسالة تشابه تصريحاته التي حلت الأزمة الليبية منذ عام، حيث إنه صرح وقتها بأن خط (سرت - الجفرة) خطر أحمر بالنسبة لمصر، لا يمكن الاقتراب منه.
ويشير الخبير الاستراتيجي، إلى أنه بعد كلمة الرئيس هذه بخصوص الأزمة الليبية، أثنى الأمين العام للأمم المتحدة على قرار السيسي، وقال إنها سبب في إيقاف إطلاق النار في ليبيا، ومنذ ذلك الوقت هناك استقرار في ليبيا، وقبل أيام أشاد دبلوماسيون فرنسيون خلال زيارتهم للقاهرة، وقالوا إن الخط الأحمر الذي حددته مصر في ليبيا، كان سببا رئيسا في عودة الاستقرار وخروج ميليشيات أجنبية من الأراضي الليبية.
لذا يوضح اللواء سمير فرج، أن رسائل الرئيس واضحة وصريحة، والهدف من تصريحاته في ذلك الوقت عن سد النهضة، أننا وصلنا لخط فاصل، لأن إثيوبيا أعلنت أنها سوف تبدأ الملء الثاني للسد خلال أشهر قليلة، ظنا منها أنها تضع مصر أمام الأمر الواقع، لذا جاءت رسالة الرئيس الحاسمة لأن مصر استنفدت كل الطرق الدبلوماسية والتفاوضية لحل الأزمة.
ويتابع: أن الرئيس السيسي أكد دائما حرص مصر على التوصل إلى اتفاق ملزم لملء وتشغيل السد، ومصر ملتزمة بالاتفاقيات السياسية والسير بالطرق الدبلوماسية، ولكن إثيوبيا مستمرة في تعنتها لملء السد، واصفة إياه بمشروع قومي يحقق الأمل والرخاء لشعبها، دون النظر إلى الضرر الذي يلحق بمصر والسودان، لذا جاءت رسالة الرئيس حاسمة، لأنه لن يسمح لأحد بالمساس بنهر النيل وحصة مصر منها أو التسبب بضرر لمصر من أي اتجاه.
فيما اعتبر اللواء محمد الشهاوي، المستشار بكلية القادة والأركان، رسائل الرئيس السيسي اليوم قوية، وتدل على أن صبر مصر بدأ ينفد من طول أمد المفاوضات في سد النهضة، لأن مياه النيل قضية حياة أو موت بالنسبة لمصر، وقضية أمن قومي لا يمكن المساس بيها، وبالفعل لا يستطيع أحد أن يأخذ نقطة واحدة من مصر.
ولكن يؤكد مستشار كلية القادة والأركان، أن الرئيس عبد الفتاح وضع خطا أحمر في هذه القضية مثلما قام في الأزمة الليبية العام الماضي، ومن وقتها لم تستطع أي جماعة إرهابية أو غيرها أن تقترب من هذه الخطوط.
ويشدد على أن التحديات التي تواجهها مصر الآن نتيجة تعنت الاتجاه الإثيوبي في ملء السد، ولكن مصر قادرة على القضاء على السد، ووضعت مدة للمفاوضات حتى يوم 15 أبريل المقبل، للوصول إلى حل، وفي حالة عدم التفاوض، فإن مصر لها الحق للسير بأي طريق والسيناريوهات مفتوحة للتعامل مع هذه الأزمة.
ويضيف اللواء محمد الشهاوي، أن حدة الرئيس السيسي اليوم خلال تصريحاته، لأنه لن يسمح لأي حد بأن يأخذ ولو نقطة مياه واحدة من مصر، والمساس فقط منها هو تعد على مصر وأمنها القومي، لذا فالتفاوض هو الحل، أما عدم التفاوض يعني أن هناك تحركا قويا من مصر، وهذا التحرك سوف يؤثر على المنطقة كلها.
ويتفق معهم الدكتور أحمد فوزي، الخبير المائي بالأمم المتحدة وأستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء، الذي يؤكد أن الشعب المصري مرتبط بنهر النيل، والتعرض له يعني نقص المياه، والتعدي على الأمن القومي لمصر، وهذا غير مسموح به.
ويقول الخبير المائي بالأمم المتحدة، إن هناك حالة من التشدد والتعنت من الجانب الإثيوبي، يدل على نوايا غير طيبة تجاه مصر، وقد قدم الرئيس لهم الكثير من الفرص للتفاوض دون جدوى، وهناك إصرار من جانبهم على التحكم في حياة الشعب المصري، بشكل يدعو لقلق شديد، وهذا لا يقبله الرئيس السيسي ولا الشعب المصري، ونحيى الرئيس السيسي على هذا الموقف الشجاع في موضوع سد النهضة.
ويوضح أن الرئيس السيسي كان صبورا لدرجة كبيرة جدا، لكي يعودوا لرشدهم لكنهم يسيرون بشكل غير مرضٍ، ويحاول أن يتحول نهر النيل لنهر تتحكم في إثيوبيا، فتمنح من تمنحه وتحرم من تحرمه، لافتا إلى أن الجانب الإثيوبي لم يفهم البعد المصري وصبر القيادة السياسية أنها للحفاظ على العلاقات بين الدولتين والشعبين.
فيما أعادت رسائل الرئيس السيسي حول مياه النيل، التذكير بالخط الأحمر الذي حدده الرئيس السيسي من قاعدة سيدي براني العسكرية (سرت - الجفرة)، حين تحدث أمام حشود من الجيش المصري في المنطقة الغربية، في إشارة لما يحدث داخل الأراضي الليبية من تدخل قوى أجنبية في شؤونها ومحاولاتها دخول منطقة سرت الاستراتيجية.