
في ليلة حجبت فيها ألسنة اللهب سماء القاهرة، تبدلت ألوان السماء فوق منطقة وسط البلد مع غروب شمس اليوم الاثنين، إذ غطت سحب كثيفة من الدخان الأسود معالم القاهرة، وامتدت رائحة الحريق على مسافات بعيدة، فيما كانت ألسنة اللهب تتصاعد من مبنى سنترال رمسيس الذي التهمته النيران بالكامل في واحدة من أكبر الحرائق التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الأخيرة.
ضربة موجعة للبنية التحتية الرقمية في مصر
يمثل حريق سنترال رمسيس ضربة موجعة للبنية التحتية الرقمية في مصر، وكشف عن وجود خلل بالمنظومة الإلكترونية التي يعتمد عليها الملايين في حياتهم اليومية. وبينما تبذل الجهات المختصة جهودًا مكثفة للسيطرة على الحريق وإعادة تشغيل الخدمات، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى جاهزية القطاعات الحيوية للتعامل مع الأزمات المفاجئة وغياب خطط الطوارئ الرقمية.
وقامت قوات الحماية المدنية بالقاهرة، بعمل بطولي منذ أكثر من ثماني ساعات، جهودها لإخماد الحريق الضخم الذي اندلع داخل مبنى سنترال رمسيس بوسط البلد، أحد أقدم وأهم مراكز الاتصالات في مصر. الحريق الهائل، الذي تصاعدت منه أعمدة الدخان الكثيفة، تسبب في شلل غير مسبوق بشبكات الاتصالات والإنترنت، فضلاً عن تعطل قطاعات حيوية تمس حياة المواطنين اليومية.

جهود مكثفة للسيطرة على الحريق وسط استنفار أمني
دفعت الأجهزة المعنية بـ 20 سيارة إطفاء و3 خزانات مياه في محاولة لمحاصرة النيران، مع تنفيذ تحويلات مرورية وإخلاء المبنى من العاملين، حفاظًا على الأرواح. وأعلنت الجهات المختصة عن بدء تحقيقين فني وأمني للوقوف على ملابسات الحريق الذي طال أحد طوابق المبنى في الساعات الأولى من اليوم.
وحتى الآن، ارتفع عدد المصابين بالاختناق إلى 40 شخصًا، تم نقل معظمهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج، بينما تواصل فرق الإطفاء تأمين الموقع تمهيدًا لإجراء المعاينة الفنية.
تعطل شبكات الهاتف الأرضي والإنترنت
تسببت النيران في توقف خدمات الهاتف الأرضي والإنترنت المنزلي في عدد من المحافظات، في وقت تأثرت فيه جودة المكالمات المحمولة، خصوصًا في المناطق المرتبطة بشبكة سنترال رمسيس، ما أدى إلى حالة من الشلل الرقمي الواسع داخل البلاد.
توقف تطبيقات الدفع الإلكتروني.. وعلى رأسها "إنستاباي"
أدى الحريق إلى انهيار خدمات الدفع الإلكتروني، خصوصًا عبر تطبيق "إنستاباي"، الذي يعتمد عليه ملايين المصريين في تحويل الأموال وسداد الفواتير. وتوقفت كذلك خدمات شركات مثل "فوري"، "Bee"، "ميزة"، و"مدى"، ما تسبب في شلل بالخدمات المصرفية والتجارية.
تعطل ماكينات الصراف الآلي ونقاط البيع
اشتكى مواطنون من توقف ماكينات الصراف الآلي (ATM) وخدمات نقاط البيع (POS) في عدد من البنوك والمتاجر ومكاتب البريد والصيدليات ومحطات الوقود، مما تسبب في طوابير وتكدس عند بعض الفروع، وسط غياب الحلول الفورية.
ارتباك في منظومة التموين وخروج نظام الدعم عن الخدمة
امتدت تداعيات الحريق إلى شبكات صرف السلع التموينية، حيث أدى تعطل النظام الإلكتروني الخاص ببقالي التموين إلى شلل في صرف الحصص التموينية، ووقوع مشادات أمام بعض المنافذ التموينية، نتيجة تأخر الخدمة وتعطل "السيستم".
توقف تام لأنظمة حجز تذاكر القطارات وتعطل خدمات الطوارئ
من أبرز نتائج الحريق، تعطل أنظمة حجز تذاكر القطارات في مختلف المحطات، سواء من الشبابيك أو التطبيقات الرقمية الرسمية، ما أحدث ارتباكًا واسعًا داخل محطات السكة الحديد. كما أُعلنت بدائل لأرقام الطوارئ مثل النجدة والإسعاف، بعد توقف أرقام الطوارئ التقليدية نتيجة انقطاع الاتصالات.
خسائر تقنية وخدمية واسعة وتحقيقات موسعة لمعرفة الأسباب
مع دخول الحريق يومه الثاني يواجه قطاع الاتصالات في مصر أزمة غير مسبوقة ،
أعلن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، اليوم، السيطرة الكاملة على الحريق الذي اندلع صباحًا داخل سنترال رمسيس التابع للشركة المصرية للاتصالات، مؤكدًا أن فرق الدفاع المدني تواصل أعمال التبريد لضمان استقرار الوضع الفني.
نقل حركة الإنترنت
وأوضح الجهاز في بيان رسمي أنه تم نقل حركة الإنترنت الثابت بالكامل إلى مركز الحركة التبادلي بسنترال الروضة، وذلك كإجراء احترازي لضمان استمرارية الخدمة لعملاء الشركة، وتقليل التأثير الناتج عن الحريق.
وأشار البيان إلى أن خدمات الإنترنت الثابت والمحمول (صوت ونقل بيانات) لدى شركات المحمول الثلاث قد تأثرت نسبيًا نتيجة تعطل بعض دوائر الربط الحيوية.
وأكد الجهاز وجود تنسيق مستمر بين الفرق الفنية بالمصرية للاتصالات وشركات المحمول، بهدف إعادة توجيه حركة البيانات عبر مسارات بديلة في سنترالات أخرى، ومن المتوقع استعادة الدوائر المتأثرة بالكامل خلال 24 ساعة.
خدمات الطوارئ تعمل بكفاءة
شدد الجهاز على أن جميع خدمات الطوارئ تعمل بكفاءة تامة، لافتًا إلى أن التأثير الأبرز يتركز في محيط منطقة سنترال رمسيس، حيث لا تزال بعض خدمات الهاتف الأرضي والمحمول متأثرة جزئيًا، مشيرًا إلى أن العمل جارٍ لإعادة الخدمة تدريجيًا.
وأكد الجهاز القومي التزامه الكامل بـتعويض العملاء المتضررين من الانقطاع المؤقت للخدمة، وفقًا للوائح التنظيمية المعتمدة، مشيرًا إلى أنه سيصدر بيانات دورية لتحديث تطورات الموقف.