تراكم متأخرات بنحو 3 إلى 4 مليارات دولار...خطة حكومية لهيكلة ديون قطاع البترول

كشف صندوق النقد الدولي، التحديات الكبيرة التي واجهها قطاع الطاقة المصري خلال عامي 2023 و2024، مشيرًا إلى تراكم متأخرات سداد ضخمة تقدر بنحو 3 إلى 4 مليارات دولار لشركات النفط الدولية العاملة في مصر، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في إنتاج النفط والغاز، واضطرار البلاد لاستيراد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال لتلبية احتياجاتها.

وأوضح الصندوق في وثائق المراجعة الرابعة لقرض مصر، أن الحكومة المصرية، بعد تشكيلها الجديد في يوليو 2024، تعمل على وضع استراتيجية شاملة لإصلاح قطاع الطاقة، تهدف إلى معالجة فجوة الإنتاج، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان مستويات إنتاج مستدامة تلبي الطلب المتزايد.

إصلاحات عاجلة لهيئة البترول

وأشار الصندوق، إلى التزام السلطات المصرية بمعالجة المخاطر المالية التي يشكلها الهيئة المصرية العامة للبترول (EGPC) على الموازنة العامة، خاصة وأن ضمانات الحكومة لصالح الهيئة بلغت نحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أصبحت البنوك المحلية تشترط تقديم الحكومة لضمانات على جميع القروض الموجهة للهيئة. كما تواجه الشركة الوطنية للكهرباء، وهي أحد أكبر عملاء EGPC، صعوبات مالية مماثلة.

وفي إطار معالجة الوضع المالي للهيئة، بدأت الحكومة في اتخاذ سلسلة إجراءات أبرزها: رفع تدريجي وكبير لأسعار الوقود بالتجزئة – باستثناء المازوت الموجه لمخابز الخبز – للوصول إلى مستويات تغطي التكلفة بحلول ديسمبر 2025، وزيادة أسعار البوتاجاز والغاز الطبيعي الموجه لقطاعي الكهرباء والصناعة منذ أغسطس 2024.

توقعات الصندوق

وتوقع الصندوق أن تحقق هذه الإجراءات عوائد إضافية سنوية لقطاع الطاقة تتراوح بين 1.4 و1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع تحسن تدريجي في سيولة الهيئة على المدى المتوسط.

وأكد التقرير أن الحكومة بصدد إعداد خطة مالية شاملة لإعادة هيكلة الهيئة المصرية العامة للبترول، تتضمن تحقيق تدفقات نقدية تشغيلية إيجابية بصفة مستمرة، وخفض كبير في نسبة الدين إلى حقوق الملكية وتحسين نسب تغطية الفوائد، إلى جانب سداد جميع المتأخرات وتقليص الاعتماد على ضمانات الحكومة تدريجيًا.

اتفقت مصر مع عدد من شركات الطاقة والتجارة العالمية على شراء ما بين 150 و160 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الكهرباء بنهاية 2026، وفقًا لما كشفته مصادر مطلعة في قطاع الطاقة لـ"رويترز".

صفقات تتجاوز 8 مليارات دولار

وبحسب المصادر، فإن قيمة الصفقات تتجاوز 8 مليارات دولار بالأسعار الحالية، ما يزيد من الضغوط على المالية العامة للدولة، في ظل التحديات الاقتصادية المستمرة، من أبرزها أزمة نقص العملة الأجنبية وتراجع إنتاج الغاز المحلي.
وسيستخدم ما بين 50 و60 شحنة من الغاز المسال لتغطية ذروة الطلب خلال صيف 2024، على أن استخدم الشحنات المتبقية حتى نهاية عام 2026، ويأتي هذا الاتفاق إضافة إلى 75 شحنة كانت القاهرة قد تعاقدت على شرائها في وقت سابق من هذا العام.

وتشمل الشركات المتعاقد معها كيانات دولية كبرى مثل أرامكو السعودية، شل، فيتول، ترافيجورا، بي.جي.إن، سوكار، وبتروتشاينا، حيث تم التوصل إلى اتفاقيات تسمح بتأجيل الدفع لمدة تصل إلى 9 أشهر، مع إمكانية تأجيل مواعيد الشحنات حسب الحاجة.

أسعار الشحنات الجديدة

وأشارت المصادر إلى أن أسعار الشحنات تم تحديدها بعلاوة تتراوح بين 0.70 و0.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية عن السعر المرجعي للغاز في مركز التداول الأوروبي "تي.تي.إف" الهولندي، وهو ما يمنح الحكومة المصرية بعض المرونة في ظل الظروف المالية الضاغطة.

ولم تصدر بعد تعليقات رسمية من وزارة البترول والثروة المعدنية أو من الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) بشأن هذه الاتفاقات.

فاتورة عدم انقطاع الكهرباء

وتعاني مصر منذ عام 2022 تكرار انقطاعات الكهرباء، نتيجة لانخفاض إمدادات الغاز عن مستوى الطلب المحلي، في وقت تراجع فيه الإنتاج الوطني إلى أدنى مستوياته منذ نحو 9 سنوات، مسجلًا في فبراير 2024 أقل مستوى له منذ عام 2015.

وبحسب بيانات "ستاندرد آند بورز جلوبال كوموديتي إنسايتس"، فقد بلغت واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال هذا العام 1.84 مليون طن حتى الآن، ما يعادل نحو 75% من إجمالي وارداتها المتوقعة للعام 2024، ما يعكس عودة مصر إلى وضع المستورد الصافي للغاز بعد أن كانت تطمح إلى التحول لمركز إقليمي لتصدير الطاقة.

وتسعى الحكومة من خلال هذه الاتفاقيات إلى تأمين إمدادات الكهرباء خلال فصول الذروة، لا سيما مع استمرار موجة التضخم وأزمة الغلاء المعيشي، رغم التحديات المالية والسيولة المحدودة التي تواجهها الدولة.

يمين الصفحة
شمال الصفحة