رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أطلق رسالة عالمية خلال قمة جلاسجو للمناخ، يحذر من غرق عدد من المدن الكبرى على مستوى العالم جراء ارتفاع مستوى سطح البحر، بسبب ذوبان الجليد وارتفاع درجة حرارة الأرض، وكان من بين تلك المدن غرق الإسكندرية في مصر، التي تقع على ساحل البحر المتوسط، إلا أن تحذيرًا سابقًا كان الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، قد أطلقه خلال أسبوع القاهرة للمياه الشهر الماضي، يؤكد فيه غرق ثلث الدلتا، فهل تتعرض مدن أخرى للغرق جراء ارتفاع مستوى سطح البحر؟
من جانبه أوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن ارتفاع سطح البحر نصف متر واحد يهدد أيضًا العديد من المدن الأكثر انخفاضا من الإسكندرية بالغرق، من بينها بورسعيد ودمياط ومدن جنوب محافظة الإسكندرية، حتى مدينة كفر الدوار في محافظة البحيرة، التي تنخفض عن الإسكندرية كثيرًا فضلًا عن مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة في شمال دلتا نهر النيل، مشيرًا إلى أن الإسكندرية أفضل حظًا من مدن الدلتا الرسوبية، إذ تم اختيار موقعها لتكون على حاجز جيري رسوبي مرتفع عن سطح البحر، أما مدن الدلتا الرسوبية فهي عبارة عن طمي متراكم جراء فيضان نهر النيل القادم من الهضبة الإثيوبية معرض للهبوط، منخفض شمالًا وسمكه يرتفع كلما اتجهنا جنوبًا.
يضيف «شراقي» أن الإسكندرية تقع على حاجز جيري ضخم يصل ارتفاعه في منطقة برج العرب لـ 15 مترًا، وأكثر المناطق انخفاضًا من الشرق ناحية منطقة أبي قير التي لا يزيد ارتفاعها أربعة أمتار فقط، وحسب الكثير من الدراسات لسيناريوهات ارتفاع منسوب سطح البحر وتأثر الدلتا، وجد أنه إذا ارتفع منسوب سطح البحر نصف متر، فإن ذلك يمكن أن يُغرق نحو نصف مليون فدان شمال الدلتا، كما ستتضاعف مساحات البحيرات الشمالية وهي بحيرة المنزلة والبرلس وإدكو ومريوط، وتصبح مساحتها أوسع، وستختفي أيضًا بورسعيد ودمياط ويتم تهجير نحو 4 ملايين نسمة، أما إذا ارتفع 1.5 متر فسوف يمتد البحر المتوسط داخل الدلتا لمسافة نحو 25 كم جنوبًا مغرقًا نحو 1.5 مليون فدان، كما يتم تهجير أكثر من 8 ملايين نسمة.
وأكد أستاذ الجيولوجيا أن الكرة الأرضية في تغير مستمر من ارتفاع وانخفاض درجة الحرارة، وكذلك سطح البحر، وزيادة غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون، وهناك من التغيرات البطيئة التي تحدث على مدار آلاف وملايين السنين وأخرى سريعة مثل اصطدام نيازك بالكرة الأرضية، وما يحدث حاليًا هو استمرار فترة دفيئة تسمى بين الجليدية، وفيها ارتفاع درجة حرارة الأرض لأسباب طبيعية ويضاف الآن جزء من نشاط الإنسان، والفرق بين العصور الدفيئة والجليدية يكون في حدود 10 درجات مئوية، متوسط هذه الفترة 10 آلاف سنة ولكنها وصلت الآن إلى 11 ألف سنة قد تمتد أو تعود الأرض مرة أخرى إلى البدء في فترة جليدية جديدة وهذا هو الأقرب ولكن ليس من الآن ربما بعد عدة مئات من السنوات.
ولفت إلى أن مستوى سطح البحر ارتفع في العالم خلال القرن الماضي نحو 16 – 20 سم، وازداد مؤخرًا منذ 1993 ليصبح نحو 3 مم للعام طبقًا للقياسات بالأقمار الصناعية، كما ارتفعت درجة الحرارة نحو درجة واحدة منذ بداية الثورة الصناعية (نحو 200 عام) معظمها في الخمسين سنة الأخيرة بمعدل 0.1 - 0.2 درجة مئوية كل عشر سنوات، كما تم رصد ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون وانحسار بعض المناطق الجليدية، وهي مشاهد تدق ناقوس الخطر لاتخاذ تدابير عدم زيادة درجة الحرارة وتقليل ذوبان الجليد الذي يزيد من ارتفاع سطح البحر، كما أن ارتفاع الحرارة يزيد أيضا من تمدد مياه البحار وزيادة الحجم مما يزيد من مستوى البحر وغرق بعض المناطق الساحلية المنخفضة.
أشار إلى أن هناك ارتفاعًا طبيعيًا بطيئًا في درجات الحرارة على سطح الأرض، يحتاج آلاف السنوات لكي يرتفع منسوب سطح البحر متر أو مترين، ولكن يعظمها نشاط الانسان بزيادة التلوث خاصة من غازات ثاني أكسيد الكربون من المحطات توليد الكهرباء والصناعة ووسائل النقل، والميثان من المخلفات والبرك والمستنقعات والمزارع، وأكاسيد النيتروجين من الصناعة والزراعة، والأوزون من الطائرات وغازات كلوروفلوروكربون. وقد ترتفع درجة الحرارة إذا استمر الإنسان في نشاطه الملوث للبيئة، ولكن يصعب الوصول إلى 4 درجات التي قد تحتاج إلى مئات من السنوات وربما الآلاف اذا احتاطت البشرية.العملية بطيئة للغاية، جدا وتأخذ وقت في 500 سنة.