استمرت الدبلوماسية المصرية خلال العام الذي أوشك على الانتهاء جهودها ومساعيها التي انطلقت منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد عام 2014 لتعزيز وترسيخ ثقل مصر ودورها المحوري إقليميًا ودولياً واستعادة مكانتها ودورها لصالح شعبها العظيم .
نجاح أداء الدبلوماسية استمد زخماً إضافياً من رؤية القيادة السياسية للأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكاً لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها.
ورسخت مصر بخطى واثقة تحركات سياستها الخارجية وشراكاتها لتعزيز علاقاتها مع ربوع العالم، وفي هذا الإطار..شهدت العلاقات المصرية الأوروبية خلال العام الذي نودعه بعد أيام، تطوراً ملحوظاً على المستويات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والتي تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات، حرصت القيادة السياسية في عهد الرئيس السيسي على تنميتها وتعزيز أطر التعاون المشترك بين الجانبين في مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يعد أحد الداعمين الرئيسيين لمصر إقليميًا ودوليًا.
تطور غير مسبوق للعلاقات المصرية الأوروبية تحقق خلال السنوات الماضية على المستويات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي تستند على تاريخ طويل من التعاون حرصت القيادة السياسية في عهد الرئيس السيسي على تنميته وتعزيز أطره في مختلف المجالات..وحرص متبادل من جانب الاتحاد الأوروبي على تطويره تقديراً لمكانة مصر كونها ركيزة للاستقرار في الشرق الاوسط وإفريقيا، فضلًا عن الانطلاقة الكبيرة التي تشهدها البلاد والتنمية التي تتنامى كل يوم على أرضها وتقف المشروعات العملاقة عليها شاهداً.
وشهدت العلاقات المصرية الأوروربية دفعة قوية على مدار 2023، سواء على المستوى الثنائي من خلال زيارات رئيس الجمهورية لعدد من دول القارة الأوروبية..أو متعددة الأطراف من بينها آلية التعاون الثلاثي مع اليونان وقبرص، أو تطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة مع دول فيشجراد.
واتسم نسق العلاقات المصرية الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بالاستمرارية في وتيرته العالية من الزيارات المُتبادلة رفيعة المستوى بين الجانبين، سواء في إطار العلاقات الثنائية مع الدول الأوروبية، أو مع الاتحاد الأوروبي، وذلك في ضوء العلاقات المتشعبة بين مصر والاتحاد الأوروبي، بالإضافة لكون الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري واستثماري لمصر، حيث تطرقت تلك اللقاءات إلى ملفات تعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق والتشاور تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
علاقات قوية أكد عليها الرئيس السيسي في العديد من اللقاءات مع مسئولي الاتحاد الأوروبي، حيث أعرب خلال لقاء السيسي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين - على هامش قمة العشرين في سبتمبر الماضي بالهند - عن التطلع لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي استناداً إلى مبادئ الاستفادة المتبادلة والمصلحة المشتركة، وذلك كركيزة للتكامل والاستقرار الإقليمي، وباعتباره شريكاً مهماً في عملية التحديث التي تشهدها مختلف القطاعات التنموية في مصر، بما في ذلك مشروعات البنية التحتية الكبرى، ومشروعات الطاقة، والتحول الأخضر.
في حين أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أهمية وثيقة "أولويات المشاركة المصرية الأوروبية حتى عام 2027" كإطار حيوي لمزيد من تعميق الشراكة المصرية الأوروبية خلال السنوات القادمة في كافة المجالات.
أهمية الاتحاد الأوروبي في إطار السياسة الخارجية لمصر، سواء من ناحية كونه الشريك التجاري الأول لمصر، وكذلك في ضوء الروابط المتشعبة والممتدة التي تجمع بين الجانبين، والتحديات المشتركة التي تواجههما على ضفتي المتوسط، أكد عليها الرئيس السيسي خلال استقباله في يونيو الماضى، چوزيب بوريل الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة والأمنية للاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية.
تشاور مستمر بين الجانبين حيال الملفات والقضايا الإقليمية والدولية ظهر جلياً في خضم التطورات التي تشهدها غزة والعدوان الإسرائيلي الغاشم على القطاع حيث تلقى الرئيس السيسي العديد من الاتصالات الهاتفية من كبار مسئولي الاتحاد والمفوضية الأوروبية وقادة البلدان الأوروبية بالنظر إلى الدور الكبير الذي تقوم به مصر لإنقاذ المدنيين وإنفاذ وتنسيق دخول المساعدات الإنسانية إلى الأشقاء الفلسطينيين.
الطابع الإستراتيجي يغلب على العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، وأهمية التعاون المشترك في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتصاعدة في الوقت الراهن، بخاصة أن مصر تُعد ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط وبوابة إفريقيا، وهو ما أكد عليه الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي - في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط - حيث وصف الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي بأنها "ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لأوروبا".
الأمر ذاته أكد عليه وزير الخارجية سامح شكري خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في يونيو الماضي مع جوزيب بوريل حيث أشار إلى أن العلاقات مع أوروبا تمثل أولوية لدى القاهرة في جميع المجالات، لافتا إلى وجود تنسيق مصري أوروبي مستمر حيال التحديات الراهنة، كما شدد وزير الخارجية على ضرورة تكثيف التعاون مع الاتحاد الأوروبي لتحقيق المصالح المشتركة.
مصر "الجار الوثيق للاتحاد الأوروبي" كما وصفها سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة كريستيان برجر الذي أكد - في تصريحاته لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن مصر والاتحاد يتعاونان بشكل وثيق من أجل مواجهة التحديات المشتركة، كما يترأسان حاليا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
وكشف السفير برجر عن أن عام 2022 - 2023 شهد طفرة كبيرة فيما يخص الصادرات المصرية إلى أوروبا مقارنة بعام 2021 وذلك بفضل الصادرات المصرية من الغاز إلى عدد من الدول الأوروبية، واصفا مصر بأنها شريك اقتصادي رئيسي للاتحاد الأوروبي في منطقة البحر المتوسط..وأكد أن التنمية الاقتصادية المستدامة لمصر أمر بالغ الأهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
46 عاماً من العلاقات المتميزة بين مصر والاتحاد الأوروبي، سنوات من الزخم في التعاون وشراكة إستراتيجية تتأهب لقفزة جديدة في ظل الجمهورية الجديدة ومع بداية عام 2024 الذي تشهد معه مصر مرحلة جديدة مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي ولاية جديدة على رأس البلاد.