قال قائد سلاح الجو الأمريكي، الجنرال سي كيو براون الابن، إن لقاءاته مع أكثر من 50 من قادة أسلحة الطيران في الدول الحليفة والشريكة في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط خلصت إلى أنه لمواجهة صعود الجيشين الصيني والروسي أو التحديات الأمنية الأخرى، فإنه يتعين المضي قدماً في تبني مفهوم "التوافق العملياتي" وتقاسم المعلومات.
جاء ذلك في مقال لقائد سلاح الجو الأمريكي نشرته مجلة (ديفينس نيوز) الأمريكية، ضمن ملف موسع للتوقعات العسكرية والأمنية لعام 2022، شمل أكثر من 26 شخصية بارزة من الدول الغربية والحليفة من بينهم وزراء دفاع، وقادة عسكريون، وباحثون وخبراء استراتيجيون بارزون، ومديرو شركات دفاعية وتكنولوجية كبرى.
واعتبر المسؤول العسكري الأمريكي، أن "التوافق العملياتي" يعد بمنزلة كلمة السر اللازمة لتحقيق النصر في الحروب المستقبلية.
وتابع الجنرال سي كيو براون: "قبل سنوات مضت، عندما كنت أقود حملة جوية ضد قوات تنظيم (داعش) في العراق وسوريا، وحشدنا موارد وقدرات قتالية من 78 دولة في التحالف لدحر عدو وحشي.. ومن بين الدروس والعبر التي استقيناها من تلك التجربة، بقيت عبرة لا زال صداها يتردد في الذهن حتى الآن وهي أن (التوافق العملياتي) أتاح مزايا جوهرية ومرونة هيأت الساحة لتحقيق النصر".
وأردف: "هناك درس آخر تعلمته من تلك التجربة أن التوافق العملياتي- أي مدى ما يتشارك فيه الحلفاء والشركاء من تدريبات وتقنيات وقدرات مشتركة فيما بينهم- يمثل خميرة إنضاج للتقدم.. وفي حالة الحملة ضد تنظيم (داعش)، فإن السرعة التي تم بها بناء التحالف استفادت من فرص (التوافق العملياتي) المكتسبة من علاقات وتجارب سابقة في الماضي".
وقال إن "(التوافق العملياتي)، ليس أمراً ننجزه ثم نُنحيه جانباً باعتباره أمراً ثابتا، فهو يتطلب يقظة دائمة، لذا علينا إيجاد طرق جديدة لربط القوات، والحلفاء، والشركاء لضمان الرد بفعالية ضد التحدي المتمثل في بيئة متنازع عليها بشدة، ولم نشهد مثلها خلال الأعوام العشرين الأخيرة.. وفي ضوء التحديات التي نواجهها اليوم وفي المستقبل، فإننا بكل بساطة ليس لدينا أي خيار آخر سوى أن نصبح أكثر فعالية في توافقنا العملياتي.. تلك الرؤية لا أنفرد بها ولا تخصني فحسب، فوزير الدفاع، لويد أوستين، جَسّد الحاجة إلى (التوافق العملياتي) فيما أطلق عليه (الردع المتكامل)".
وأضاف "تكشف رؤية الوزير لويد أوستين أن الردع في الوقت الحاضر لا يعتمد على ساحة أو سلاح أو مجموعة مهارات بعينها.. فهو يعتمد على شبكات نُشيدها عبر جميع قطاعات الجيش.. وسوف نستخدم القدرات الموجودة، ونبني أخرى جديدة، وسنوظفها كلها بسبل مترابطة جديدة- جنباً إلى جنب مع حلفائنا وشركائنا".
وتابع: "أن وزير الدفاع قال إن ما نحتاجه هو مزيج تكنولوجي، ومفاهيم عميلياتية، وإمكانيات مواتية- يتم غزلها جميها معاً بطريقة مترابطة تتسم بالواقعية والمرونة والصلابة، بحيث تكون قادرة على صد أي عدو".. لا أرى أن هناك أفضل من ذلك.. فلكي نكون قادرين على توفير الأمن اللازم لأمتنا، يتعين علينا العمل بتلاحم وتناغم، وبعبارة أخرى يمكننا القول ينبغي أن نكون متوافقين عملياتياً".
وأردف: "كانت مسألة تحسين (التوافق العملياتي) وتنقيتها هي الموضوع الأبرز الذي تناولته أثناء 50 لقاء تفاعليا أجرته مع قادة الأسلحة الجوية في مناطق (الإندو- باسيفيك) (المحيطان الهندي والهادي)، وأوروبا، والشرق الأوسط.. وتوافقنا على أنه إذا أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها مواجهة صعود الجيشين الصيني والروسي أو التحديات الأمنية الأخرى، فيجب علينا أن نخطو خطوات واسعة على صعيدي (التوافق العملياتي) والتقاسم المعلوماتي، وأن نعيد التفكير في رؤيتنا حيالهما".
وقال: "لذا عندما نتساءل، كيف يمكننا المضي قدماً في تشاركية التدريب والتكنولوجيا والقدرات، وتحقيق ذلك بصورة أفضل؟ هناك ثلاثة أفكار تبرز إلى الذهن، أولاً، أن نعطي الأولوية لمشاركة التكنولوجيا وتحفيز الصناعة على تصدير التكنولوجيات التي تحقق الغرض، ثانياً، أن علينا أن نرتب أفكارنا بشأن التهديدات المحتملة قبل تطوير القدرات الجديدة حتى نتجنب إجراء تعديلات على ما حدثناه، ثالثاً، ينبغي علينا إعادة مراجعة وتقييم سياساتنا وتقاسم قدراتنا لتجنب الإزدواجية، والتأكيد على أننا نعمل على خفض التكاليف بالوصول إلى أقصى قدرات ممكنة".
وأضاف: "من الأنباء الجيدة، أن وزارة الدفاع جعلت من مشاركة التكنولوجيا أولوية، وعززت قدرات الأسلحة على تشيد قدرات قابلة للتصدير.. ويتطلب ذلك تغيراً جوهرياً في الثقافة، وأن نتحرك بوتيرة أسرع لإزالة المعوقات والقضاء على البيروقراطية، لكن العوائد المنتظرة ستكون حقيقية مع تحولنا بشكل متسارع إلى تصميمات رقمية جديدة لقدراتنا العسكرية".
وتابع: "يجب علينا أن نتحلى باليقظة في الاتصالات وترتيب تقييماتنا للتهديدات مع الحلفاء والشركاء، علاوة على تطوير الحلول الممكنة بالتعاون معهم.. نحن بحاجة إلى إجراء تغيير جماعي للسياسات، وتجسير الفجوات، وتطوير الحلول.. وإذا تمكنا من إنجاز ذلك، نكون قد أعددنا قدرات مناسبة لـ(التوافق العملياتي) مع حلفائنا وشركائنا، وهو ما سيوفر لنا قدرات هائلة مع توفير المال والوقت".
وأردف: "على سبيل المثال، سيكون بوسع الحلفاء والشركاء العمل بصورة جماعية للتأكيد على مخزونات الذخائر الكافية.. ولإنجاز ذلك، يستلزم الأمر قواعد تصدير صارمة.. وإعداد مثل تلك القواعد وتهيئتها يمكنه أن يتيح لنا نموذجاً للتعاون الأمثل بشأن التشارك على نطاقات واسعة وبفعالية، من المعلومات وصولاً إلى الموارد، كأن تنتقل المعلومات من حاملة طائرات أو طائرة استطلاع لتستقبلها قدرات عسكرية أو تكنولوجيات أخرى".
وأكد أن هناك حاجة إلى زيادة سرعة ودقة المعلومات وكيفية حمايتها من الاختراق أو الاعتراض، ولا يمكن تحمل تبعات عمليات مؤسسية سيادية انعزالية وعفا عليها الزمن، إذا كنا نرغب في تحقيق الاستفادة القصوى من المزايا التكنولوجية الجماعية.
وأشار إلى تبني قادة سلاح الطيران في دول عدة مسألة زيادة التدريبات المشتركة في منطقة "الإندو- باسيفيك" وفي أوروبا؛ لتعزيز التدريب على طرازات مقاتلات متطورة وأجهزة محاكاة للطيران، كما كان هناك اهتمام ملحوظ بسبل تطوير مشاركة المعلومات المتعلقة بالتدريب، وتحليل المجال الجوي، وعمليات المقاتلة "F-35"، مؤكدا أن كثيرا من تلك المقترحات تبدو قابلة للتنفيذ بشكل كبير.
وقال إن "قائمة الفرص المتاحة تضم بنوداً عديدة.. لكن علينا أن نعرف أنه: لدى قيامنا بدراسة التهديدات الجديدة للأمن العالمي، تأكدنا أن الوقت قد حان للوصول إلى مستوى أعلى كثيراً من (التوافق العملياتي) مع حلفائنا وشركائنا، وتعلمنا دروس التاريخ أن تشارك القوى وتجميعها يولد قدرات، وصفها وزير الدفاع بأنها مرنة وهائلة، وقادرة على أن تصد أي عدوان".
وأضاف: "يُعد (التوافق العملياتي) آلية محورية لتحقيق هذا الهدف.. وهذا يفسر لماذا يُعتبر تركيزنا على توسيع نطاق "التوافق العملياتي" وتطويره هدفاً لا يمكن أن نحيد عنه.. كما أنه يفسر لماذا يُعد هذا الجهد في الوقت الراهن- وسيبقى مستقبلاً- مكوناً حيوياً لأمننا القومي".