جرمين عامر تكتب: الاحتياط واجب.. عندما تتحول سماعة البودكاست لجاسوس !!

يلا .. بودكاست،

سمعنا .. صوتك،

اصنع محتواك بنفسك .. واحنا، حاننشره عندنا في منصات البودكاست.

والكثير من الشعارات والإعلانات التي تتبناها منصات البودكاست وتنتشر عبر الإنترنت حاليا بين الشباب تدعوهم للمشاركة وصناعة المحتوى.

ولكن هل يمكن أن تتحول هذه المنصات إلى غطاء لعمليات التجسس المعلوماتي الممنهجة أو حملات للتأثير على الرأي العام والمدعومة بتمويل غير مباشر من جهات خارجية؟

حتى منتصف عام 2024 الماضي،

لم تكن هذه القضية مثيرة للجدل أو حتى مطروحة للنقاش !!

فالمدونين، والبودكاستر، والمؤثرين هم آلية معاصرة من رواد الإعلام الرقمي. 

مجموعة من المواهب شقوا طريقهم الإعلامي، وظهروا كنجوم للمجتمع الديجيتال في محاولة للبحث عن فرص للتعبير على الرأي والإبداع بحرية بعيدا عن مقصات الرقابة.

حتى تم اكتشاف .. فضيحة بودكاست التجسس الروسي في أغسطس 2024 الماضي.  قضية أمن معلوماتي ضخمة هزت المجتمع الأمريكي كله، بعد أن اكتشفت تورط نخبة من البودكاستر  والمؤثرين في استخدام الإعلام الرقمي وأدواته المبتكرة لصالح روسيا من قبل شركة Tenet Media  أمريكية ومتخصصة في إنتاج وصناعة المحتوى الإعلامي وبثه عبر منصات البودكاست الشهيرة ومواقع التواصل الاجتماعي.

فروسيا، قامت بتجنيد شركة  Tenet Media  الأمريكية، ووظفتها في إنتاج محتوى سياسي واجتماعي واقتصادي يروج للأجندة الروسية على منصةRumble .  وخلال أقل من سنة، قامت الشركة ببث هذا المحتوى المتنوع عبر منصاتها ذات الاستماع الواسع.  بهدف التأثير على الرأي العام الداخلي الأمريكي.  وتلقت الشركة تمويلات غير مباشرة من مؤسسات في شكل رعايات.    تبين فيما بعد، أن هذا المحتوى يأتي ضمن عمليات تجسس ممنهجة وممولة من قبل روسيا. 

وعقب فتح وزارة العدل الأمريكية ملف التحقيقات، تبين أن  شركة Tenet Media  ومقرها ولاية تينيسي، قد تأسست عام 2022، على يد لورين تشين(Lauren Chen)  وزوجها ليام دونوفان (Liam Donovan).  بدأت الشركة في ممارسة العمل الإعلامي عن طريق شبكة من البودكاستر (المعلقين) غير تقليديين والمعنيين بالقضايا شائكة كالسياسية والثقافية الغربية والهجرة.  كذا توجيه انتقادات للرئيس الأمريكي السابق بايدن وسياساته وتوجهاته سواء الداخلية أو الخارجية لإحداث بلبلة في الرأي العام الأمريكي الشعبي.    

عندما اكتشف الجانب الخفي من تمويلات الشركة، وجهت للقائمين عليها، تهم عدة، كغسل الأموال وانتهاك قانون وكلاء الأجانب الأمريكي.  كذلك تلقي أموال خارجية تقدر بأكثر من 9 مليون دولار من شبكة RT الروسية، خلال الفترة من أكتوبر 2023 وحتى أغسطس 2024 . فما كان من إدارة YouTube  إلا أن قامت بإغلاق قناة Tenet Media  والقنوات التابعة لها.

البودكاست في حد ذاته، وسيلة إعلامية معاصرة ومبتكرة.   ظهرت في مطلع القرن 21 وبالتحديد في 2004.  استطاعت أن تجذب عدد كبير من المستمعين حول العالم،  يقدر عددهم بأكثر من 500 مليون شخص.  وتأكيدًا لهذا فقد صرحت منصة اليوتيوب بأن هناك أكثر من مليار شخص يشاهد ويستمع لمحتوى البودكاست شهريا على المنصة. 

وقد حددت الدراسات عدة أسباب لانتشار البودكاست خاصة المرئي، أهمها : توسع الدول والمنصات في ضخ استثمارات في البنية التحتية ومد شبكات الإنترنت.   كذلك انتشار الهواتف الذكية مع تراجع نسب الإقبال على الإعلام التقليدي ممثل في التليفزيون والراديو والصحف والمجلات.  فضلا عن انكماش نسب الأمية الرقمية وانحصارها في الاماكن المهمشة أو البعيدة عن تغطية خدمات الانترنت.

ولكن من يدير هذه المنصات ؟!! وكيف يوظف المحتوي الكثيف من صناع المحتوي ؟!! 

وكيف تستخدم هذه المنصات لأغراض التجسس الإعلامي أو الحرب السيبرانية خاصة في ظل تمويل أجنبى؟!!

لهذا فمن الضروري، التأكد من مصادر التمويل الموجة لهذه المنصات.  كذلك توفير الحماية الكافية لبيانات المستمعين لها خاصة وإنهم في زيادة مضطردة .  مع  تعزيز دور الإعلام الرقمي المحلي لتقليل فجوة الحرية وتشجيع الإبداع كوسيلة للتصدي للنفوذ الخارجي.   فضلا عن مواصلة البحث الأكاديمي للتطوير والتحسين والتحوط ضد مخاطر وتبعيات هذه الوسائل الإعلامية الرقمية الجديدة.