البرلمان ينظر تشريعا جديدا بفرض "ضريبة كربون" علي القطاعات المسببة للتغير المناخي

مشروع  قانون مقدم من "تنسيقية الأحزاب" يلزم الدولة بالوصول للحياد المناخي بحلول 2050       مسح شامل لجميع مؤسسات الدولة لقياس البصمة الكربونية في موعد اقصاه ديسمبر 2023 وزيادة الحصيلة التنموية لمشروعات المناخ بـ5% سنويًا    حظر التوزيع المجاني لأكياس البلاستيك.. والزام المخاطبين بقانون  التعاقدات التي تعقدها الجهات العامة  بوضع معايير بيئية  في كراسة الشروط 

 

 

 

 

 بعد أيام من انتهاء مؤتمر المناخ بشرم الشيخ ، تلقي البرلمان مقترحا بمشروع قانون يعد الأول من نوعه ، حيث  تقدمت النائبة أميرة صابر، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسين، بمشروع قانون متكامل بشأن التكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره، والذي أحالة رئيس  مجلس النواب  المستشار الدكتور حنفي جبالي خلال الجلسة العامة قبل أيام  إلي لجنة مشتركة من لجنة الطاقة والبيئة ومكاتب لجان الشؤون الدستورية، الخطة، الصناعة، السياحة والطيران.

 

ويأتي مشروع القانون، لمعالجة القصور التشريعي الموجود في التشريعات الخاصة بالبيئة، مستهدفا اتخاذ الحياد المناخي، بالوصول الي صافي صفر من الانبعاثات الدفيئة في كل القطاعات، كهدف رئيسي للدولة، وفي سبيل ذلك يقرر العديد من الحقوق الالتزامات والآليات.

 

ويقصد بالحياد المناخي، تحول الأنشطة الاقتصادية المختلفة إلي صافي صفر من انبعاثات الغازات الدفينة، وعرف "الغازات الدفينة" بأنها ثاني أكسيد الكربون والميثان، وأكسيد النيتروز، والهيدرو كلورو فلور وكربونات والهيدرو فلورو كربونات، وسداسي فلوريد الكبريت، وغيرها مما يحدده المجلس الوطني للتغيرات المناخية بناء على تطور المعرفة العلمية والمعاهدات الجديدة التي تصبح مصر عضوا بها.

 

وانتظم مشروع القانون في 40 مادة موضوعية، ألزم الدولة بجميع مؤسساتها باتخاذ التدابير اللازمة للوصول إلى الحياد المناخي في كافة القطاعات بحلول عام 2050، ومنحت وزارة البيئة أن تتولي بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء القيام بمسح مرجعي شامل لكافة مؤسسات وأجهزة الدولة لقياس البصمة الكربونية بموعد أقصاه ديسمبر 2023 وتمد الحكومة المجلس الوطني للتغيرات المناخية بنتائج المسح بشكل دوري.

 

وألزم التشريع جميع المنشآت المخاطبة بأحكام هذا القانون من أشخاص القانون الخاص بالقيام بقياس البصمة الكربونية المرجعية وتسليمه إلى المجلس في موعد أقصاه 6 أشهر من دخول القانون الحالي حيز النفاذ، وكذا ألزم كل شخص طبيعي أو اعتباري عام أو خاص بتقديم دراسة لتقييم الأثر المناخي للمنشأة أو المشروع إلى الجهات الإدارية المختصة المشار إليها في قانون الاستثمار وغيرها من القوانين ذات الصلة قبل البدء في تنفيذ المشروع، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون طبيعة المنشآت أو المشروعات التي تسري عليها أحكام هذا القانون.

 

وأفرد المشروع فصلا كاملا عن إنشاء تشكيل وصلاحيات المجلس الوطني للتغيرات المناخية، أقرت انضمام لتشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية المنشأ بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1913 لسنة 2015 والمعدل بقرار 1129 لسنة 2019 كل من وزير البترول والثروة المعدنية - عضوًا في اللجنة العليا للمجلس ومن يمثله عضوًا في المكتب التنفيذي، وزير النقل - عضوًا في اللجنة العليا للمجلس ومن يمثله عضوا في المكتب التنفيذي، و وزير الصناعة والتجارة - عضوا في اللجنة العليا للمجلس ومن يمثله عضوًا في المكتب التنفيذي، وزير الكهرباء والطاقة - عضوًا في اللجنة العليا للمجلس والمكتب التنفيذي، فضلا عن ممثل عن المجلس القومي لحقوق الإنسان - عضوا في اللجنة العليا للمجلس.

 

وبموجب المشروع، يُشكل بالمجلس لجنة ذات صفة استشارية، تساعد في تحقيق أهداف المجلس، مكونة من علماء وباحثين مقيدين بجامعات أو مراكز بحوث مصرية أو أجنبية ذوو خبرة في مجالات عمل المجلس، ويصدر بتعيينهم قراراً من مقرر اللجنة العليا بعد ترشيح وعرض وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، وتتمتع بصفة استشارية وتعمل في إطار من الاستقلالية البحثية والإدارية عن باقي أجهزة المجلس وتسلم تقاريرها الفنية بشكل متواز ومباشر إلي رئيس المجلس، ويعاملون ماليًا كسائر أعضاء المكتب التنفيذي، كما أنشا المشروع بداخل المجلس الوطني للتغيرات المناخية وحدة للرصد والتبليغ تعمل على تلقي الشكاوى الخاصة بالأثر المناخي ومخالفة أحكام هذا القانون وغيره من القوانين ذات الصلة، وإحالتها إلى الجهات القضائية للتحقيق بها.

 

ووفقا لمشروع القانون يعمل المجلس الوطني على توفير المشورة لمجالس المحافظات في مصر في صياغة خطط واستراتيجيات قطرية على نطاق المحافظة خاصة بالتكيف والاستعداد للتغير المناخي، وكذا التعاون مع منظمات المجتمع المدني والشباب والنساء وشركاء التنمية الدوليين لتنفيذ برامج مشتركة لنشر الوعي البيئي حول التغير المناخي وتقليل البصمة الكربونية للأفراد بالشراكة مع وزارت الشباب والرياضة التربية والتعليم والتعليم الفني والتعليم العالي والبحث العلمي في مراكز الشباب والمدارس والجامعات والمعاهد، ويكلف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بإجراء بحث شامل عن الوعي المناخي في مصر قبل البدء في البرامج المشار إليها أعلاه.

 

ضريبة كربون

 

نقطة هامة تطرق لها مشروع القانون، تتعلق بضريبة الكربون، فجاءت المادة (15) لتقر فرض ضريبة كربون على كافة الصناعات والقطاعات التي تساهم بشكل كبير في التغير المناخي ومنها: الطاقة والكهرباء البترول والكيماويات والتعدين النقل والمواصلات والطيران الزراعة والغذاء الإسكان والمرافق وغيرها حسب ما يحدده المجلس الوطني للتغيرات المناخية، وذلك شريطة عدم الإخلال بمقتضي الاتفاقيات الموقعة سلفا بين الحكومة المصرية والدول الأجنبية أو المنظمات الدولية قبيل صدور القانون، ويقدر السعر العام للضريبة بمبلغ 1000 جنية مصري على كل طن من الانبعاثات الكربونية، على أن تخصص نسبة ( 50%) من قيمة الحصيلة الضريبية للإنفاق على البرامج والأنشطة الخاصة بالتكيف المناخي والتحول الأخضر، وتزداد القيمة المستحقة للضريبة كل خمس سنوات بنسبة (20) في المئة، و يتم الشروع في تطبيقها بعد (12) شهر من صدور اللائحة التنفيذية.

 

بيانات الإفصاح الكربوني

 

وفيما يخص بيانات الإفصاح الكربوني على المنتجات والسلع، ألزم المشروع المورد بأن يضع في بطاقة الوسم الخاصة بالمنتج أو السلعة بيانات رقمية للإفصاح الكربوني على أن تكتب بلغة عربية سهلة القراءة وتلون بلون أخضر حال خلت من انبعاثات كربونية أو احتوت على نسبة قليلة منها، وتلون بلون احمر في حال تجاوزت النسبة التي ستحددها اللائحة التنفيذية حسب كل صناعة، مع وجوب أن تشمل بيانات الإفصاح الكربوني على رقم يوضح البصمة الكربونية المباشرة والغير مباشرة للمنتج أو السلعة والذي يكون حصيلة المواد المستخدمة في الصناعة سواء في السلعة نفسها أو في تغليفها الانبعاثات الناتجة في عملية التصنيع على سبيل استخدامات الطاقة والآلات المختلفة الشحن والمواصلات والتخزين الانبعاثات النابعة من استخدام المنتج الانبعاثات الناتجة من التخلص من المنتج وغيرها من المؤشرات ما تحدده اللائحة التنفيذية.

 

 

وألزم المشروع المورد بالإعلان عن بيانات الإفصاح الكربوني لكل منتج وسلعة بشكل ظاهر إلى جانب المنتج أو السلعة وقبل عملية الشراء في حال تم التعاقد عن بعد عبر استخدام الوسائل الإلكترونية.

 

 

وتدارك التشريع نقطة أخري ذات أهمية للبيئة، بحظر التوزيع المجاني لأكياس البلاستيك، حيث أقر بأن يحظر على جميع المحال وتجار التجزئة توزيع الأكياس البلاستيكية دون مقابل مادي على ألا يزيد سعر الكيس الواحد عن مبلغ جنيها واحدًا يتحمله المستهلك ويكتب في فاتورة الشراء، ويستثني من أحكام تلك المادة الأكياس المصنوعة من مواد قابلة للتحلل العضوي، وألزم وزارة الماليه، مع عدم الإخلال بالحوافز والمزايا والإعفاءات المنصوص عليها في أي قانون أخر، بتطوير برنامج من الحوافز الجمركية والضريبية وغير الضريبية لصناعة واستيراد وتوفير بدائل صديقة للبيئة لمنتجات البلاستيك ذو الاستخدام الواحد.

 

 

وألزم التشريع جميع الجهات المخاطبة بقانون رقم 182 لسنة 2018 شأن التعاقدات التي تعقدها الجهات العامة قبل الإعلان أو الدعوة للأشراك في التعاقد أن تضع في كراسة الشروط معايير بينية يأتي من ضمنها بحث الأثر الكربوني للتعاقد ونسبة مساهمته في تقليل الأثر المناخي، كما نص علي أنه بالإضافة إلى الشروط الواردة في القانون رقم 182 لسنة 2018 ومذكرته التنفيذية والقرارات المكملة له تتم ترسية المناقصة أو الممارسة علي صاحب العطاء الأقل مساهمة في انبعاث الغازات الكربونية والأقل مشاركة في زيادة الأثر المناخي، كما أجاز للجهات الإدارية المختلفة طلب الاستشارة الفنية من المجلس الوطني للتغيرات المناخية في تحديد معايير تقييم الممارسات والتعاقدات أو تقييمها من حيث الأثر المناخي.

 

 

كما تطرق المشروع بالتنظيم للملاحة الجوية، وألزم القائمين بأعباء السلطة العامة بترشيد استخدام الطائرات في قيامهم بمهام وظيفتهم، وبحث سبل سفر بديلة أقل تكلفة للبيئة، ويحدد مجلس الوزراء قيمة ضريبية على استخدام الطائرات الخاصة للسفر الخارجي تحسب مقابل المرة الواحدة ويستثني من تلك المادة الطائرات التجارية، أو التابعة للحكومة المصرية، أو أحد مؤسساتها المدنية أو العسكرية، أو الطائرات الخاصة التي تستخدم الوقود الحيوي المستدام. في جميع الأحوال يحظر استخدام الطائرات الخاصة لأغراض التنقل الداخلي داخل جمهورية مصر العربية إلا في حالة صدور استثناء بقرار من وزير الطيران المدني بعد تقييم الأثر البيئي وضرورة الاستخدام والبدائل المتاحة. النزوح الداخلي والتغير المناخي.

 

 

وأقر المشروع التزام الدولة بإعداد خطة طوارئ مناخية على المستويين المركزي والقطري لحماية النازحين داخليا بسبب التغير المناخي حال ارتفاع مستوي البحر أو تأكل الأراضي أو غيرها من الأسباب التي ترد في الخطة والتي يصعب معها الحفاظ علي حياة السكان أو طرق كسب معيشتهم، وكذا التزام الدولة بإشراك جميع المجتمعات المحلية والفئات المختلفة والشباب والنساء وكبار السكان واللاجئين وغيرهم في التشاور وصياغة خطط الطوارئ، وكذا إلتزام الدولة بتوفير سكن مؤقت ملائم وعمل لائق للمجتمعات المتضررة بما يحفظ كرامتهم الإنسانية وحقوقهم الدستورية ومنها الحق في العمل والحق في التعليم والحق في الصحة، كما تلتزم الدولة بتقديم الاستشارات النفسية وخدمات علاج اضطراب ما بعد الصدمة مجانا وبشكل مستمر للمجتمعات المتضررة حال النزوح الداخلي.

 

 

ووفقا لمشروع القانون، تعمل وزارة التعاون الدولي بالتعاون مع المجلس الوطني للتغيرات المناخية بالتفاوض مع شركاء التنمية في الداخل والخارج لدعم التحول الأخضر وبرامج المناخ وتغطية الفجوة التمويلية للاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ بضمان زيادة حصيلة التمويلات التنموية الخاصة بالمناخ سنويًا بنسبة لا تقل عن (5 %).

 

 

وأقر المشروع أنه بالإضافة إلى ما ورد في قانون رقم 53 لسنة 2017 بشأن الموازنة العامة للدولة، تلتزم كل جهة من جهات الموازنة العامة في تقديم مشروع موازنتها إلى وزارة المالية بتوفير معلومات حول الأثر المناخي للنفقات الاستثمارية المقدرة ومنها مشروعات البنية التحتية كذلك بتوفير معلومات حول نسبة المشروعات الخضراء وبرامج تغير المناخ. جمع المعلومات وتحليلها، ويكلف الجهاز المركزي بالتعبئة العامة والإحصاء بالعمل مع المجلس الوطني للتغيرات المناخية على تطوير مؤشرات خاصة بالتغير المناخي والعمل على تحديثها وجمع المعلومات وتحليلها بصفة دورية وموافاة الجهات المعنية بالنتائج ونشرها على الموقع الإلكتروني للجهاز فور اعتمادها.

 

 

كما تضمن المشروع فصلا كاملا بشأن العقوبات لمخالفي أحكامة، وأقر بأن تباشر النيابة المصرية التحقيق في ادعاءات مخالفة هذا القانون أو المساهمة في الإخلال بالالتزام الوارد في المادة الأولي الخاص بالحياد المناخي من قبل أشخاص القانون العام أو الخاص تنظر المحاكم المصرية في دعاوى مخالفة هذا القانون ويحق لها الحكـم بتعويض المتضرر ومطالبة جهات الإدارة بوقف المنشاة أو المشروع بشكل مؤقت أو دائم حال ثبوت مساهمته في تغير المناخ حال عدم وجود خطة وتحسن ملحوظ لتخفيف الضرر.