تحديات جسيمة ومتنوعة تعرضت لها القارة الإفريقية خلال عام 2021، والذي يسدل أستاره، أخذت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على عاتقها مواجهتها وتخفيف حدتها وتقليص خسائرها، وذلك بتعاون وتنسيق مع نظرائه قادة الدول الإفريقية، واستنادا لإرادة ورؤية سياسية صائبة لدى القيادة السياسية المصرية باتجاه ترسيخ انتماء مصر الأصيل لقارتها والدفاع عن مصالح القارة وتقوية التواجد المصري بكل عناصره في كافة ربوعها.
وفي هذا الإطار، واصلت الدبلوماسية المصرية خلال عام 2021 وتنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد في 2014 مساعيها لتعزيز علاقات التعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة والدفاع عن مصالح القارة في المنابر الدولية والتأكيد على ضرورة العمل المشترك للنهوض بأجندة العمل الإفريقي من أجل تحقيق الأمن والسلام والتنمية والتكامل الاقتصادي لصالح شعوبها.
إيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمي والقاري وجهود وتحركات لترسخ وتعظيم الدور الريادي لمصر في القارة من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة في كافة المجالات جاءت في صدر أولويات السياسة الخارجية المصرية التي رسمها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل سنوات سبع ليكون الانتماء المصري للقارة الأفريقية في قلب دوائر السياسية الخارجية، بل ويشكل أحد المعالم الرئيسية في تاريخ مصر، فضلا عن دوره في تطوير حاضر البلاد وصياغة مستقبلها.
ويحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على التواصل بصفة مستمرة مع قادة الدول الأفريقية، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات الهاتفية، وكذا من خلال مشاركة سيادته في كافة الاجتماعات والقمم التي تعقد على مستوى قادة القارة.
وفي الوقت الذي ينطلق فيه قطار التنمية بمصر بالتوازي مع تدشين الجمهورية الجديدة.. يظل الدفاع عن حق الدول الإفريقية العادل في التنمية والسلام والاستقرار والتقدم ثوابت للسياسة الخارجية لمصر في عهد الرئيس السيسي، فدافعت مصر عن القارة فيما يتعلق بالمناخ حيث أكد الرئيس السيسي في كلمته أمام الدورة الـ 26 لقمة الأمم المتحدة تغير المناخ "كوب 26" بجلاسجو، أن مصر تدعو لضرورة منح القارة الإفريقية معاملة خاصة في إطار تنفيذ اتفاق باريس.. وخلال القمة ذاتها تم اختيار مصر لاستضافة القمة القادمة كوب 27 للمناخ بالنيابة عن القارة الإفريقية.
كما شهد العام الذي يلملم أوراقه كذلك تسلم مصر وبعد غياب قرابة 20 عاما رئاسة منظمة السوق المشترك للشرق والجنوب الإفريقي "الكوميسا" خلال المؤتمر الذي استضافته العاصمة الإدارية، والذي أكد الرئيس السيسي خلاله تطلعه للعمل مع تجمع "كوميسا" وتعزيز التكامل الاقتصادي بين دوله بما يحقق طموحات أعضائه.
وقال الرئيس السيسي، خلال تسلمه، رئاسة القمة 21 لتجمع "الكوميسا" إن الاقتصاد العالمي والإقليمي شهد العديد من التطورات منذ انعقاد القمة الأخيرة في يوليو 2018 بالعاصمة الزامبية (لوساكا) حيث دخلت منطقة التجارة الحرة القارية حيز النفاذ في يناير 2021، كما صاحب التقدم المحرز في التكامل الاقتصادي القاري العديد من التحديات التي واجهتها دول الإقليم والعالم أجمع بسبب جائحة كورونا، وعلى الرغم من الجهود المبذولة على المستوى الدولي والقاري والإقليمي لمواجهتها، فإن الإقليم مازال يعانى من آثارها السلبية، وتتسم وتيرة التعافي منها بالبطء، الأمر الذي يضع على عاتق هذه القمة العديد من المسئوليات التي يتعين معها تضافر جهودنا المشتركة لمواجهة هذه التحديات، وهو ما يجسده عنوان القمة "تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الاقتصادي الرقمي الاستراتيجي".
وعلى الرغم مما تفرضه تداعيات فيروس كورونا المستجد من تحديات على العالم.. حرصت وزارة الخارجية خلال عام 2021 على تكثيف جهودها لتعزيز التعاون مع الأشقاء الأفارقة، والتأكيد على دور مصر الريادي في القارة، حيث واصلت مصر التعاون على المستوى الثنائي مع كافة دول القارة الأفريقية، وتابعت وتفاعلت بإيجابية مع التطورات في القارة، الأمر الذي انعكس على حجم الزيارات المتبادلة واللقاءات رفيعة المستوي بين مصر والدول الأفريقية.
التوجه نحو إفريقيا، هو بلا شك منظور ثابت ومستقر لسياسة مصر الخارجية في عهد الرئيس السيسي إذ تسعى (القاهرة) دوما لتحقيق المزيد من التضامن الأفريقي وصولا إلى الأهداف المشتركة.. توجه تعكسه الزيارات المتبادلة بين المسئولين المصريين والأفارقة وكان أبرزها الجولة الأفريقية التي قام بها في شهر أبريل الماضي وزير الخارجية سامح شكري، والتي شملت (كينيا وجزر القمر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية والسنغال وتونس) حيث قام بتسليم رسائل من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قادة تلك الدول الأفريقية الشقيقة حول تطورات ملف سد النهضة؛ كما عقد وزير الخارجية لقاءات مع العديد من المسئولين في هذه البلدان.
واستقبل الوزير شكري - خلال العام - عددا من النظراء الأفارقة كما واصل الاتصالات مع آخرين؛ لبحث العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية وسبل النهوض بالقارة، فضلا عن المشاركة في الفعاليات والمؤتمرات الأفريقية.
توجه ثابت لدى الدولة المصرية بإيلاء الأولوية السياسية لدفع وتطوير العلاقات المصرية مع الدول الأفريقية وضرورة تنسيق الجهود الوطنية وتعزيزها في سبيل مواصلة التحرك النشط على الساحة الأفريقية والارتقاء بالعلاقات الثنائية مع مختلف دول وأقاليم القارة في شتى المجالات ذات الأولوية المشتركة للجانبين، توجه أكد عليه مجددا قبل أيام وزير الخارجية وزير الخارجية سامح شكري خلال اجتماع اللجنة الدائمة لمتابعة العلاقات المصرية الإفريقية، وذلك في ضوء الارتباط التاريخي والمصالح الاستراتيجية المشتركة التي تربط مصر بدول القارة في إطار من الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.
كما شهد العام الجاري إنجازا كبيرا على المستوى الأفريقي، حيث تم مؤخرا الإعلان عن إطلاق مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات بالقاهرة في خطوة جديدة تؤكد حرص مصر الدائم على دعم الاستقرار والتنمية في الدول الإفريقية الشقيقة، واضطلاعها بدور فاعل في حفظ السلم والأمن بالقارة.. خطوة مهمة عكسها الترحيب الذي عبر عنه قيادات ومسئولون لاسيما بالاتحاد الأفريقي، ومن بينهم السفير "بانكولي أديوي" مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي الذي أعرب عن تقدير الاتحاد للدور الريادي النشط الذي يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي لدعم أنشطة إعادة الإعمار والتنمية في مختلف أنحاء القارة، مثنياً على ما يقوم به سيادته من جهود في حشد الموارد الدولية لدعم الدول الإفريقية الخارجة من نزاعات.
وكان الاتحاد الإفريقي قد أقر في عام 2019، خلال رئاسة مصر للاتحاد، تولي رئيس الجمهورية ريادة ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات بالقارة؛ وفي هذا الإطار قام كل من وزير الخارجية سامح شكري ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي "موسى فقيه" بالتوقيع في ديسمبر 2019 على اتفاقية استضافة المقر، على هامش النسخة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة.
وسيقوم المركز بمزاولة أعماله في الوقت الراهن من خلال مقر مؤقت وفرته الدولة المصرية، وذلك لحين الانتهاء من بناء وتجهيز المقر الدائم للمركز في الحي الدبلوماسي بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وفي إطار دورها التاريخي البارز في القارة السمراء تولت مصر خلال نوفمبر الماضي ولمدة شهر الرئاسة الدورية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، أحرزت خلالها نجاحاً في تفعيل معالجات قضايا السلم والأمن ذات الأولوية على الساحة الأفريقية، لتشكل خطوة جديدة على صعيد تعزيز دور مصر في مجال العمل الأفريقي المُشترك.
وخلال شهر رئاسة مصر للمجلس عقدت خمس جلسات مفاهيمية تضمنت جلسة وزارية حول مُكافحة الإرهاب عبر تفكيك الخطاب والأيدولوجيات المُتطرفة وتجفيف منابع التمويل، وجرى خلالها استعراض التجربة المصرية الرائدة في هذا المجال وخاصةً مُبادرات رئيس الجُمهورية فيما يخص تجديد الخطاب الديني بالتعاون مع المُؤسسات الدينية، فضلاً عما أكدته الجلسة من أهمية تبادل الخبرات وأفضل التجارب والمُمارسات بين الدول الأفريقية الشقيقة، لاسيما في ظل تنامي خطر الإرهاب بمناطق الساحل والقرن الأفريقي ووسط أفريقيا.
كما عقدت الرئاسة المصرية للمجلس جلسة حول بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، وهو الملف الذي يتولى رئيس الجمهورية ريادته على صعيد الاتحاد الأفريقي وتستضيف القاهرة مقر مركز الاتحاد الأفريقي المعني بهذا الموضوع، وذلك بجانب قيام المجلس بعقد جلسة مُشاورات مُشتركة مع لجنة بناء السلام بالأمم المتحدة والتي تترأسها مصر.
وفي إطار الاهتمام مصر بقضايا المناخ في القارة واستضافة شرم الشيخ لقمة المناخ القادمة كوب 27 العام المقبل، عقدت أيضاً جلسة خلال الرئاسة المصرية للمجلس لدراسة تبعات التغير المناخي على السلم والأمن في القارة؛ وكذا جلسة حول حماية المرافق والأطقم الطبية في سياق الصراعات المُسلحة امتداداً للمُبادرة التي تُشارك مصر في قيادتها بمجلس الأمن الدولي، فضلاً عن عقد جلسة حول تعزيز دور المرأة في سياق السلم والأمن.
كما عقدت خلال شهر الرئاسة المصرية لمجلس السلم والأمن وفي إطار اهتمام القاهرة بمسالة حل النزاعات في القارة الأفريقية، جلسة تم خلالها التركيز على تناول الأزمات التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي، كما عقدت جلسة لمناقشة التطورات في السودان اتصالاً بالاتفاق السياسي في 21 نوفمبر 2021؛ كما ترأس مندوب مصر لدى الاتحاد الأفريقي السفير محمد جاد وفداً لمجلس السلم والأمن الأفريقي في زيارة للعاصمة الصومالية مقديشيو خلال الفترة من 8-10 نوفمبر الماضى لمناقشة كيفية تقديم الدعم للصومال في إطار تنظيم الانتخابات، وكذا فيما يتعلق بالترتيبات الخاصة ببعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال "أميصوم" في مرحلة ما بعد عام 2021.
وحرصا من مصر على دعم الأشقاء الأفارقة في مختلف المجالات وفي إطار النهج والتوجه المصري لإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء... تساهم الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في أفريقيا في بناء قدرات أشقائنا الأفارقة في مختلف المجالات.
وتهدف الوكالة منذ إطلاقها في 2014 إلى المساهمة في تعزيز جهود مصر في مجال التعاون الدولي، خاصةً التعاون بين دول الجنوب، في المجالات ذات الصلة بالتنمية المستدامة في الدول الأفريقية والإسلامية، من خلال تقديم دعم فني في مختلف المجالات، وبرامج لبناء القدرات، ودورات تدريبية، ومعونات إنسانية، ومساعدات طارئة، بالإضافة إلى تنظيم ندوات، وزيارات ميدانية.
كما تقوم الوكالة كذلك بدعم جهود الدول الإفريقية في تنفيذ أجندة أفريقيا 2063، وفي تحقيق أهداف الألفية للتنمية؛ وتسعي لمساعدتها علي تحقيق أجندة تنمية الأمم المتحدة لما بعد 2015، بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة، خاصةً الأهداف الخاصة بالصحة، والتعليم، وتمكين المرأة؛ بخلاف سعى الوكالة للاستجابة بسرعة للاحتياجات الطارئة للبلدان التي تواجه أزمات أو كوارث طبيعية من خلال تقديم المساعدات الطبية واللوجستية والغذائية والمالية، وتشارك مع وزارة الصحة في إرسال قوافل طبية إلى البلدان الأفريقية، حيث تم تنظيم 416 دورة تدريبية للكوادر من الدول الإفريقية ودول الكومنولث بمشاركة أكثر من 13 ألف متدرب.
وأوفدت الوكالة كذلك على مدار السبع سنوات 14 قافلة طبية للدول الصديقة وتم تقديم 180 معونة متنوعة من خلال أعمال الوكالة.
كما تحرص مصر أيضا على دعم بلدان القارة، حيث قدمت المساعدات الطبية والمستلزمات الوقائية لأكثر من 30 دولة أفريقية لمساعدتهم في مجابهة انتشار فيروس كورونا.
ارتباط تاريخي ومصالح استراتيجية مشتركة وإيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمي والقاري وحرص على العمل على النهوض بالقارة وتحقيق طموحات شعوبها ودولها مع الدفاع عن حقوقها تظل ثوابت راسخة ترجمتها الدبلوماسية المصرية بسياسات وزيارات وقرارات إيجابية وعملية متكاملة حظيت بمصداقية وترحيب كبيرين لدى كافة الدول والمحافل الإفريقية منذ تولي الرئيس السيسي رئاسة مصر.