رئيسة صندوق النقد الدولي تربك الحياة المصرفية بعد دعوتها البنوك المركزية لأصدار العملات الرقمية

 

·                يحيي أبو الفتوح : دعوة لاجارد غير ملزمة لمصر ويجب أن نترك التجربة للأسواق العالمية أولا

·                المركزي المصري يحذر من العملات الرقمية في أكثر من بيان

·                عاكف الغربي:  يجب أن تكون هناك حماية وضوابط من البنك المركزي علي تلك العملة

 

·                جدل حول الخاسرون والرابحون من فرض العملة الرقمية بالأسواق 

 

قالت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، إن" رياحا جديدة تهب علي اقتصادات العالم وهي رياح الرقمنة، حيث يعيد جيل الألفية اختراع طريقة عمل الاقتصاد، وهم يحملون هواتفهم في أيديهم".

وذكرت لاجارد، في كلمة ألقتها، الأربعاء الماضي  في مهرجان التكنولوجيا المالية بسنغافورة، أن "النقود ذاتها تتغير، ومن المتوقع أن تصبح أكثر ملاءمة وسهولة في الاستخدام، وربما يصبح شكلها أقل جدية.

ودعت إلى "دمج النقود في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى يتسنى استخدامها بسهولة على شبكة الإنترنت ومن شخص إلى آخر، وهو ما يشمل المدفوعات متناهية الصغر، التي ستكون رخيصة وآمنة، وتتمتع بالحماية من المجرمين وأعين المتطفلين".

وتساءلت مديرة صندوق النقد الدولي عن الدور الذي تبقى للنقد في هذا العالم الرقمي، بعدما بدأت اللافتات على واجهات المتاجر تقول بالفعل "لا يُقبل الدفع نقداً"، كما بدأت الودائع المصرفية تقع تحت ضغط أشكال النقود الجديدة. 

وأشارت إلى مقدمي خدمات الدفع المتخصصين الجدد الذين يتيحون الأموال الإلكترونية – مثل AliPay وWeChat في الصين، وPayTM في الهند وM-Pesa  في كينيا، وهي خدمات تقدم أنماطا من النقود مصممة على أساس الاقتصاد الرقمي، في استجابة لما يطلبه الناس وما يتطلبه الاقتصاد.

 

ولفتت إلى أنه حتى العملات المشفرة مثل البتكوين والإثريوم والريبل تتنافس على شغل مكان في العالم الخالي من النقود، وتعيد تشكيل أنفسها باستمرار سعياً لتقديم قيمة أكثر استقراراً وتسوية أسرع وأقل تكلفة، بحسب مديرة صندوق النقد الدولي.

كما دعت لاجارد البنوك المركزية لإصدار عملات رقمية، وأن تعمل الدول على سد الفراغ الذي أسفر عنه انسحاب النقد رويدا رويدا.

وتساءلت عن جدوى إصدار البنوك المركزية عملة رمزية رقمية بضمان الدولة مثل النقد السائل حاليا، "في ظل رؤية مقدمي خدمات النقود الإلكترونية أنهم أقل خطرا من البنوك لأنهم لا يقرضون أموالا، وإنما يودعون أموال العملاء في حسابات حفظ ويسددون المدفوعات ببساطة في إطار الشبكات الخاصة بهم، بينما تسعى العملات المشفرة إلى ترسيخ الثقة في التكنولوجيا".

ولفتت إلى أن بنوكا مركزية عديدة حول العالم تنظر جدياً في تطبيق هذه الأفكار، منها كندا والصين والسويد وأوروغواي، حيث تتبنى التغيير والفكر الجديد.

ورأت أن إصدار البنوك المركزية للعملات الرقمية سيحقق 3 أهداف، أولها الشمول المالي حيث تتيح العملة الرقمية إمكانات كبيرة، من خلال قدرتها على الوصول إلى الأفراد والأعمال في المناطق النائية والمهمشة، بينما لا تعطي البنوك اهتماماً كبيراً لخدمة الفقراء والقاطنين في المناطق الريفية.

وأضافت أن "الميزة الثانية للعملة الرقمية تتعلق بالأمن وحماية المستهلك، وبدون النقد تتركز السلطة المفرطة في يد عدد قليل من الجهات الخاصة الضخمة التي تقدم خدمات الدفع، وفي نهاية المطاف، من الطبيعي أن تسيطر الاحتكارات على خدمات الدفع – فكلما زاد عدد الحاصلين على الخدمة قل ثمنها وزادت فائدتها".

أما الهدف الثالث فيتمثل في الحفاظ على الخصوصية، فبطبيعة الحال يسمح النقد السائل بأداء المدفوعات دون معرفة الأطراف المتعاملة، بينما نلجأ إلى النقد لحماية خصوصيتنا لأسباب مشروعة، كتجنب التعرض للقرصنة أو إنشاء ملفات لتعريف العملاء، وفقا لحديث لاغارد.

إلا أن لاجارد رأت أن "تسارع البنوك المركزية لإنقاذ الموقف بطرح عملة رقمية مجردة تماماً من هوية الأطراف المتعاملة فيها، لأنها ستتيح بذلك منجم ثراء للمجرمين".

ورأت أن "المخاطر التي تحيط بالاعتماد على العملات الرقمية، فتتمثل في عدم النزاهة المالية، فقد تصم البنوك المركزية عملة رقمية يتم التأكد من هوية مستخدميها وتسجيل المعاملات، إلا أن هويات المستخدمين تظل مجهولة للأطراف الأخرى أو للحكومات، ما لم يتطلب القانون خلاف ذلك، لكن ضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يمكن أن تعمل في الخلفية، وإذا ظهر اشتباه في المعاملة، يمكن كشف النقاب عن الهوية وإجراء التحقيقات المطلوبة".

كما تطرقت مديرة صندوق النقد الدولي إلى مخاطر عدم الاستقرار المالي، مشيرة إلى أن "العملات الرقمية يمكن أن تفاقم الضغوط على الودائع المصرفية، وإذا كانت العملات الرقمية تشبه ودائع البنوك التجارية بالقدر الكافي – لأنها آمنة جداً، ويمكن حيازتها بلا حدود، وتتيح أداء المدفوعات بأي قيمة، وربما حتى تدر فائدة – فما الحاجة إلى حساب مصرفي أصلاً؟"، حسب تعبيرها.

أبو الفتوح: الدعوة غير ملزمة لمصر

وفي أول رد رسمي من  القطاع المصرفي المصري علي دعوة رئيسة صندوق النقد الدولي للبنوك المركزية  فيما يخص العملة الأفتراضية ‘ قال يحيي أبو الفنوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري  أن دعوة رئيسة صندوق النقد الدولي غير ملزمة لمصر وأنه يجب أن يترك أمر دراسة أيجاد عملة أفتراضية للأسواق العالمية والأكثر تطورا في مجال التكنولوجي حتي يتسني لنا معرفة المزايا والعيوب علي أرض الواقع ..لأن دراسة هذا الأمر ستأخذ وقتا طويلا وقد يربك الحياة  المصرفية برمتها في معظم بلدان العالم

وأشار أبو الفتوح إلي أن تلك العملة وعملياتها لم ولن تخضع لاشراف رسمي حتي الآن وهو ما يناقض القوانين الوضعية الخاصة بحركة نقل الأموال وهو ما يعني عدم السيطرة عليها وعلي نوعية العمليات التي تتم من خلالها .

تحذيرات البنك المركزي المصري

يذكر أنه في شهر يناير من العام الجاري كان  البنك المركزي المصري كان قد جدد تحذيره من التعامل في كافة أنواع العملات الافتراضية المشفرة وفي مقدمتها عملة البيتكوين، لما ينطوي عليه التعامل في تلك العملات من مخاطر مرتفعة.

وأكد المركزي في بيان له، أن تلك العملات الافتراضية يغلب عليها عدم الاستقرار والتذبذب الشديد في قيمة أسعارها وذلك نتيجة للمضاربات العالمية (غير المراقبة) التي تتم عليها مما يجعل الاستثمار بها محفوفا بالمخاطر وينذر باحتمالية الخسارة المفاجئة لكامل قيمتها.

وأضاف أن تلك العملات الافتراضية المشفرة لا يقوم بإصدارها أي بنك مركزي، أو أي سلطة إصدار مركزية رسمية يمكن الرجوع إليها، فضلا عن كونها عملات ليس لها أصول مادية ملموسة، ولا تخضع لإشراف أي جهة رقابية على مستوى العالم، وبالتالي تفتقر إلى الضمان والدعم الحكومي الرسمي الذي تتمتع به العملات الرسمية الصادرة عن البنوك المركزية.

وفي ذات السياق، أكد المركزي اقتصار التعامل داخل جمهورية مصر العربية على العملات الرسمية المعتمدة لدي البنك المركزي المصري فقط، وأهاب البنك المركزي المصري – آنذاك- بالمتعاملين داخل السوق المصرية بتوخي الحذر الشديد، وعدم الانخراط في التعامل بتلك العملات مرتفعة المخاطر.

حماية وضوابط من البنك المركزي علي تلك العملة

  وعلق عاكف المغربي نائب رئيس بنك مصر علي دعوة لاجارد قائلا أنه قد يكون من المستحيل تطبيق فكرة أصدار العملات الرقمية ما لم تكن هناك حماية وضوابط فعلية من الدولة والبنك المركزي لتلك العملات ..خاصة أن تلك العملة الرقمية قد شهدت منذ ظهورها العديد من المساوئ وأهمها عدم الرقابة علي تمويلاتها ..حيث يمكن لأصحابها تمويل العمليات الأرهابية والأجرامية ..بجابنب الهاكرز الذي نجح في أحيان كثيرة في التلاعب بتلك العملات .. واضاف عاكف أن تلك العملة يمكن أن يكون لها دور في تحقيق الشمول المالي ومواكبة التطور التكنولوجي اذا ما وضعت لها الضوابط الخاصة بحركة نقل الأموال

مشوار العملات الرقمية

العملة الرقمية أو المشفرة وعلى رأسها بيتكوين، هي عملة افتراضية أي ليست نقدية ولا يشرف على طباعتها أو إصدارها أي بنك مركزي. يتم توثيق ملكية العملات الرقمية في سجلات مشفرة مخزنة على أجهزة حاسوب. أنشأ بيتكوين شخص مجهول الهوية يدعى "ساتوشي ناكاموتو" وقد بدأ تداولها في العام 2009. بيتكوين لا تعتمد على وسيط أو سجل مركزي، أي يتم تداول العملة بين البائع والمشتري بدون أي وساطة ويتم تسجيل ملكية العملة الرقمية في سجلات مشفرة منتشرة حول العالم ولا يستطيع أحد اتباع العملة من خلال السجلات لمعرفة مالكها. أي أن أموالك لا يعرف كمّها أحد، لا موظف بنك ولا حكومة ولا غيرها.

 

 

على سبيل المثال إذا ذهبت لمحل تجاري واشتريت قطعة ملابس وقمت بالدفع بواسطة بطاقة الائتمان فإن البنك هو الوسيط بينك وبين البائع. وحتى لو قمت بالدفع النقدي فالبنك المركزي هو الوسيط حيث هو الذي أصدر العملة المتداولة. أما إذا استخدمت العملة الرقمية على سبيل المثال البيتكوين وحين تشتري قطعة الملابس فأنت تدفع من خلال محفظة رقمية محفوظة على هاتفك المحمول والبائع لديه آلة تشبه آلة الدفع بالبطاقة الائتمانية، فتقوم بالدفع مباشرةً للبائع. حين تتم العملية تتغير ملكية العملة الرقمية من محفظتك إلى محفظة البائع ويتم تعميم تغيير الملكية على شبكات الحاسوب حول العالم بوقتً قصير بطريقة لا مركزية تسمى سلسلة الكتل – بلوك تشين (Blockchain). أي أنه لا يوجد حاسوب أو بنك مركزي يقوم بالعملية أو على علم بأطرافها وأنّ الملكية تتغير بدون معرفة مَن البائع ومَن المشتري.

 

كيف تعمل سلسلة الكتل؟

العملة الورقية قيمتها تحددها الحكومات والعرض والطلب واقتصاديات السوق والتضخم والديون الداخلية والخارجية. أما طباعة العملة الورقية فتتم بحسب الحاجة وهي عملية مضبوطة

 

سلسلة الكتل (بلوك تشين) هي عملية لا مركزية تُستخدم لتوثيق عمليات بيع وشراء إلكترونية عبر تغذية مجموعة كبيرة من الحواسيب بعملية التحويل وتغيير الملكية. ويجب توثيق أي عملية على 51 في المائة من الشبكة قبل اتمامها، وبعد توثيق المالك الأساسي تتم عملية التحويل وتوثيق المالك الجديد بطريقة مشفرة دون معرفة أي معلومات عن المالك القديم أو الجديد. وبهذا فالعملية ليست بحاجة إلى حاسوب مركزي أو أي قطاع تنظيمي لتتم العملية.

 

بدأت البنوك والحكومات وأيضاً شركات الوساطة المالية باستخدام تقنية سلسلة الكتل التي تعتمد عليها البيتكوين. من أوائل البادئين في تصميم نظام مقايضة باستخدام سلسلة الكتل كان بنك اتش اس بي سي HSBC ودائرة أراضي دبي. حيث ستستخدم دائرة أراضي دبي سلسلة الكتل من أجل مشاركة ملكية العقارات مع المواطنين والدوائر الأخرى في المدينة كمصلحة الكهرباء والماء.

 

الفرق بين البيتكوين والعملة الورقية

العملة الورقية قيمتها تحددها الحكومات والعرض والطلب واقتصاديات السوق والتضخم والديون الداخلية والخارجية. أما طباعة العملة الورقية فتتم بحسب الحاجة وهي عملية مضبوطة، خاصةً حين نتحدث عن العملات الصعبة. أما البيتكوين فهي عملة محدودة الطباعة فعدد وحدات البيتكوين النقدية الممكن توافرها في المستقبل لن تتجاوز الـ 21 مليون وحدة بيتكوين وكل وحدة بيتكوين تتكون من 100 ساتوشي. أيضاً سعر البيتكوين يخضع للعرض والطلب لكنه خارج إطار لعبة البنوك والحكومات التي ربما تستطيع المضاربة بالشراء والبيع فقط.

 

عمليات التعدين

عمليات تحويل الملكية وتوثيق العمليات تقوم بها شركات أو أفراد عبر حواسيب متخصصة منتشرة حول العالم وبالمقابل تحصل هذه الشركات أو هؤلاء الأفراد على سلاسل فارغة هي عبارة عن أجزاء جديدة من العملة الرقمية حسب عدد العمليات التي يقومون بها. هذه العملية تسمى التنقيب أو التعدين. حين تنتهي عمليات التنقيب أو التعدين التي ستستمر حتى العام 2140م لعملة البيتكوين على سبيل المثال، سيصبح عدد البيتكون محصوراً وبهذا سيتحكم بالسعر العرض والطلب وثقة الجمهور بالعملة الرقمية. ستقوم بيتكوين وحسب تصميمها بأخذ نسبة كالبنوك من المتعاملين مقابل عمليات توثيق البيع والشراء التي تقوم بها الشبكة لصالح مقدمي خدمات تحويل الملكية والتوثيق حين انتهاء عمليات التعدين.

 

ما الذي يخيف النظام المالي العالمي؟

نظام المقايضة بدون وساطة الذي تتبعه العملات الرقمية يلغي فكرة المركزية ومراقبة حركة الأموال والأسهم والعقارات وغيره وأصبح من الصعب السيطرة على حركة الأموال ومعرفة وجهتها حتى. نعم هذه اللامركزية والسرية في التعاملات استقطبت الكثيرين من الراغبين في الحصول على الخصوصية والتخلص من سطوة البنوك. لكنها أيضاً أصبحت ملاذاً آمناً للمتهربين ضريبياُ أو لغسل الأموال أو للعمليات القذرة من تجارة الأعضاء والمخدرات التي تتم في الإنترنت المظلم بعيداً عن أعين البنوك والحكومات. أثبتت العملات الرقمية أنها تمتلك القوة الكافية لتقويض سلطة الدولة وتحكمها بالأسواق. ففي تحقيق استقصائي أجراه المجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي حول بيتكوين في نهاية العام 2017، خلص رئيس المجلس جيروم باول الى أن أحد أكبر مخاطر العملة الرقمية هو الخصوصية.

 

 

لكن هناك مستفيدون آخرون من العملات الرقمية، الدول التي تخضع لحصارات اقتصادية كفنزويلا مثلاً، أو دول تخضع لعقوبات دولية ككوريا الشمالية. لقد أقدمت الحكومة الفنزويلية على إصدار عملة رقمية مركزية السجل تسمى بيترو وربطت سعر البيترو الرقمي بسعر برميل النفط المحلي وربطت عملتها الرقمية بالنفط والمعادن النفيسة وقد نجحت الحكومة الفنزويلية حسب تصريحاتها ببيع ما يفوق ال 700 مليون دولار من البيترو في فترة الاكتتاب الأولية. يبدوا أن فنزويلا في طريقها للهروب من الضغوط الاقتصادية التي تلاحق عملتها المحلية التي تضخمت كثيراً، بالرغم من الضغط الأمريكي ومنع شراء العملة الرقمية الفنزويلية إلا أننا نرى نتائج جيدة تصب في صالح العملة الرقمية الجديدة. كما أعلنت روسيا نيتها إصدار روبل رقمي بسجل مركزي لإخضاع الروبل الرقمي للبنك المركزي الروسي ولعدم التهرب من ضريبة الدخل لكن مع الاحتفاظ بالسرية التامة للتعاملات وعدم القدرة على معرفة أرصدة المستخدمين.

 

البيتكوين والإثيريوم ومثيلاتهما من العملات الرقمية التي تستخدم سلسلة الكتل للتوثيق تحافظ على خصوصيتنا وربما تشعرنا بأننا عدنا لاستخدام الذهب الأصفر في معاملاتنا بدلاً من الورق

 

العملة الرقمية لا تخضع لحكومة ما أو نظام عالمي معيّن فما يحركها هو عمليات البيع والشراء والمقايضات، فأنت لن تحتاج إلى تبديل العملة ولن تخضع للبنوك ولن تدفع عمولات. ولهذا نرى محاولات حثيثة من الكثير من الحكومات والأنظمة البنكية لمحاربة العملات الرقمية ويبدو أنهم يميلون الآن لإصدار عملات مركزية السجل مثل الريبل يستطيعون من خلالها تغيير بعض قواعدهم المالية ولكن دون خسارة تحكمهم بالأسواق وانتقال الأموال.

 

مستقبل العملات الرقمية

العملات الورقية التي نتداولها يومياً لا نعرف كيف تصدر ولا كم النقد المتداول بالسوق. المتحكم الحصري بها هو البنك المركزي، التابع للحكومة. وكل معاملاتنا تخضع للنظام البنكي، لا يوجد لنا خصوصية وندفع عمولات في كل حركة نجريها خاصةً الشركات. ناهيك عن فروق الأسعار حين نبدل العملات أو نشتري بضاعة أو خدمات من بلدان بعملة مختلفة عن العملة المحلية.

 

البيتكوين والإثيريوم ومثيلاتهما من العملات الرقمية التي تستخدم سلسلة الكتل للتوثيق تحافظ على خصوصيتنا وربما تشعرنا بأننا عدنا لاستخدام الذهب الأصفر في معاملاتنا بدلاً من الورق لأننا نعرف أنه لن يتم طباعة أوراق نقدية جديدة بقرار من جهة سيادية تؤدي إلى التضخم. فما يحدد سعر العملة الرقمية هو المضاربات فقط. بالإضافة لهذا فإن البيع والشراء لا يخضع لوسيط يطالب بعمولة. الحرب على العملات الرقمية حتماً ستفشل وحتى تلك الدول التي بدأت بمحاربتها ستبدو معزولة في المستقبل وستضطر للتسليم.

 

ربما لا نستطيع استخدام العملات الرقمية في معاملاتنا اليومية بمرونة مثل العملات الورقية أو بطاقات الائتمان ولكن بدأ الكثير من الفنادق ومتاجر التجزئة بقبول العملات الرقمية وفي القريب ستصبح خدمات الدفع موجودة في كل مكان حول العالم. يبقى التحدي الأكبر هو الجمهور فإذا زادت ثقتهم بالعملات الرقمية فإنها ستنتشر بشكل أوسع، ولربما تصبح في يومٍ ما بديلاً عن العملات الورقية.

 

يمين الصفحة
شمال الصفحة