متوسطو الدخل يمتنعون...قفزات قياسية في إيجارات الساحل الشمالي "تبدأ من 800 دولار لليلة"

تشهد منطقة الساحل الشمالي في مصر صيفًا استثنائيًا من حيث الطلب والأسعار، حيث سجلت أسعار الغرف الفندقية والشاليهات زيادات تتراوح بين 10% و70% خلال موسم الصيف الجاري، مدفوعة بإقبال قوي من المواطنين والسياح، خاصة من دول الخليج، وسط محدودية في الطاقة الفندقية المتاحة في بلد يتجاوز عدد سكانه 100 مليون نسمة.

فنادق الخمس نجوم تصل إلى 1000 دولار لليلة

وصرّح محمد عمر، المدير الإقليمي لمبيعات التسويق في فنادق "ريكسوس"، بأن أسعار الليلة في فنادق الخمس نجوم ديلوكس تتراوح بين 800 و1000 دولار خلال شهر يوليو، مقارنة بـ350 إلى 400 دولار للفنادق ذات الأربع نجوم، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 25% عن العام الماضي، مع توقعات بأن تبلغ ذروتها في أغسطس بزيادة 40%.

وأشار إلى أن أسعار العطلات الرسمية تشهد زيادة إضافية تُقدر بـ200 دولار في الليلة الواحدة، ما يعكس زيادة في الطلب تتجاوز قدرة العرض المتاحة حاليًا.

رحلات جوية مباشرة من الخليج إلى العلمين تدعم الزخم السياحي

عزا عمر هذا الارتفاع إلى تدشين رحلات طيران مباشرة لأول مرة من عواصم خليجية إلى مطار العلمين الدولي، ما ساهم في تنشيط حركة السياحة الفاخرة.

فقد بدأت شركات "الخطوط السعودية"، و"طيران ناس"، و"الاتحاد" الإماراتية، تسيير 17 رحلة أسبوعية إلى مطار العلمين منذ يونيو الماضي، فيما رفعت "فلاي دبي" عدد رحلاتها من واحدة فقط في العام الماضي إلى 7 رحلات أسبوعية، بحسب تقارير سابقة.

فنادق "جيوان" الإماراتية تسجّل زيادات تصل إلى 50%

وفي السياق ذاته، أوضح أحمد حسيب، الرئيس التنفيذي لشركة "جيوان" الإماراتية، أن أسعار فنادق الساحل الشمالي التي تديرها شركته حاليًا ارتفعت بنسبة تتراوح بين 20 و50% على أساس سنوي، بدعم من مشروعات التطوير والتحديث.

وتبدأ أسعار الغرف في فنادق "جيوان" هذا الصيف من 12 ألف جنيه لليلة (نحو 242 دولارًا)، مقارنة بـ8 آلاف جنيه العام الماضي، مع وصول نسب الإشغال إلى نحو 80% خلال شهري يوليو وأغسطس.

طلب سياحي قوي من أوروبا الشرقية وروسيا وكازاخستان

تشهد منطقة الساحل الشمالي طلبًا غير مسبوقًا من أسواق جديدة، أبرزها أوروبا الشرقية وروسيا وكازاخستان، ما فوق قدرة مطار العلمين الدولي في أوقات الذروة.

وفي تصريحات تلفزيونية سابقة، أكد وزير السياحة المصري شريف فتحي أن هناك حاجة ملحة إلى زيادة الطاقة الفندقية والاستيعابية في المنطقة لمواكبة النمو المستمر في الحجوزات.

وقد ارتفع عدد السياح الوافدين إلى مصر خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 25% ليصل إلى 3.9 مليون سائح، فيما بلغ إجمالي عدد السياح في 2024 نحو 15.7 مليون بزيادة 5% عن 2023، مع تحقيق إيرادات سياحية تجاوزت 16 مليار دولار.

القطاع السياحي محوري في الاقتصاد المصري

تمثل السياحة أحد أعمدة الاقتصاد المصري، حيث تسهم بما يصل إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعد مصدرًا رئيسيًا للنقد الأجنبي، إلى جانب قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج والصادرات.

أسعار الإيجارات تقفز للشاليهات والفيلات

أما على صعيد الوحدات السكنية خارج الفنادق، فقد أكد هشام إدريس، عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة، أن أسعار الإيجارات ارتفعت هذا الصيف بما لا يقل عن 10% مقارنة بالعام الماضي.

وكشف وسيط عقاري في المنطقة أن إيجارات الشاليهات الاقتصادية تبدأ هذا الصيف من 1500 جنيه لليلة (31 دولارًا)، مقابل 750 جنيهًا العام الماضي، بينما تبدأ الشاليهات المتوسطة من 3000 جنيه (62 دولارًا) بزيادة تصل إلى 70% سنويًا.

أما الفيلات غير المطلة على البحر فتبدأ من 20 ألف جنيه (405 دولارات)، وتصل إلى 30 ألف جنيه (606 دولارات) لليلة الواحدة للفيلات ذات الإطلالة البحرية المباشرة.

مشروعات جديدة تدفع الأسعار إلى الأعلى

أرجع وسطاء وخبراء هذه القفزات إلى انطلاق مشروعات كبرى مثل مدينة رأس الحكمة باستثمارات مباشرة تتجاوز 35 مليار دولار، لتتحول المنطقة إلى وجهة إقليمية كبرى، مع خطة رئيسية تستهدف بناء 190 ألف وحدة سكنية و5 مراسٍ لليخوت وخدمات سياحية متكاملة.

إشغال شبه كامل وإجهاد للقدرة الاستيعابية

وصلت نسبة الإشغال في بعض الفنادق إلى 80% خلال يوليو وأغسطس، ما فاق قدرات مطار العلمين الدولي على استقبال الأعداد المتزايدة في بعض الفترات، بحسب وزير السياحة المصري.

السياحة: محرك أساسي للاقتصاد

ارتفع عدد السياح القادمين لمصر إلى 3.9 مليون سائح خلال الربع الأول من 2025، بزيادة 25%، ووصل عددهم السنوي إلى نحو 15.7 مليون سائح محققين إيرادات قاربت 16 مليار دولار. وتُسهم السياحة بما يصل إلى 15% من الناتج المحلي.

مشروع رأس الحكمة يدفع الطلب العقاري والسياحي

وأشار الوسيط العقاري إلى أن هذه الطفرة السعرية مرتبطة أيضًا بانطلاق مشروع مدينة رأس الحكمة، الذي بدأت فيه أعمال البنية التحتية، ما يعزز من جاذبية المنطقة للمستثمرين والسياح.

ويقع مشروع "رأس الحكمة" على بعد ساعة فقط (83 كم) من مطار العلمين، وقد أُطلق رسميًا في أكتوبر الماضي بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، باستثمارات مباشرة بلغت 35 مليار دولار.

وتشمل الخطة الرئيسية للمشروع منطقة سكنية ضخمة على مساحة 80 مليون متر مربع تحتوي على نحو 190 ألف فيلا وشقة، مخصصة لما يصل إلى مليوني نسمة، بالإضافة إلى 12 مليون متر مربع مخصصة لتجارة التجزئة والترفيه، مع 25% من المساحة للمساحات المفتوحة وخمسة مراسٍ لليخوت والسفن.

الأسعار خارج متناول الكثير من المصريين

من جانبه، أعرب عدد من المواطنين عن استيائهم من الزيادات الكبيرة في الأسعار، مؤكدين أنها لم تعد تناسب دخول قطاع واسع من الطبقة المتوسطة.

وقال محمد حسن، وهو شاب ثلاثيني اعتاد قضاء عطلاته الصيفية في الساحل: "العام الماضي استأجرنا شاليه متوسط المستوى بسعر 6 آلاف جنيه لليلة، هذا العام فوجئنا بارتفاع السعر إلى 8 آلاف بسبب زيادة أسعار الخدمات، مما اضطرنا للتفكير في وجهات أقل تكلفة".

وأضاف: "أسعار الساحل ترتفع بشكل غير منطقي كل عام، ولم تعد كما كانت في بدايات المنطقة حين كانت وجهة صيفية معقولة السعر للفئات المتوسطة".