أرشيفية
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الأول من سلسلة "شبابنا يدعم قرارنا"، والتي جاءت تحت عنوان برنامج عمل تعزيز الصادرات المصرية الإفريقية "صادراتنا لقاراتنا AFRICAN EXPOC"، ليقدم من خلالها مجموعة من السياسات المقترحة بشأن آليات وسبل تعزيز وتنمية الصادرات المصرية للسوق الإفريقية.
وأشارت الورقة إلى أهمية تنمية الصادرات وزيادة معدلات النمو انطلاقاً من مستويين، الأول بالتوازي مع تصاعد أهمية التجارة الإقليمية كأحد أولويات الدول في تعظيم دخولها واعتبارها أحد عناصر الدخول الرئيسة التي يمكن للدول الاعتماد عليها، إلى جانب أنها تساهم في تحقيق التكامل بين الدول وترسخ آليات التعاون وسياسات التقارب، والثاني بأهمية اتخاذ الإجراءات والسياسات التي تهدف إلى تعزيز قدرات القطاعات الاقتصادية الوطنية الواعدة، وفتح أسواق جديدة، وبخاصة في قطاعات الصناعات التحويلية.
وفي هذا السياق تأتي أهمية اتفاقيات التجارة القارية والتجارة الحرة والتفضيلية والاتفاقيات الثنائية التي انضمت ووقعت عليها مصر في العقد الأخير وكيفية الاستفادة منها كحجر أساس لتعزيز حركة الصادرات المصرية الإفريقية، والتركيز على السياسات الممكن تنفيذها لتسهم بدورها في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لتنمية الصادرات، والتي أعلنت عنها وزيرة التجارة والصناعة في مارس 2021، حيث تستهدف زيادة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار، وزيادة القدرة التنافسية؛ ومن ثم المساعدة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وأكدت ورقة السياسات أن حركة الصادرات تشكل أحد الأعمدة الرئيسة لدعم الاقتصاد الوطني، ويتميز الاقتصاد المصري أنه قائم على التنوع، ويعد الأكثر تنوعا في المنطقة، حيث تمثل الصناعة 32% من الناتج المحلى الإجمالي، والخدمات 54%، والزراعة 14%، بالإضافة إلى أن الاقتصاد المصري قد أثبت مرونة في مواجهة واستيعاب التداعيات السلبية لجائحة كورونا، إلا أن الصادرات المصرية للعالم قد تأثرت، كما تأثرت حركة التجارة العالمية، ومن ثم بات لزاماً تعزيز توجه التجارة الإقليمية وتنمية الجوانب الاقتصادية، وبخاصة في محور الصادرات.
وأوضحت الورقة أن هناك العديد من العوامل والأسس المشتركة بين مصر والعالم، خاصة مع قارات العالم القديم؛ بسبب موقعها الجغرافي في مركز العالم، ودورها المهم على مستويات إقليمية متعددة "الإفريقي- العربي- المتوسطي"، وإن ذلك يؤكد أهمية تعزيز التواصل والتعاون والتكامل الاقتصادي مع دوائر الجوار، لاسيما الإفريقي، وهو ما تم تأكيده في توقيع الاتفاقية التأسيسية للتجارة الحرة الثلاثية في القارة الإفريقية (TFTA) يونيه 2015 بمدينة شرم الشيخ، ومبادرة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في ديسمبر 2020، وبدء التجارة في يناير 2021، أما القمة التي عقدت 23 نوفمبر 2021 فشهدت تسلم مصر لرئاسة السوق المشتركة لدول شرق وجنوب إفريقيا بعد 20 سنة منذ آخر مرة تولت فيها رئاسة "الكوميسا".
ومع تحليل الوضع الراهن للتجارة الإقليمية كأحد أولويات الدول لتعظيم دخولها عن طريق الصادرات، أشارت الورقة إلى أن مصر تتمتع بقدرة تصديرية محتملة إلى العالم تبلغ 31.1 مليار دولار، يمثل نصيب الكوميسا نحو 10% ويمثل ما يقارب الـ 8% لبقية الدول الإفريقية، وبالنظر إلى الفرص المحتملة لزيادة قدرات مصر التصديرية، فإن وجود مصر في اتفاقية التجارة الحرة القارية (مع فرضية انضمام الدول الموقعة كافة) تؤدي إلى زيادة الصادرات المصرية لدول الكوميسا لتصل إلى 23% مع احتمالية ارتفاع القدرة التصديرية إلى بقية الدول الإفريقية لتصل إلى 118%.
وبين أن مصر تمتلك ميزة تنافسية في العديد من القطاعات التصديرية، ويأتي على رأسها قطاعات البلاستيك والمواد الكيميائية والأسمدة ومواد البناء والمواد الغذائية والمنسوجات، بالإضافة إلى الفرص التصديرية الرائدة المحتملة في القطاعات الطبية والدواء والكهرباء والطاقة النظيفة، وهو ما يظهر في تقرير "مركز التجارة الدولي " الخاص بـ "المنتجات والأسواق مع إمكانية نمو الصادرات في الكوميسا"، ليتمتع قطاع البلاستيك والمطاط بإمكانية كبيرة للتصدير إلى القارة الإفريقية تصل إلى ما يقدر بـ 445.2 مليون دولار، والمواد الكيميائية لديها إمكانية تصدير قد تصل إلى 539.8 مليون دولار، والمواد الغذائية تصل الإمكانية المحتملة لزيادة صادراتها إلى ما يقدر بـ 612.3 مليون دولار.
وبشأن تقييم وضع الصادرات المصرية لإفريقيا، أوضحت الورقة أن ترتيب مصر عالمياً من حيث إجمالي الصادرات للعالم جاء في المرتبة الـ 61 عام 2021، بعد أن كانت في المرتبة 64 عالمياً عام 2020، ما يضعها في المرتبة الثالثة إفريقيا من حيث إجمالي الصادرات للعالم في 2021، وبالمقارنة بعام 2020 كانت مصر في المرتبة الرابعة ويسبقها كل من جنوب إفريقيا ونيجيريا والمغرب، لتتخطي مصر ، المغرب عام 2021، أما من حيث ترتيب مصر على مستوى إجمالي الصادرات إلى القارة الإفريقية من إجمالي الدول الإفريقية لعام 2021 حسب بيانات مركز التجارة الدولي، فتحتل المرتبة الثالثة يسبقها كل من دولتي نيجيريا وجنوب إفريقيا، وبتحليل لوضع صادرات الدول الإفريقية إلى السوق الإفريقية، نجد أن لمصر فرصة كبيرة لتعزيز صادراتها إلى السوق الإفريقية لتحتل المستوى الثاني خلفا لدولة جنوب إفريقيا.
وفي السياق ذاته، ألقت ورقة السياسات الضوء على أبرز المبادرات الوطنية والشراكات الاستراتيجية التي من شأنها الإسهام في زيادة الصادرات المصرية الإفريقية ضمن الاستراتيجية الوطنية العامة "تعزيز الصادرات المصرية لبلوغ 100 مليار دولار"، حيث تقوم الدولة حاليًا بمجهودات كبيرة لتعظيم الصادرات وتعمل على عدة مستويات رئيسة لتغطي جميع الاحتياجات المطلوبة من حيث التحديات الفنية والإدارية واللوجستية والسياسية وعقد الاتفاقات الدولية وتعميق أوجه التعاون الدولي.
واستعرضت الورقة المساهمات من الجهات المختلفة الوطنية لدعم وتشجيع وتعزيز الصادرات، لعل أبرزها إعلان استراتيجية تنمية الصادرات المصرية للقارة الإفريقية عام 2018، واستضافة مصر المعرض الإفريقي الأول للتجارة البينية عام 2018، واتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية مارس 2018، وبرنامج تنمية ومساندة الصادرات المصرية إلى الدول الإفريقية مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية – يونيو 2021، واستراتيجية التكامل لتنمية التجارة البينية– يونيو 2021، والمبادرة الرئاسية لإنشاء المجمعات الصناعية المتخصصة– سبتمبر 2021، فضلا عن مشروع طريق القاهرة كيب تاون– ديسمبر 2020مرورًا بالسودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي والجابون، لينتهي في جنوب إفريقيا، ومبادرة السداد النقدي الفوري (دعم المصدرين) – أكتوبر 2021 (المرحلة الثالثة)، ودراسة سبل تعزيز الصادرات المصرية للأسواق الخارجية - نوفمبر 2021.
وأكدت الورقة أن مصر اتخذت زمام المبادأة في وضع اللبنات الرئيسة للخطوات التنفيذية ووضع خطط توقيتية بهدف دعم الصادرات والمصدرين وتم توجيه الجهات المعنية من قبل رئيس الجمهورية لتشجيع ودعم المصدرين وآليات التصدير للوصول إلى هدف الـ 100 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، ولعل أبرز الخطوات التنفيذية التي اتخذتها الدولة ومؤسساتها لمعالجة وتخفيف أثر التحديات القائمة هو تقليل مدة الإفراج الجمركي للتصدير (داخل القطر المصري)، وسد الفجوة المعلوماتية وبناء قدرات المصدرين من خلال منصة البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد MANSA الرقمية التي تعتبر مصدرًا للبيانات الأولية المطلوبة للتعريف بشأن الكيانات الإفريقية، والمؤسسات المالية والشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التفاعل بين البنوك المصرية والإفريقية والتوسع في وجود البنوك المصرية داخل إفريقيا، حيث إن هناك أمثلة رائدة مثل، بنك القاهرة في أوغندا، والبنك التجاري الدولي – CIB في كينيا، وهو ما يساهم في دعم المصدرين، بجانب تنفيذ ورش عمل مشتركة بين البنك المركزي والمجالس التصديرية والغرف التجارية بالتعاون مع هيئة الصادرات لتعريف المصدرين بنظم تسوية المدفوعات الإقليمية، والبدء في إنشاء شركة لضمان مخاطر الصادرات بإشراف من البنك المركزي المصري بقيمة 600 مليون دولار، وكذلك اعتماد تنفيذ الخطة المتوسطة للكوميسا والاستفادة من بند الإعفاءات الجمركية ويتم انتهاج منهجية "رابح رابح" فيتم استيراد السلع الوسيطة من الدولة الإفريقية وتصدير المنتجات النهائية إلى السوق الإفريقية.
وأضافت أن الخطوات التنفيذية المتخذة لدعم الصادرات المصرية الإفريقية، تتضمن أيضا تدشين مراكز لوجستية مصرية في كينيا ونيجيريا وتنزانيا لخلق ميزة تنافسية للصناعات المصرية داخل القارة، والانتهاء من الجزء الأول من طريق القاهرة – كيب تاون، داخل مصر ويتم تشجيع باقي الدول للوفاء بالتزاماتها، بجانب تطوير الموانئ المصرية للمساهمة في تطوير عملية النقل والشحن والتفريغ، والبدء في تنفيذ الاستراتيجية الشاملة لتعميق التصنيع المحلي وزيادة معدلات التصدير، وذلك بالتنسيق مع كافة أجهزة الدولة، وكذلك افتتاح أربعة معارض متخصصة في مجال الصناعات الهندسية؛ بهدف المساهمة في زيادة الصادرات، وإطلاق الخطة الاستراتيجية لزيادة الصادرات المصرية من الصناعات الكيماوية، والارتقاء بمنظومة الخدمات المقدمة لمجتمع المصدرين والمستوردين، كما تم تطوير معامل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات لزيادة الصادرات المصرية ودعم المصدرين، وإطلاق المرحلة الرابعة من مبادرة السداد النقدي الفوري لمتأخرات دعم المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات، وكذلك إطلاق خطة 100 إجراء لتحفيز قطاع الصناعة وتنمية الصادرات الصناعية.
واختتمت الورقة بتقديم عدد من التوصيات والسياسات والخطط التنفيذية المقترحة التي تُوصى باتخاذها لتعظيم الصادرات والاستفادة من مجهودات الدولة الحالية والتركيز على الحلول العملية قصيرة ومتوسطة الأجل التي يمكن تبنيها، وقد تم تقسيم السياسات المقترحة إلى ثلاثة أقسام: هي آليات فنية ومعلوماتية، وآليات لوجستية وإدارية وتكنولوجية وإجرائية، وآليات بحثية وعلمية وقانونية، بهدف المساهمة في تعظيم الصادرات المصرية الإفريقية، وذلك بالتوازي مع مبادرات الدولة الحالية، وبما يحقق أوجه التعاون على المستوى الوطني والتكامل الاقتصادي على المستوى الإقليمي والدولي.
ففيما يتعلق بالآليات الفنية والمعلوماتية، أوصت الورقة بتفعيل المجلس الأعلى للتصدير لتطوير السياسات والخطط ومراجعة الدراسات ومراحل التنفيذ، بجانب إعداد مصفوفة المسؤوليات للجهات ذات الصلة وفصل الأدوار وتكامل الأعمال Responsibility Matrix، وإجراء دراسات السوق الإفريقية المتنوعة وتحديد الفرص التنافسية للمصدرين ودراسة الخبرات الدولية، مع إنشاء منصة معلوماتية وبوابة إلكترونية موحدة للصادرات والفرص المتاحة وتفعيل آليات الربط الإلكتروني، بجانب تدريب صغار المستثمرين والمصدرين وتبادل الخبرات، وكذلك تبني حملة تسويقية لتشجيع المصدرين وصغار المستثمرين (صادراتنا لقارتنا)، وتفعيل دور المرأة في الصناعات الصغيرة وتنشيط الصادرات.
وعلى صعيد الآليات اللوجستية والإدارية، اقترحت الورقة إنشاء مكتب إقليمي رئيس وتطوير مراكز خدمات لوجستية مركزية تستهدف تغطية القارة الإفريقية وتعزز التواصل والتكامل، مع التركيز على سلاسل الإنتاج والإمداد، بجانب تنظيم معارض تجارية وإرسال الوفود وعقد بروتكولات التشارك والتعاون، وتطوير ورفع كفاءة البنية التحتية وآليات النقل والانتقال ونقل البضائع، وكذلك تطوير إجراءات الموانئ والجمارك والرقابة والفحص، وبناء منظومة متكاملة للصادرات وربط الجمارك والجهات ذات الصلة من خلال منظومة التحول الرقمي، وتفعيل شركات ضمان لمخاطر التصدير، وتفعيل التكتلات على غرار النموذج الأوروبي.
بشأن الآليات البحثية والعلمية والقانونية، أوصت الورقة بالاستفادة من الأبحاث الأكاديمية وعقد البروتوكولات مع الجهات البحثية والجامعات، ودراسة الأسواق ذات الميزة النسبية وأوجه الاستفادة من التجارب الدولية وإجراء المقارنات، بجانب تبادل الدراسات والخبرات الدولية وإرسال البعثات وتبني آليات التصنيع التحويلي، ومراجعة وتحسين المواصفات الفنية وقواعد المنشأ وتحديد آليات تحسين المنتجات ومطابقتها عالميًا.