تحسين أداء القطاع الخاص في مصر هو هدف أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل. مصر تسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال مجموعة من الإصلاحات والسياسات التي تستهدف إزالة المعوقات وتعزيز بيئة الأعمال.
شهد القطاع الخاص غير النفطي في مصر تحسناً ملحوظًا الشهر الماضي، حيث تقلص انكماشه قليلاً مسجلاً أدنى مستوياته في 3 أشهر في ظل تباطؤ الانخفاض في الإنتاج والأعمال الجديدة، وسط بعض المؤشرات على نمو قطاع التصنيع، بحسب مؤشر مديري المشتريات الصادر عن "إس آند بي غلوبال" اليوم الثلاثاء.
أظهر تقرير مؤشر مدير المشتريات في مصر الذي يقيس أداء القطاع الخاص وجود ضغوط إضافية على أسعار المشتريات لدى الشركات في نوفمبر 2024 بسبب ارتفاع سعر الدولار.
وأشار التقرير إلى أن تراجع ضغوط التكلفة رغم ارتفاع الدولار أدى إلى تراجع التضخم في أسعار المنتجات ، حيث ارتفعت أسعار المبيعات بشكل متواضع وإلى أقل حد منذ أربعة أشهر.
وارتفع سعر الدولار أمام الجنيه المصري خلال الفترة الماضية لاعلى مستوى منذ مارس الماضي قرب مستوى 50 جنيهاً.
وذكر ديفد أوين الخبير الاقتصادي لدى S&P Global أنه مع انخفاض معدلات التضخم في تكاليف مستلزمات الإنتاج وأسعار الإنتاج يشير إلى احتمال انخفاض التضخم في أسعار المستهلكين خلال الأشهر المقبلة.
ارتفاع مؤشر مدير المشتريات
ارتفع مؤشر مديري المشتريات في مصر خلال نوفمبر 2024 للشهر الثاني على التوالي ليقترب من المستوى المحايد 50 نقطة.
وأوضح تقرير مؤشر مديري المشتريات التابع لـ S&P Global الصادر اليوم، أن المؤشر سجل في نوفمبر 49.2 نقطة مقابل 49 نقطة في أكتوبر السابق له.
وأشار التقرير إلى مزيد من التراجع في ظروف التشغيل على مستوى القطاع غير المنتج للنفط المصري؛ لافتاً إلى انخفاض مستويات الإنتاج استجابة لضعف تدفق الطلبات؛ لكن معدل التباطؤ تراجع إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر.
ولفت التقرير إلى انخفاض نشاط القطاع الخاص غير المنتج للنفط للشهر الثالث على التوالي مع ضعف الطلب المستمر من جانب العملاء، وانخفض حجم الطلبات الجديدة؛ ليستمر الاتجاه السائد منذ شهر يوليو.
ومع ذلك، تباطأت معدلات الانكماش مقارنة بالشهر السابق، حيث أفادت بعض الشركات بحدوث انتعاش في الأعمال الجديدة في ظل بعض مؤشرات التعافي.
وأشارت الشركات غير المنتجة للنفط إلى تراجع التضخم في تكاليف مستلزمات الإنتاج خلال شهر نوفمبر، حيث انخفضت ضغوط الأسعار إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر.
ارتفع مؤشر مديري المشتريات في مصر بنسبة طفيفة من 49.0 نقطة في أكتوبر إلى 49.2 نقطة في نوفمبر، ليقترب أكثر من مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش. وكان المؤشر قد تجاوز المستوى المحايد في أغسطس لأول مرة في أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة.
في الوقت ذاته تراجعت ثقة الشركات في النشاط المستقبلي، لينخفض عدد الوظائف بأسرع وتيرة منذ فبراير.
"تباطأ الانخفاض في الإنتاج والأعمال الجديدة في مختلف القطاعات غير المنتجة للنفط في نوفمبر مما يشير إلى أن ظروف العمل تقترب من الاستقرار" بحسب ما ذكره ديفد أوين، خبير اقتصادي أول في "إس آند بي غلوبال ماركت إنتلجنس"، في التقرير.
استمرار ضعف طلب العملاء بمصر
عزا التقرير انكماش نشاط القطاع الخاص في مصر للشهر الثالث على التوالي، إلى ضعف الطلب المستمر من العملاء وانخفاض حجم الطلبات الجديدة في استمرار لاتجاه سائد منذ يوليو.
وسجلت زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج أقل ارتفاع لها منذ يوليو، على الرغم من بعض الضغوط على تكاليف المواد بسبب ارتفاع سعر الدولار، كما تباطأ التضخم في أسعار المنتجات وسط انخفاض طفيف في متوسط أسعار الإنتاج في قطاع الإنشاءات، بحسب التقرير.
ساهمت زيادة صادرات مصر السلعية في تراجع قيمة عجز الميزان التجاري "غير النفطي" للبلاد خلال أول 9 أشهر من هذا العام، بحسب وثيقة حكومية اطلعت عليها "الشرق".
لكن أعداد العمالة تراجعت في نوفمبر، بعد زيادتها على مدى أربعة أشهر، بفعل انخفاض حجم المبيعات وتراجع ثقة الشركات.
"يشير تراجع نشاط الشراء والتوظيف إلى أن الشركات لا تتوقع أن تواجه تحديات كبيرة في مستويات الطاقة الإنتاجية في الأشهر المقبلة، ويعكس انخفاض التفاؤل تجاه النشاط المستقبلي أيضا درجة كبيرة من عدم اليقين في السوق" بحسب أوين.
المسح الذي استند إليه المؤشر أظهر وجود بعض علامات النمو في قطاع التصنيع حيث ارتفع الطلب على السلع، وإن كان بشكل متواضع، مما أدى إلى زيادة الإنتاج، وساعد ذلك على تعويض الانكماش المستمر في قطاعات الإنشاءات والجملة والتجزئة والخدمات.
أبرز خطوات تحسين أداء القطاع الخاص في مصر:
1. الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية:
- تحرير الاقتصاد: تحرير سعر الصرف منذ عام 2016 ساهم في تحسين مناخ الاستثمار، على الرغم من التحديات المتعلقة بالتضخم.
- إصلاح الدعم: تقليص الدعم عن الطاقة والكهرباء لتوجيه الموارد بشكل أفضل وتحفيز كفاءة استخدام الموارد.
- إصلاح منظومة الضرائب: تحسين كفاءة النظام الضريبي وتوسيع قاعدة الضرائب بما يخفف الضغط عن الشركات الصغيرة والمتوسطة.
2. تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP):
- توسيع دور القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات القومية والبنية التحتية مثل مشروعات النقل، المياه، والطاقة.
- العمل على إصدار إطار تشريعي وتنظيمي يحفز على شراكة متوازنة بين القطاعين.
3. تحسين بيئة الاستثمار:
- القوانين والتشريعات: مثل قانون الاستثمار الموحد وقانون الإفلاس، لتبسيط الإجراءات وتقليل المخاطر التي تواجه المستثمرين.
- إزالة البيروقراطية: إنشاء مراكز خدمة المستثمرين لتوفير خدمات متكاملة وتسريع إصدار التراخيص.
- هيئة الاستثمار: تفعيل دور الهيئة العامة للاستثمار في جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
4. توفير التمويل:
- دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرات البنك المركزي المصري مثل مبادرة تمويل المشروعات بفائدة مخفضة.
- تشجيع التمويل غير المصرفي مثل التأجير التمويلي ورأس المال المخاطر.
5. تطوير البنية التحتية:
- تحسين البنية التحتية للنقل والطاقة والاتصالات، وهو ما ينعكس إيجابياً على تكاليف التشغيل.
- مشروعات قومية مثل العاصمة الإدارية الجديدة والمناطق الصناعية المتكاملة، التي توفر بيئة عمل مناسبة للقطاع الخاص.
6. تحفيز الصادرات:
- تقديم دعم للمصدرين وتسهيلات للوصول إلى الأسواق الدولية.
- إطلاق برامج لدعم الصناعات ذات الأولوية التصديرية، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية والمنسوجات.
7. تعزيز التحول الرقمي:
- تشجيع الشركات الخاصة على تبني التكنولوجيا الحديثة لتسهيل العمليات التجارية.
- رقمنة الخدمات الحكومية مما يقلل التعامل المباشر مع الجهات الحكومية ويحد من الفساد.
التحديات القائمة:
- ارتفاع تكلفة التمويل: بسبب معدلات الفائدة المرتفعة.
- التضخم: يؤثر سلباً على الاستثمارات والأعمال التجارية.
- المنافسة مع القطاع العام: حيث ما زالت بعض القطاعات تهيمن عليها الشركات المملوكة للدولة.
- البيروقراطية: على الرغم من الإصلاحات، لا تزال العقبات الإدارية تشكل تحدياً.
مؤشرات التحسن:
- زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
- نمو القطاعات التكنولوجية والصناعات الصغيرة والمتوسطة.
- تحسن ترتيب مصر في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي.