مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
ضمن اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئيس مجلس الوزراء، برصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتقارير الاقتصادية العالمية، سلط المركز الضوء على تقرير الوكالة الدولية للطاقة "كفاءة الطاقة 2022" والذي يوضح أن إجراءات زيادة كفاءة استخدام الطاقة عالميًا أدت إلي انخفاض في فاتورة الطاقة العالمية بنحو 680 مليار دولار في عام 2022، فمع ارتفاع نفقات الطاقة الاستهلاكية بقوة هذا العام في معظم البلدان، ارتفعت قيمة تحسين كفاءة الطاقة في خفض التكاليف وتوفير الطاقة بشكل كبير، كما ستساعد زيادة كفاءة استخدام الطاقة في تخفيف المصاعب المالية للمستهلكين وتحقيق وفورات كبيرة في التكاليف للمستخدمين التجاريين الذين يكافحون في ظل اقتصاد عالمي يمر بأزمة، ولكن لتحقيق هذه الأهداف، من الضروري أن يتبني صناع القرار سياسات واسعة وموجهة جيدًا لرفع كفاءة الطاقة.
قال التقرير أنه على مدار العشرين عامًا الماضية، نفذت الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية تدابير متعلقة برفع كفاءة استخدام الطاقة عبر المباني وقطاع الصناعة وقطاع النقل، والتي يُقدر أنها توفر للأسر والشركات نحو 680 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وبنسبة تقدر بنحو 15% من إجمالي فاتورة الطاقة لعام 2022، التي تُقدر بنحو 4.5 تريليون دولار أمريكي.
حيث كانت التأثيرات المتراكمة لرفع كفاءة استخدام الطاقة كبيرة جدًا لدرجة أن الطلب النهائي على الطاقة لدول وكالة الطاقة الدولية كمجموعة ظل ثابتًا نسبيًا عند حوالي 140 إكساجول لمدة 20 عامًا، وقد تحقق ذلك حتى مع نمو اقتصادات المجموعة بنسبة 40% بالقيمة الحقيقية وتحول الهيكل الاقتصادي العام بشكل طفيف نحو الأنشطة الأقل استهلاكًا للطاقة.
ونوهت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير آخر لها، إلى أن السوق العالمية لتقنيات الطاقة النظيفة الرئيسية المصنعة بكميات كبيرة ستبلغ قيمتها حوالي 650 مليار دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2030 -أكثر من ثلاثة أضعاف المستوى الحالي- إذا نفذت البلدان في جميع أنحاء العالم بالكامل تعهداتها المعلنة بشأن الطاقة والمناخ، كذلك سوف تتضاعف وظائف تصنيع الطاقة النظيفة ذات الصلة بأكثر من الضعف من 6 ملايين اليوم إلى ما يقرب من 14 مليون بحلول عام 2030 - ومن المتوقع حدوث مزيد من النمو الصناعي والعمالة السريع في العقود التالية مع تقدم التحولات.
ويعد تقرير الوكالة في هذا الصدد بمثابة أول دليل عالمي في العالم لتكنولوجيا صناعات الطاقة النظيفة في المستقبل، حيث يوفر تحليلاً شاملاً للتصنيع العالمي لتقنيات الطاقة النظيفة اليوم- مثل الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، وبطاريات المركبات الكهربائية، والمحللات الكهربائية لمضخات الهيدروجين والحرارة- وسلاسل التوريد الخاصة بهم حول العالم، فضلًا عن تحديد كيفية احتمالية حدوث ذلك، والتطور المحتمل في مجال الانتقال للطاقة النظيفة في السنوات المقبلة.
ومع ذلك فإن سلاسل التوريد الحالية لتقنيات الطاقة النظيفة تمثل مخاطر في ظل تركزها بشكل كبير في مناطق جغرافية معينة على مستوى تعدين الموارد ومعالجتها وكذلك التصنيع التكنولوجي، فبالنسبة لتقنيات مثل الألواح الشمسية وطاقة الرياح وبطاريات المركبات الكهربائية والمحللات الكهربائية والمضخات الحرارية، تمثل أكبر ثلاث دول منتجة ما لا يقل عن 70% من القدرة التصنيعية لكل تقنية، وفي الوقت نفسه، يتركز قدر كبير من التنقيب عن المعادن الهامة في عدد صغير من البلدان، على سبيل المثال، تنتج جمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر من 70% من الكوبالت في العالم، وتمثل ثلاث دول فقط - أستراليا وشيلي والصين - أكثر من 90% من إنتاج الليثيوم العالمي.
كما يشهد العالم بالفعل مخاطر سلاسل التوريد الضيقة، التي أدت إلى ارتفاع أسعار تكنولوجيا الطاقة النظيفة في السنوات الأخيرة، ما يجعل تحولات الطاقة النظيفة في البلدان أكثر صعوبة وتكلفة، فقد أدت زيادة أسعار الكوبالت والليثيوم والنيكل إلى أول ارتفاع على الإطلاق في أسعار بطاريات السيارات الكهربائية، والتي قفزت بما يقرب من 10% على مستوى العالم في عام 2022، كما ارتفعت تكلفة توربينات الرياح خارج الصين بعد سنوات من التراجع، ويمكن أن تكون هناك اتجاهات مماثلة في الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وفي ضوء ما تقدم أكد التقرير على الدور المهم للتجارة الدولية في سلاسل توريد تكنولوجيا الطاقة النظيفة، حيث أن ما يقرب من 60% من وحدات الطاقة الشمسية الكهروضوئية المنتجة في جميع أنحاء العالم يتم تداولها عبر الحدود، كما أن التجارة مهمة أيضًا لبطاريات السيارات الكهربائية ومكونات توربينات الرياح، على الرغم من ضخامتها، حيث تعتبر الصين المصدر الرئيسي لتلك التقنيات.
وسلط التقرير الضوء أيضًا على التحديات المحددة المتعلقة بالمعادن الحيوية اللازمة للعديد من تقنيات الطاقة النظيفة، مشيرًا إلى أن تطوير مناجم جديدة يحتاج إلى سنوات وأن هناك حاجة إلى معايير بيئية واجتماعية وحوكمة قوية، وأنه بالنظر إلى التوزيع الجغرافي غير المتكافئ للموارد المعدنية الهامة، سيكون التعاون الدولي والشراكات الاستراتيجية حاسمة لضمان أمن الإمدادات.