مساءُ الخيرِ هنا غزَّة!.. تحت هذا العنوان كتب الفلسطينى د.أدهم شرقاوى المثقف والمؤلف المعروف مقالا رائعا.. وصف فيه الحالة فى غزة الصامدة ، مبشرا بالنصر القريب والتمكين الآتى لا ريب.
فقال الرجل:مساءُ الخيرِ هنا غزَّة، الحكايةُ القديمةُ تُعاد، الأحزابُ أجمعوا أمرهم ثمَّ جاؤوا صَفًّا، والقِلَّةُ المؤمنة ادَّرعتْ بالخندقِ، وعمرو بن ودٍّ عاجزٌ عن العبور ما زال، فالصَّحابةُ يتناولونهم بقذائف الياسين، والمنافقون في المنتصفِ، مُذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ولأنها معركة لا تعرفُ المنتصفَ، فمن ليس مع هؤلاء فهو مع أولئك، غدا اللون الرّماديَّ أقبح الألوان، وأُعدَّتِ المنازلُ في الدَّركِ الأسفلِ من النَّار!
طوبى للغرباء
مساءُ الخيرِ هنا غزَّة، كأنّه من قدرِ الغرباء في كلِّ زمنٍ أن تضيقَ عليهم ديارهم، من مكّة إلى الطائفِ بحثاً عن نصير، ومن مكّة إلى الحبشة بحثاً عن مُجير، ومن مكة إلى المدينة بحثاً محطِّ رحال! من شمال غزَّة إلى وسطها نزحوا، ومن خان يونس إلى رفح هاجروا، ومن رفح مرَّةً أخرى إلى ما أفلتَ سابقاً من فم الموت يمموا وجوههم شطره، خيامهم على ظهورهم، حيثما ظنُّوا أنَّ بقعةً تُجيرهم من الموتِ حطُّوا رحالهم فيها، ولكن في غزَّة بعض الظنِّ شهادة!
البيعة على الموت
مساءُ الخيرِ هنا غزَّة، قبل الحُديبية بلحظاتٍ قلائل بايعوا على الموتِ عند الشَّجرة، أقسموا، وهم يضعون أيديهم فوق يد النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أن لا يَفِرُّوا، ولا يديروا ظهورهم لعدوّهم، وهاي هي بقيَّتُهم، تعيدُ بيعتهم، أقسموا جميعاً لواءً لواءً، وكتيبةً كتيبةً، وفصيلاً فصيلاً، أن لا يُؤتى الإسلام من قِبَلِهم، أقسموا وبرُّوا بأيمانهم، المرَّة الوحيدة التي رأينا فيها ظهر أحدهم مواجهاً لعدوّه كانت حين ألصقَ الشّهيد السّاجد جبهته بالأرض، وكأنه يقول: هل بررتُ بقسمي يا ربّ؟!
موعد مع الفتح
مساءُ الخيرِ هنا غزَّة، كرٌّ وفرٌّ هي المعارك، نُصيبُ منكم في بدرٍ وتُصيبون منا في أُحدٍ، غير أننا على موعدٍ مع الفتح، وأنتم على موعدٍ مع الذَّبح! فاللهُمَّ إنّا نُؤمنُ بكتابكَ، ونُصدِّقُ رسولكَ، ونثِقُ بوعدكَ، فمن قضى منّا فاكتبه عندك في الخالدين، ومن بقيَ فاكتبه عندك في سجّل الفاتحين، فإننا نعرفُ أنها ليست آخر الحكاية، ولا هو آخر نزالٍ، ولكنّك تُدبِّرُ أمراً نُؤمنُ به، وإنَّا على عهدكَ ووعدكَ ما استطعنا!
أدهم شرقاوي: مدونة العرب