جانب من اللقاء
التقى سامح شكري وزير الخارجية، اليوم الإثنين، خلال زيارته الحالية لأثينا، مع جورجيوس جيرابيتريتيس وزير خارجية اليونان.
وتضمن اللقاء، عقد اجتماع ثنائي مغلق بين الوزيرين، أعقبه جلسة مباحثات موسعة شملت الوفدين المصري واليوناني، تناولت مختلف جوانب العلاقات الثنائية والتشاور المكثف حول التطورات التي تشهدها المنطقة.
وتأتي الزيارة في إطار حرص البلدين على ترسيخ علاقات الصداقة التاريخية الممتدة والتي تشهد حاليًا نقلة نوعية تضعها في مصاف العلاقات الإستراتيجية التي ترتكز على محاور سياسية واقتصادية وعسكرية، وروابط تاريخية ممتدة وقرب جغرافي أسهم في توسيع نطاق المصالح المشتركة.
وأشار السفير أحمد أبو زيد المتحدث باسم الوزارة، إلى ما تعكسه وتيرة الزيارات الرفيعة المتبادلة بين البلدين من حرص على التنسيق الدائم من أجل إرساء دعائم الأمن والاستقرار الإقليميين بمنطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط، انطلاقًا من الرؤى والقيم المشتركة التي يتقاسمها البلدان.
وقال "أبو زيد"، إن المباحثات أكدت الاعتزاز المشترك بعمق العلاقات التاريخية والتقارب الدائم بين البلدين على مختلف الأصعدة، مع تجديد الالتزام بالعمل المشترك لتعزيز تلك العلاقات، استنادًا للإعلان المشترك لتأسيس مجلس التعاون رفيع المستوي الذي تفضل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء اليوناني بالتوقيع عليه خلال زيارة الأخير إلى القاهرة في مارس الماضي.
وأكد الجانبان أهمية العمل على تفعيل هذا المجلس وعقد أولى جلساته في أقرب فرصة.
وركزت مناقشات التعاون الثنائي بشكل كبير على التعاون الاقتصادي، حيث أكد "شكري"، أهمية دفع وتعزيز وتطوير الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في علاقات مصر واليونان، واستشراف المزيد من آفاق التعاون في مختلف المجالات والارتقاء بها عبر آليات تعاون مبتكرة تمتلك القدرة على معالجة ومواكبة التحديات الراهنة السياسية والأمنية والاقتصادية، وبما يتلاءم مع تميز وقوة الروابط السياسية التي تجمع البلدين.
وتناول الجانبان برامج التعاون المشتركة بمجال الطاقة باعتباره أحد مجالات التعاون ذات الأولوية للبلدين، حيث توافقا على أهمية الإسراع في تنفيذ مشروع الربط الكهربائي "GREGY" بين البلدين، والذي سيسمح بتصدير الكهرباء المنتجة من الطاقة الجديدة والمتجددة لأول مرة من مصر إلى القارة الأوروبية عبر اليونان، بما يُعد نقلـة نوعية غير مسبوقة تمكن مصر من الإسهام في تعزيز أمن الطاقة للقارة الأوروبية.
كما دعا "شكري"، الجانب اليوناني للمشاركة في مؤتمر الاستثمار المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي، المقرر عقده في مصر يومي ٢٩ و٣٠ يونيو المقبل؛ لجذب الاستثمارات الأوروبية إلى مصر، والترويج لمصر كمركز محوري للشركات الأوروبية.
وتطلع وزير الخارجية، إلى مشاركة يونانية فاعلة في المؤتمر في ضوء العلاقات الثنائية القوية بين مصر واليونان، كما اتفق الجانبان على أهمية تعزيز حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة واستغلال كافة إمكانات البلدين كدولتين محوريتين بمنطقة شرق المتوسط، بما يرقى وطبيعة العلاقات.
وأكدت المحادثات أولوية تنفيذ وتفعيل اتفاقية العمالة الموسمية في القطاع الزراعي الموقعة بين البلدين، كما تناولت استشراف فرص التعاون في عدد من المجالات الواعدة مثل مجال النقل البحري والسياحة.
واتصالاً بالتعاون الإقليمي، تناول الوزيران، سبل تعزيز التعاون في إطار آلية التعاون الثلاثي التي تجمع مصر واليونان وقبرص والتي تعد أساساً لشراكة راسخة في المنطقة، ونموذجًا يحتذى لآليات التعاون الإقليمي المتكامل.
وأعرب "شكري"، عن تطلع مصر لاستضافة القمة الثلاثية المقبلة، مؤكداً أهمية الاستمرار في تطوير الأطر التعاقدية والمشروعات المشتركة المنبثقة عن الآلية للانتقال بهذا النسق التعاوني إلى إنجازات ملموسة.
وتطرقت المحادثات أيضًا، إلى عدد من الموضوعات ذات الأولوية للبلدين، ومن بينها جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، كما استحوذت القضية الفلسطينية على شق معتبر من المناقشات.
وتناول الوزيران ما آلت إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديداً في قطاع غزة من مأساة إنسانية، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، بجانب تهديدات إسرائيل بشن هجوم بري على مدينة رفح الفلسطينية، وما قد يترتب عليه من تداعيات شديدة الخطورة تهدد الأمن والاستقرار الإقليميين.
واستعرض وزير الخارجية، المساعي المصرية الهادفة لاحتواء الأزمة الراهنة عبر الاتصالات المُكثفة مع طرفي الصراع وبالتنسيق مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، مؤكداً ضرورة التعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور شامل يضمن حقوق الفلسطينيين بإقامة دولتهم على خطوط ما قبل ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً للمرجعيات الدولية.
وأكد وزير الخارجية، تعويل مصر على الدور المأمول لليونان للدفع داخل الاتحاد الأوروبي بضرورة التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، والعمل بالتوازي على مُعالجة تداعيات الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
وجدد "شكري"، تأكيد رفض مصر التام لسيطرة إسرائيل على معبر رفح، مما أدى إلى الحيلولة دون نفاذ المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع، وضرورة أن تتحمل إسرائيل مسئوليتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال.
وشدد "شكري"، رفض مصر لأية عملية عسكرية داخل مدينة رفح الفلسطينية، وأية محاولات لتصفية القضية الفلسطينية ومُحاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، منوهاً بأن ما تفعله إسرائيل حالياً بمدينة رفح الفلسطينية يُعرّض أكثر من مليون فلسطيني لأخطار إنسانية محدقة وخطر النزوح.
كما تناول الوزيران، التهديدات الأمنية في البحر الأحمر اتصالاً بالحرب في غزة، وتأثيراتها على حركة الملاحة البحرية في المنطقة، والمخاوف المتزايدة من احتمالات أن تؤدي إطالة أمد الحرب الجارية من اتساع نطاق الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط.
وتم تناول مجمل تطورات الأوضاع في المنطقة مثل الأوضاع في ليبيا وسوريا والسودان، وحرص "شكري"، على اطلاع الوزير اليوناني على نتائج الاتصالات والتحركات المصرية الأخيرة ذات الصلة بتلك القضايا، مبرزاً الجهود المبذولة لإيجاد أفق لاستعادة الاستقرار والسلام بالمنطقة.
وفي الختام، توافق الوزيران على أهمية العمل على تعميق التعاون الثنائي بين مصر واليونان لضمان مستقبل مزدهر للعلاقات، يُضاهي العلاقات التاريخية التي تجمعهما، بجانب استمرار التشاور والتنسيق الوثيق بين الجانبين إزاء التطورات المتلاحقة على الساحتين الدولية والإقليمية، وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتنسيق المواقف إزاء القضايا ذات الأولوية، واستمرار التعاون بين البلدين في الأطر متعددة الأطراف.