جرمين عامر تكتب: الاحتياط واجب.. المستريح الديجيتال

چرمين عامر – عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

چرمين عامر – عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

خزائن رقمية.. مليئة بالعملات المشفرة.

ولوحة التأثير الجماهيري.. يديرها مجموعة من مشاهير السوشيال ميديا.

مؤثرون، صنّاع محتوى، فلوجرز، يوتيوبرز، بلوجرز..

بـ"ستوري" أو "ريل" واحد، يحركون آلاف، بل ملايين المتابعين حول العالم،

بوعود بأرباح خيالية من استثمارات سريعة في منصات العملات الرقمية.

وفجأة!! تتدفق أموال الجماهير على المنصات الرقمية الوهمية،

فتملأ خزائن "الكريبتو" بمليارات الدولارات.

عمليات احتيال ونصب نظيفة 100٪.

لنوع جديد من "المستريح الرقمي"،

مستغلًا نفوذ المؤثرين وصناع المحتوى الجماهيري،

وطمعهم في الوصول للترند وتحقيق الثراء السريع.

من "كيم كاردشيان" إلى "جيك بول" الأميركيَين، إلى "رغد دايز" الإنفلونسر السعودية، و"أحمد أبو اليزيد" المصري،

الذين تحولوا إلى مروجين لاستثمارات وهمية أو محظورة، كمنصة Hogg Pool وCoinTiger وBinomo وBitConnect،

ليتبين لاحقًا أنهم كانوا ضحية لعملية احتيال كبرى حدثت في عام 2023.

 

والنتيجة!!

خسائر مالية ضخمة لأفراد وشركات، وثقوا في كلمة الإنفلونسر وصانع المحتوى.

وبلاغات للنيابة العامة بالجملة، وجرائم نصب واحتيال تملأ ساحات القضاء.

 

المسألة هنا!! ليست فقط

ضياع أموال الجمهور الذي وثق في الإنفلونسر وصانع المحتوى،

بل تورط مشاهير السوشيال ميديا - عن قصد أو جهل - في عمليات ممنهجة لهدم الوعي المالي

الذي تبنيه البنوك المركزية والدول والمجتمع المدني بين شعوبهم.

 

لهذا، وجب علينا كمتخصصين في إعلام المؤثرين، توضيح الخط الرفيع

بين ركوب "ترند" الكريبتو، والمسؤولية الأخلاقية للمؤثرين وصناع المحتوى.

 

فالإعلان عن العملات المشفرة "الكريبتو" كان وما زال ترندًا جذابًا لكثير من المؤثرين وصناع المحتوى،

خاصة مع صعود أرباح البيتكوين، والميتافيرس، وNFTs في الفترة من 2020–2022.

لذلك، تستغل عدد من منصات التداول غير المرخصة أو الوهمية للعملات المشفرة،

وتقوم باستقطاب المؤثرين وصناع المحتوى للإعلان عن "الكريبتو"، ودعوة المتابعين للاستثمار فيها.

 

ودون وعي كافٍ بطبيعة الأصول المشفرة، يتورط هؤلاء المشاهير،

إما عن جهل بحقائق السوق، أو عن وعي وإصرار على المكسب السريع،

دون اعتبار للنتائج السلبية التي ستقع على المتابعين أو المجتمع، أو عليهم شخصيًا.

فيتواطأون ضمنيًا في هذه الجرائم دون الاكتراث بالتحذيرات القانونية والمالية والنفسية.

 

وليتجنب الإنفلونسر وصانع المحتوى التورط مع "المستريح الديجيتال" أو منصات الترويج للعملات المشفرة،

عليه أن يعترف أولًا بمسؤوليته الأخلاقية تجاه متابعيه،

فهو يمثل لهم "القدوة" والمثل الأعلى الذي يوجههم،

وخاصة فئة الشباب غير الملمّ بمخاطر الاستثمار.

 

كذلك، عليه فهم القوانين المنظمة للإعلانات المالية في بلده، من حيث الترخيص القانوني والإفصاح،

ففي كثير من الدول مثل: أمريكا، بريطانيا، مصر، والإمارات،

يُعتبر الترويج لمنتج مالي دون الإفصاح الكامل عنه أو التراخيص الممنوحة له أمرًا مخالفًا للقانون.

 

فضلًا عن الإفصاح الكامل وبشفافية لجمهور متابعيه أن هذا المحتوى هو إعلان مدفوع.

كذلك، على الإنفلونسر وصانع المحتوى التحقق من مشروعية العملة أو المشروع الذي يروج له،

قبل الموافقة على العقد الإعلاني، بعد مراجعته للأوراق القانونية،

وترخيص الجهة المطورة، وتقييمات الخبراء للجهة الممولة.

بالإضافة إلى الاحتفاظ بنسخة مكتوبة من العقود والإثباتات، وطريقة الدفع، والمحتوى الترويجي الذي تم الاتفاق عليه،

لحماية نفسه في حال تم رفع دعوى قانونية.

 

هذا، ويجب على المؤثر وصانع المحتوى أن يطور نفسه بشكل مستمر،

ويفهم أساسيات الاستثمار والكريبتو، أو يتعاون مع مستشارين ماليين،

قبل الإعلان عن منتجات مالية، لتجنب مخاطر الترويج للعملات الوهمية.

 

عزيزي الإنفلونسر وصانع المحتوى،

أنت قدوة لمتابعيك.. لا وسيلة ضغط مالي ونفسي عليهم.

فالترند والنفوذ.. مسؤولية أخلاقية.

ثقة يمنحها لك الجمهور.. وخيانتها جريمة عظمى.

 

يمين الصفحة
شمال الصفحة