عبدالناصر قطب
تحت قيادة الرئيس السيسي ..البناء "حلقات متصلة " في الجمهورية الجديدة
مشاهد حضارية للتسليم والتسلم بين الوزراء الجدد والقدامي في حكومة الدكتور مدبولي
• مصر أولا وآخيرا.. تصفية الحسابات علي صفحات السوشيال ميديا لن تنال من الدور الوطني للقطاع المصرفي
• مرحلة جديدة للقطاع المصرفي تواصل البناء علي ما سبق خلال ثماني سنوات
• سجل ضخم من الإنجازات للقطاع المصرفي المصري رصدته مؤسسات مالية كبيرة
• استقرار سوق النقد ودعم مشروعات التنمية عبر مبادرات مهمة أطلقها البنك المركزي أهم الإنجازات
منذ أن أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي انطلاق قطار الجمهورية الجديدة لبناء دولة مصرية حديثة ، تنهض من عثراتها ، وتحسن من مستوي المعيشة لجميع مواطنيها، في كل شبر علي أراضيها ، وهناك ثوابت بدأت تتكرس في العمل العام ، أبرزها التأكيد من قبل القيادة السياسية أن الجميع يعمل في إطار وبوتقة واحدة ، وتحت لواء واحد هو لواء خدمة الوطن والمواطنين ، وأنه لا أحد فوق المساءلة ، كما أنه تكرس في العمل العام أن كل فرد يقوم بمهمة لتكمل مهمة الآخر أيا كان موقعه ، لا لتتصارع أو تتناقض معه ، فالكل يعمل في دولة كالبنيان المرصوص ، كل يسند الآخر، ويساعد في بناء الوطن .
شهدنا ذلك في التعديلات الوزارية الأخيرة ، وكيف كانت المشاهد الحضارية للتسليم والتسلم بين الوزراء الذين غادروا مقاعدهم ، بعد أن أدوا مهمتهم ، وبين الوزراء الذين تسلموا لواء المسئولية ، وشهدنا كيف أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي للوزراء الجدد علي أهمية التواصل المنتظم مع المواطنين، وتقديم أفضل الخدمات لهم في مجال عمل كل وزارة، مع نشر وتعميق الوعي العام بشأن التحديات الدولية والإقليمية والداخلية التي تواجه الدولة، وكذلك الجهود وحجم الإنجازات والتطورات الحالية في إطار التنمية الشاملة التي تشهدها مصر على امتداد محافظاتها ورقعتها الجغرافية.
كما شدد الرئيس السيسي على الوزراء الجدد التحلي بالتجرد والتفاني وترسيخ مبدأ الكفاءة والأداء المتميز وبذل أقصى جهد كمنهج إدارة ثابت لإعلاء مصلحة الوطن في المقام الأول، وذلك لحجم المسؤولية الكبيرة التي يتولونها في ظل المتغيرات الدولية التي انعكست داخلياً على دول العالم ومنها مصر وفرضت العديد من التحديات التي تتطلب العمل الدؤوب المتواصل بإرادة قوية وبلا كلل.
كما وجه الرئيس السيسي الوزراء الجدد بالوقوف بدقة على كافة أدوات وإمكانيات وزاراتهم والمؤسسات والهيئات التابعة لها وحسن إداراتها لتعظيم نتاج تلك الإمكانيات وتطوير أسلوب عملها بهدف تحقيق أقصى استفادة وعائد ممكن، مع الانتباه جيدا لكفاءة آليات التنفيذ كعامل حاسم في نجاح التخطيط ليصبح واقع ملموس.
كما وجه الرئيس السيسي بتطوير برامج التدريب والتأهيل ورفع قدرات الموارد البشرية خاصة من الشباب مع التركيز على العناصر المتميزة، باعتبارهم الكتلة الواعدة التي تمتاز بالكفاءة العملية والذهنية بجانب القدرة على إنتاج الأفكار للتعامل مع مختلف القضايا بشكل مبتكر غير تقليدي.
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أكد بدوره أن الوزراء الجدد عازمون على العمل بأقصى طاقاتهم والبناء على ما تم تحقيقه من إنجازات ودراسات لاستكمالها وتنفيذها، ولحرص على التنسيق والتناغم بين الوزارات وكافة قطاعات وأجهزة الدولة المختلفة، على نحو يعظم من عملية التنفيذ الأمثل لبرامج وخطط الدولة، مشيراً إلى أن الحكومة تحرص على الإسراع بوتيرة إنجاز مختلف المشروعات القومية وتنفيذ جميع التكليفات الموكلة إليها.
وفي أول اجتماع للحكومة بعد التعديلات الأخيرة ، شهدنا كيف أن رئيس الوزراء توجه بالشكر لزملائه من الوزراء السابقين مشيرا إلى أنهم بذلوا جهودا مُضنية في فترات دقيقة مرت بها الدولة المصرية، في ظل تحديات غير مسبوقة لم يشهدها العالم من قبل، وليست مصر فقط ، كما توجه رئيس الوزراء بالتهنئة للوزراء الجُدد، معرباً عن تمنياته لهم بالتوفيق والسداد في المهام المُوكلة إليهم، ومؤكدا أنهم كحكومة يبنون على ما بذله زملاؤهم السابقون، كلٌ في قطاعه، ويستكملون معا مسيرة العمل الواحد، لخدمة مصرنا العزيزة، وشعبنا العظيم.
مسيرة العمل إذن هي مسيرة تسليم وتسلم وبناء علي ما سبق ، في مرحلة من أخطر المراحل التي يمر بها الوطن ، وتحتاج إلي رفع شعار البناء والتنمية في كل لحظة ، حيث لا وقت إلا للعمل بجد واجتهاد وإخلاص ، ولا وقت لصراعات أو تصفية حسابات ، بين مسئول لاحق ومسئول سابق ، فالكل يعمل في إطار عجلة التنمية التي دارت وتدور في كل القطاعات بلا استثناء ، حيث لا رفاهية سوي لرفاهية الإنجاز وحده .
حتي لا يرتبك القطاع المصرفي
بعد أيام من التعديل الوزاري جاء الدور علي القطاع المصرفي ، ليشهد واحدا من أهم التغييرات بإعلان رئاسة الجمهورية قبول اعتذار طارق عامر محافظ البنك المركزي السابق عن الاستمرار في منصبه ، وتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية ، كما قدم الرئيس السيسي الشكر لعامر علي الجهود التي بذلها خلال فترة توليه المسئولية .
ومن جانبه قدم طارق عامر الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية على مساندته له خلال فترة توليه منصبه، وأكد أنه طلب الاعتذار عن منصبه لضخ دماء جديدة و لاستكمال المسيرة التنموية الناجحة تحت قيادة رئيس الجمهورية.
الرئيس السيسي اختار لاستكمال المهمة المصرفي الكبير حسن عبد الله ، مكلفا إياه بالعمل علي ضرورة تطوير السياسات النقدية لتتواكب مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، والعمل على توفير مصادر متنوعة للموارد من العملات الأجنبية ، كما شدد الرئيس خلال اللقاء مع القائم بأعمال محافظ البنك المركزي على ضرورة العمل على توفير المناخ المناسب للاستثمار.
هنا أيضا مهمة يستكملها أبناء مصر ويسلم كل منهم الراية للآخر ، للبناء علي ما تم من جهود ، وجميعها جهود ملحوظة ..
لكن أغرب ما يمكن ملاحظته خلال الأيام الفائتة ، هو بث السموم علي صفحات السوشيال ميديا ومواقع التواصل الأجتماعي ، حيث ظهر الحقد الدفين وكم مهول من الشماتة وتحويل الأمر من الصالح العام وخدمة الدولة المصرية في أصعب فترات تاريخها إلي المطالبة بتصفية الحسابات والحث علي نكران الجميل وسلب الناس حقوقهم ودورهم الذي أدوه لهذا الوطن بكل نزاهة ووطنية ..وهو الأمر الذي بات معه القطاع المصرفي يعيش في حالة كبيرة من القلق والرعب وهو ما سيؤدي حتما إلي عودة الأياد المرتعشة التي ستخشي وستهاب إتخاذ أية قرارات ما لم يسارع محافظ البنك المركزي الجديد إلي وضع الأمور في نصابها وتوضيح الأهداف والسبل التي سيسير عليها وفي أسرع وقت خاصة وأن القطاع المصرفي ليس كغيرة من القطاعات التي يمكن أن تتحمل الهزات أو الأحتمالات أو "القيل والقال" ..
ولأن الأمانة تقتضي أن يأخذ كل ذي حق حقه ، فأنه من الواجب أن نعيد التذكير بالدور الذي قام به "طارق عامر" محافظ البنك المركزي السابق في واحدة من أصعب الفترات التي شهدتها مصر واشدها ضراوة ..
في السنوات التي أعقبت ثورتي 25 يناير و 30 يونيو ‘ كان الوضع الأقتصادي لمصر قد وصل لدرجة من السوء تكاد تصل بهذا الوطن إلي الوضع الكارثي ‘ حيث عمت الفوضي جميع القطاعات وتخلفت جميع مصادر الدخل القومي من النقد الأجنبي سواء من قطاع السياحة أو الصادرات أو الأستثمار الأجنبي أو تحويلات المصريين بالخارج وهربت رؤوس الأموال للخارج وأشتعلت السوق السوداء للدولار وتضاعفت الواردات وهو ما أدي إلي تأكل أحتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي حتي وصل رصيده إلي السالب ، زاد عجز الموازنة وأرتفع التضخم إلي أرقام قياسية وحدث أكبر خلل في ميزان المدفوعات ..
فأرقام تلك الفترة تشير إلي أن إيرادات النقد الأجنبى فى قطاع السياحة قد انخفضت من 11 مليار دولار فى عام 2010 إلى 3.4 مليار دولار فى عام 2016 وبلغ عجز الحساب الجارى لميزان المدفوعات من 4 مليارات دولار فى 2010 إلى 20 مليار دولار فى منتصف يونيو 2016.
وتراجعت حصيلة الصادرات من 24 مليار دولار فى 2010 إلى 19 مليار دولار فى 2016، بينما زادت قيمة الواردات من 49 مليار دولار فى 2010 إلى 57 مليار دولار فى 2016، الأمر الذى شكل فجوة بين قيمتى الصادرات والواردات، انعكست سلبا على ميزان المدفوعات. وفى أكتوبر 2016 بلغت أستثمارات الأجانب في أذون الخزانة أقل من مليار دولار.
ولقد تسبب هذا التراجع في مختلف القطاعات علي وضع الاحتياطي النقدي لمصر الذي كان قبل ثورة يناير وفي نهاية 2010 قد بلغ نحو 36 مليار دولار، لكنه تأثر سلبيًا بشكل كبير ‘ فوصل إلى 26.564 مليار دولار في يونيو 2011، أى أنه تراجع 10 مليارات دولار ، وفي يناير 2012، واصل الاحتياطي النقدي لمصر تراجعه ونزيفه، حيث بلغ 18.1 مليار دولار، بخسارة تقدر بحوالى 8 مليارات، ، وفي يونيو 2012 وصل الاحتياطي الأجنبي إلى 15.534 مليار دولار، ومع تولى الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم في يوليو من العام نفسه، انخفض الاحتياطي بمقدار 1.6 مليار دولار، ووصل إلى 13.9 مليار دولار‘ وفي يناير 2013 انخفض الاحتياطي إلى 13.6 مليار دولار، وحصلت مصر بعدها على عدة ودائع من بعض الدول العربية وقروض من قطر وتركيا، فارتفع الاحتياطي النقدي في يونيو 2013 إلى 14.9 مليار دولار.
وفي يناير 2014 سجل الاحتياطى الأجنبى ارتفاعًا جديدًا ببلوغه 17.1 مليار دولار، وفي يونيو من العام ذاته انخفض إلى 16.687 مليار دولار ‘ وفي يناير 2015 واصل الاحتياطي النقدي الأجنبي تراجعه فسجل 15.429 مليار دولار، بينما في يونيو 2015 بلغ نحو 20.08 مليار دولار، وفى يناير 2016 وصل إلى 16.477 مليار دولار بالرغم المليارت التي تم دعمه بها من جانب الدول الخليجية ، بينما سجل فى يونيو 16.3 مليار دولار.
- أنخفاض مؤشرات القطاعات الأقتصادية كان له أكبر الأثر في أن يصل التضخم في نوفمبر 2016 إلي 23%. وأيضا علي تصنيفات المؤسسات الدولية التي كانت تصنف مستقبل الأقتصد المصري وقتها بأنه سلبي
الأمر لم يتوقف عند أستفحال التضخم والنظرة السلبية لتصنيف الوكالات الدولية ‘ ولكن كان الخطر الأكبر في أن الضعف الأقتصادي سيكون له مردود سيئ علي الأمن القومي لمصر والتي كان تعاني من ما يشبه الحصار وتربص الدول المعادية ودعم الأرهاب وخطر بناء السد الأثيوبي وتراجع الدور الدولي والأقليمي ‘ فكيف لدولة فقيرة اقتصاديا أن تنجو من تقطيع أوصالها و يعلو رأسها وسط عالم يتعامل أعضائه بمنطق الغاب.
إنجازات القطاع المصرفي
كل ذلك تغير تماما عقب تعيين طارق عامر محافظا للبنك المركزي ، ولقد كانت لجرأته في أتخاذ القرارات الواحد تلو الآخر ، ما مكن الدولة المصرية من أن تعبر الحالة الحرجة االتي كانت عليها، حيث قاد عامر معركة الإصلاح المصرفي بجدارة وأقتدار وتوالت خلال فترة توليه الإنجازات وأصبحت المؤشرات الاقتصادية تصل إلي قفزات تاريخية ، ثم كان الدور الأهم والأكبر وهو تسخير القطاع المصرفي لخدمة قضايا التنمية في مصر .
فعلي مدار السنوات الثماني الماضية ، نجح القطاع المصرفي المصري في تحقيق إنجازات هائلة، أشادت بها مؤسسات مالية كبيرة؛ من بينها استقرار سوق النقد ودعم مشروعات التنمية عبر مبادرات مهمة أطلقها البنك المركزي، وذلك رغم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي خاصة خلال العامين الأخيرين.
وأصبحت البنوك المصرية تتمتع الآن بمستويات جيدة من كفاية رأس المال، كما أن كثيرا منها يدعم قطاع المشروعات الصغيرة كمجال جديد للنمو ، كما تشير جميع المؤشرات المالية للقطاع المصرفي المصري إلى سلامة مالية ومتانة ملحوظة في أداء المصارف المصرية رغم الظروف العالمية الصعبة ما يعكس صلابة ومرونة القطاع المصرفي في التعامل مع المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية.
وبحسب المصرفيين أنفسهم ، فإن القطاع المصرفي المصري دعم عبر سياساته التي يقودها المركزي المصري برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي عزز نمو الاقتصاد وتوفير فرص عمل ، حيث ذكر صندوق النقد الدولي، في تقرير سابق، أن استمرار مرونة الصرف في مصر ساعد على استيعاب الصدمات الخارجية، مؤكدا أن النظام المصرفي المصري يتمتع بالسيولة والربحية والرسملة الجديدة.
كما ذكر البنك الدولي سابقا أن مصر أطلقت برنامجا طموحا لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي، نجحت من خلاله في القضاء على التشوهات في سوق الصرف الأجنبي ، وتصحيح الارتقاء الحقيقي في قيمة الجنيه.
كذلك شهدنا ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من 12 مليار دولار عام 2014، لنحو 35 مليارًا و495 مليون دولار أمريكي مقابل 37 مليارًا و123 مليون دولار أمريكي بنهاية أبريل السابق ما عزز استقرار سوق الصرف وقوة الحنيه أمام العملات.
و من بين النجاحات التي حققها الاقتصاد خفض عجز الموازنة من 12٪ في العام المالي 2014 إلى 7.8% خلال العام المالي 2020/ 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.1% في العام المالي 2022 / 2023.
كذلك انتعشت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه، وسجلت أرقاما قياسية وصلت إلى 31.4 مليار دولار في 2021 مقارنه ب 19.6 مليار دولار في العام المالي 2014.
وبحسب الخبراء والمحللين فإن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم تطبيقه في نوفمبر 2016 ، وكان للقطاع المصرفي دور كبير فيه – ولا يزال - كان له مردوده الإيجابي على الاقتصاد المصري ككل وليس على القطاع المصرفي ، ففي خلال 3 سنوات ، تراجع الجنيه المصري إلى 11.06% ، في حين تراجع الين الياباني إلى 22.07%، وخلال 5 سنوات تراجع الجنيه المصري 3.3% فقط.
وعندما قررت الولايات المتحدة رفع سعر الفائدة، فإن جميع العملات على مستوى العالم انخفضت أمام الدولار ، في الوقت الذي حافظ فيه الجنيه المصري على مدار 5 سنوات على مستواه ، حتي ذكر الخبراء أن الاستثمار في الجنيه المصري أفضل من الاستثمار في الدولار.
ودللوا علي ذلك بأنه خلال الخمس سنوات نزل الجنيه المصري 3% تقريبا، بمعنى أن الذي اشترى الدولار منذ 5 سنوات كان مكسبه 3% فقط، حيث إن عائد الدولار نص أو واحد في المائة على الدولار، بمعنى أن 1% على مدار 5 سنوات بالإضافة إلى 3% يكون الناتج 7 % تقريبا.
في المقابل، فإن الاستثمار في الجنيه المصري، وعلى مدار 5 سنوات، كانت توجد شهادة 20% ، وبعدها شهادة 17 % و 15% ، فلو استثمرت 15% لمدة سنتين يكون لديك استثمار 30% ، وبعد ذلك استثمرت بـ 11% ، خلال ثلاث سنوات يكون لديك 33% ، وبالتالي يكون حاصل الاستثمار خلال 5 سنوات 63% ، وبالتالي يكون الاستثمار في الجنيه المصري أفضل.
إنجازات الإصلاح الاقتصادي ودور القطاع المصرفي فيها ، رصدته مؤسسات دولية ، وذكرت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني إلى أنه مع استقرار الجنيه المصري مقابل الدولار، باتت معدلات التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي المصري مع استقرار نطاق الأسعار.
وانعكست تلك الإجراءات في تحسين مصادر النقد الأجنبي وأبرزها، زيادة الصادرات السلعية بنسبة 59.3% لتبلغ 34.4 مليار دولار خلال عام 2021/2020، مقارنة 21.6 مليار دولار خلال عام 2016/2015.
ومنذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي ركز البنك المركزي على دعم الاستقرار النقدي والمالي خاصة قضية التضخم ، فمثلا في عام 2016 و 2017 قام البنك المركزي برفع أسعار العائد بـ10% وبالفعل تم السيطرة علي التضخم لينخفض من 33% إلى 3.5% ، وانخفضت معدلات البطالة إلى حوالي 7.5%.
وأدى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى استقرار جيد وتدفقت رؤوس الأموال على الاقتصاد المصري وأصبح لنا مكانة كبيرة في أسواق المال الدولية الضخمة، واستطعنا أن نجذب تمويلا لمصر لمدد وصلت إلى أربعين عاما، وهو ما لم يحدث من قبل.
كما أدى تعرض الاقتصاد العالمي حاليًا وبالأخص الدول الناشئة في الوقت الحالي لصدمات خارجية متزامنة متمثلة في ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، وارتفاع تكلفة التمويل في ضوء قيام العديد من البنوك المركزية العالمية بزيادة أسعار الفائدة لديها لكبح جماح التضخم المتزايد وبشكل غير مسبوق ، مما دفع بالبنك المركزي المصري إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستباقية، وتم إصدار شهادات بفائدة 18%، للحفاظ على سلامة واستقرار السوق في مواجهة الأحداث المتصاعدة - والتي لم تكن ذات طبيعة أو لأسباب محلية بل كانت ذات طابع خارجي تمامًا.
وفيما يتعلق بالضغوط التضخمية، اتخذ البنك المركزي المصري خطوة سريعة لتهدئة ارتفاع الأسعار الناجم عن العوامل الخارجية مرة أخرى، وذلك من خلال رفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في مارس 2022، والتأكيد على أهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة أداة لامتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر، وقد ساعد هذا التصحيح البسيط في سعر الصرف في زيادة إيرادات النقد الأجنبي 30%.
وبالنسبة لمستوى كفاية رأس المال ارتفع معيار كفاية رأس المال للجهاز المصرفي المصري حيث بلغ في نهاية ديسمبر 2021 نحو 22.5% مقارنة بنحو 14.7% في نهاية 2017 (الحد الأدنى الرقابي المقرر 12.5%)، فالقطاع المصرفي معزز برؤوس أموال قوية.
وفيما يتعلق بمستوى السيولة ارتفعت نسبة السيولة بالعملة المحلية لدى بنوك الجهاز المصرفي حيث تبلغ نحو 45.4% في آخر ديسمبر 2021 (الحد الأدنى الرقابي المقرر 20%).
كما ارتفعت نسبة السيولة بالعملات الأجنبية لدى بنوك الجهاز المصرفي حيث تبلغ نحو 67.9% في آخر ديسمبر 2021 (الحد الأدنى الرقابي المقرر 25%)، وتبلغ نسبة القروض إلى الودائع لدى الجهاز المصرفي نحو 48.3% في آخر ديسمبر 2021.
وتؤكد جميع المؤشرات أن الجهاز المصرفي المصري ضخم ويتطور ويدافع عن الاستقرار النقدي والمالي في السوق المصري ، حتي أن دراسة حديثة لاتحاد المصارف العربية، توقعت أن يشهد القطاع المصرفي المصري مزيداً من النمو والاستقرار.
وأكّدت استمراره خلال السنوات الماضية بالعمل بشكل جيد، وتحقيق نسب نمو عالية في معظم المجالات رغم الظروف السياسية والاقتصادية التي تتعرّض لها مصر والمنطقة.
ووفق تقرير لمؤسسة ستاندرد أند بورز جلوبال تناول تأثير الحرب على القطاع المصرفي في ثمانية أسواق بالشرق الأوسط وأفريقيا ، ذكر التقرير أن أصول البنوك المصرية وسيولتها التمويلية لا تزال بخير، مؤكدا أن القطاع المصرفي المصري لديه قاعدة ودائع محلية "واسعة"، و"أثبت نموه مرونة حتى في أوقات ضعف الاستقرار"، متوقعا تستقر نسبة القروض إلى الديون عند نحو 50% طوال عام 2022.
نجح البنك المركزي المصري إذن في قيادة برنامج إصلاح اقتصادي ومصرفي متكامل، بدأه بقرار تحرير أسعار الصرف في نوفمبر 2016، ونجاحه في السيطرة على تداعيات القرار بعدما سيطر على التضخم الذي ارتفع إلى 35.3% لأول مرة منذ عام 1986، ليشهد التضخم تراجعاً كبيراً خلال عام مسجلا 8.5% فى يوليو 2018، ليستقر عند 13.15% بنهاية يونيو 2022.
كما يعمل المركزي على تعزيز الملاءة المالية للقطاع المصرفي، إذ أصدر قانون البنوك الجديد الذي يضم العديد من المواد لتطوير وتقوية القطاع، وأهمها رفع الحد الأدنى لرأس المال المصدر والمدفوع بالكامل للبنك إلى 5 مليارات جنيه، و150 مليون دولار لفروع البنوك الأجنبية.
كذلك نجح المركزي في تعزيز نسب الشمول المالي في مصر، إذ ارتفعت نسبة المتعاملين مع القطاع المصرفي بأكثر من 110% خلال 5 سنوات لتقفز من 27% في نهاية 2016 إلى نحو 56.2% بنهاية العام الماضي 2021 ، كما ارتفع عدد السيدات المتعاملات مع البنوك بنسبة 171% لترتفع من 5.9 مليون سيدة إلى 16 مليونا في الفترة نفسها.
ونتيجة لجهود القطاع المصرفي المصري المستمرة ، سطر المركزي قصة نجاح جديدة في استغلال أدواته النقدية وقدرته الرقابية، إذ استمر القطاع في تحقيق الصدارة وحجز مكانته في الصفوف الأولى على الساحة المصرفية العالمية، بعدما نجح في تحقيق معدلات نمو تاريخية تخطت نظائره من القطاعات المصرفية في كبرى الدول الاقتصادية، تحت قيادة طارق حسن عامر محافظ البنك المركزي السابق .
وتنصف غالبية الدراسات والتقارير أداء القطاع المصرفي المصري خلال السنوات الأخيرة ، حتي أن بعضها كشف عن تفوق القطاع المصرفي المصري بتحقيق معدلات نمو إيجابية بلغت 98.85% خلال الفترة من 2016 وحتي العام الماضي 2021 ، ليرتفع المركز المالي للبنوك المصرية من 4.340 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2016، إلى 8.63 تريليون آخر ديسمبر 2021، متفوقًا على نظيره الصيني، الذي نمت بنوكه بنسبة 71.86%، كما تفوق على المصارف السعودية التي حققت معدل نمو 43.16% خلال الفترة نفسها.
وتفوق القطاع المصرفي في معدل نمو مركزه المالي على نظيره الأمريكي، الذي حققت بنوكه نموًا في مركزها المالي بنسبة 42.39%، كما تفوقت البنوك المصرية على الإماراتية التي سجلت 27.12% نمواً، وتخطت كذلك المصارف الكينية التي حققت نمواً بنسبة 19.55%.
وجاء معدل نمو إجمالي الودائع منصفًا أيضًا للقطاع المصرفي المصري الذي نجح في تحقيق 121.04% نموًا خلال الـ5 سنوات الماضية، ليرتفع إجمالي الودائع من 2.92 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2016، إلى 6.45 تريليون ديسمبر 2021، متفوقاً على نظيره الصيني الذي حقق معدل نمو بلغ 115.27%، وعلى نظيره الأمريكي صاحب معدل نمو نسبته 59.08% خلال الفترة نفسها.
وتفوقت البنوك المصرية على الكينية التي حققت معدل نمو بلغ 44.94% خلال الـ5 سنوات الأخيرة، وعلى المصارف السعودية التي سجلت 29.16% نموًا، وكذلك البنوك الإماراتية التي سجلت نمواً بنسبة 25.86%.
وعلى صعيد محفظة القروض، كشفت دراسات عن تفوق القطاع المصرفي المصري بتحقيق معدلات نمو إيجابية بلغت 123.12% لترتفع من 1.36 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2016، إلى 3.03 تريليون ديسمبر 2021، متفوقاً على نظيره الكيني الذي سجل نمواً بنسبة 62.37%، تلته البنوك الصينية محققة نمواً بنسبة 57.71%، ثم البنوك السعودية التي حققت معدلات نمو 45.31%.
كما فاق القطاع المصرفي نظيره الأمريكي على صعيد نمو محفظة القروض خلال السنوات الماضية، إذ حققت البنوك الأمريكية 32.22%، وعلى البنوك الإماراتية التي حققت معدلات نمو بلغت 15.13% .
تفوق القطاع المصرفي المصري وتحقيق معدلات نمو مرتفعة أدي إلى جذب صناديق سيادية لضخ استثماراتها في السوق المحلية خلال الفترة المقبلة بقطاعات وأنشطة اقتصادية متنوعة، إذ خصصت الدول الخليجية 22 مليار دولار استثمارات وتمويلات لمصر، أبرزها 5 مليارات أودعتها المملكة السعودية في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخها الصندوق السيادي السعودي.
كما أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي تطلعه إلى الاستحواذ على المصرف المتحد، معبرًا عن اهتمامه بشدة بالاستثمار في القطاع المالي والمصرفي في مصر بسبب مرونة البنوك المحلية في مواجهة الأزمات المتتالية.
كما أثمرت قوة القطاع المصرفي المصري وقدرته في تحقيق مؤشرات نمو مرتفعة خلال السنوات الماضية، عن جذب بنوك أجنبية جديدة لدخول السوق المحلية، والذي ظهر في حصول ستاندرد تشارترد على موافقة مجلس إدارة المركزي المصري بمنح رخصة عمل كفرع بنك أجنبي في مصر، ومن المقرر افتتاح أول فروع له سبتمبر المقبل بالقاهرة، على أن يتم افتتاح ثاني فرع له العام القادم 2023 بالإسكندرية.
وأعلن بنك ستاندرد تشارترد انضمامه للسوق المصرية أنه يسعى لفتح أول فروعه بمصر نظرًا للاستقرار الذي يشهده القطاع المصرفي المصري خلال السنوات الماضية والتي تمثلت في قدرته على التعامل مع العديد من الأزمات واحتواء تداعيتها، وذلك بفضل القيادة الرشيدة للبنك المركزي ، وهو ما يمثل شهادة ثقة دولية للقطاع المصرفي المصري، حيث ذكر ستاندرد تشارترد أيضا أن تطبيق استراتيجيات البنك المركزي المصري ساهم في تعزيز الملاءة المالية للبنوك وفعالية إدارة وحوكمة جميع أنواع المخاطر، واتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة، ما أدى إلى الاحتفاظ بدعامات مالية ومتطلبات رأسمال مرتفعة تفوق الحد الأدنى المقرر، وكذلك نسب سيولة عالية، وهو ما انعكس بالإيجاب على الاقتصاد ككل.
ونتيجة لتلك الإنجازات التي حققها القطاع المصرفي فقد نال طارق عامر المحافظ السابق العديد من الجزائز العالمية ولعل أخرها ما كان الأسبوع الماضي عندما اختارت ه مجلة "جلوبال فاينانس" العالمية، ضمن قائمة أفضل محافظي البنوك المركزية على مستوى العالم لعام 2022، وذلك للعام الثاني على التوالي وللمرة الرابعة خلال آخر 6 سنوات.
وقالت المجلة، في بيان لها ، إن اختيار عامر ضمن قائمة أفضل المحافظين جاء بناء على عدد من المحاور والمعايير في الأداء التي نجح قادة السياسة النقدية في العالم في تحقيقها، ومنها التحكم في التضخم، تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، استقرار العملة، وكيفية إدارة أسعار الفائدة.
وحصل عامر على تصنيف "- A"، بجانب كل من محافظي البنوك المركزية في بلغاريا، كولومبيا، جورجيا، مورشيوس، المغرب، نيوزيلاند، الفلبين، المملكة العربية السعودية، وأوروجواي.
وأوضحت جلوبال فيانانس في بيانها أن تصنيف "A" حصل عليه محافظو البنوك المركزية في كل من البرازيل ، الصين ، الهند، اسرائيل، بارجواي، بيرو، جنوب افريقيا، السويد، تايوان، وفيتنام.
والجدير بالذكر هنا هو أن جلوبال فاينانس تصدر تصنيفها لمحافظي البنوك المركزية في 101 دولة ومنطقة رئيسية بما فيها الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي لشرق الكاريبي، وبنك دول وسط أفريقيا، والبنك المركزي لدول غرب إفريقيا، منذ عام 1994.
حسن عبدالله يستكمل مرحلة البناء
ومع إنتهاء دور طارق عامر ، أصبح المتصدر للمهمة الآن هو المصرفي الكبير حسن عبدالله وله أيضا رحلة طويلة ومشهودة في هذا المجال ، فضلا عما يمتلكه من خبرات التعامل مع المؤسسات الدولية ، وهو يحظى بدعم واحترام من رجال البنوك وخبراء الاقتصاد في مصر.
وعبد الله هو رئيس الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ، و شغل منصب الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة "البنك العربي الأفريقي الدولي"، ورئيس مجلس إدارة "اتحاد المصارف العربية والفرنسية" في هونج كونج والمؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة "وفاءً لمصر" ، كما كان عضوا بمجلس إدارة كل من "اتحاد المصارف العربية والفرنسية" في باريس، و"الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة"، و"المجلس الاستشاري للأسواق الناشئة"، و"البنك المركزي المصري"، وشركة "أوراسكوم للإنشاء والصناعة"، وشركة "كوكا كولا مصر"، وشركة "انديفور مصر"، وشركة "المصرية للاتصالات" ، كما يتمتع بخبرات أكاديمية واسعة ، حيث شغل عضوية هيئة التدريس في "الجامعة الأميركية في القاهرة"، وعضوية المجلس الاستشاري الاستراتيجي في كلية إدارة الأعمال في "الجامعة الأميركية في القاهرة " ، كما أنه حاصل على ماجستير في الأعمال عام 1992 من "الجامعة الأميركية في القاهرة"، وبكالوريوس في إدارة الأعمال عام 1982 من نفس الجامعة .
وعبدالله بدأ عمله عام 1982 في "البنك العربي الأفريقي الدولي" في مصر، ثم انتقل عام 1988 إلى فرع البنك ذاته في نيويورك، حيث عُين عام 1994 مساعداً للمدير العام، ثم مديراً عاماً عام 1999، ثم نائب رئيس البنك والعضو المنتدب عام 2000 ، و كان عضواً مؤسسا في "المجلس الوطني المصري للتنافسية" وعضواً مؤسسا ورئيسا في "جمعية مستثمري المشروعات الصغيرة"، وعضواً في مجلس أمناء "المعهد المصرفي المصري" .
البناء علي ماسبق
إنجازات ضخمة ومهمة إذن تحققت للقطاع المصرفي والبنك المركزي خلال السنوات الماضية ، وهي إنجازات يترقب الجميع مزيدا من الزيادة والتعظيم لها في المرحلة الجديدة بناء علي ما سبق .
وقد أعطانا الرئيس السيسي درسا مهما في البناء علي ما سبق من جهود ، نتلمسه من كلماته في ذكري ثورة 23 يوليو ، حيث قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنني على يقين، من قوة عزيمتنا معًا، في الاستمرار بخطى ثابتة وواثقة، في الطريق الذي اخترناه جميعًا، من أجل الانطلاق إلى الجمهورية الجديدة، جمهورية التنمية والبناء والتطوير، وتغيير الواقع.
وأكد الرئيس السيسي، أن ثورة 23 يوليو استطاعت أن تؤسس الجمهورية الأولى لدولتنا، وتغير وجه الحياة، بشكل جذري ليس فقط في مصر، بل في المنطقة بأسرها وكانت لها إسهامات ملهمة، في الحركة العالمية لتصفية الاستعمار، وترسيخ حق الشعوب في تقرير مصيرها حيث تغيرت الخريطة الدولية، وارتفعت رايات الحرية والاستقلال، فوق معظم الدول العربية والأفريقية ، مشيرا إلي أن الجمهورية الجديدة تواصل الطريق و تؤسس نسقًا فكريًا واجتماعيًا وإنسانيًا شاملًا، وبناء إنسان ومجتمع متطـور، تسوده قيم إنسانية رفيعة ورغم تعاظم الظروف المعاكسة، التي تسبب فيها العديد من الأحداث والتطورات الدولية، غير المواتية.