بهجة الساحرة المستديرة الأفريقية تتجلى في «مدينة البعوث»

هنا في هذا الصرح العريق الذي يحتضن طلابا وافدين للدراسة في اقدم جامعة بالعالم تتجلى الروح الافريقية وبهجة الساحرة المستديرة..هنا في مدينة البعوث الإسلامية التابعة لجامعة الأزهر تجد الطلاب الأفارقة على وجه الخصوص يتابعون بشغف مباريات بطولة كأس أمم افريقيا التي تتوالى على الملاعب المصرية.

ومع العرس الكروي الافريقي بأرض الكنانة، قامت مدينة البعوث الإسلامية بتجهيز ثلاث قاعات فضلا عن ساحة مكشوفة للبث التلفزيوني المباشر لمباريات البطولة الثانية والثلاثين لكأس أمم افريقيا ليشاهد الطلاب الوافدون كافة المباريات وهم الذين توفر لهم هذه المدينة كافة الخدمات المعيشية والطبية والاجتماعية والثقافية والرياضية فيما يذهب بعض هؤلاء الطلاب لمشاهدة المباريات في الملاعب وخاصة اذا كانت منتخباتهم الوطنية طرفا في تلك المباريات.

واذا توجهت صوب مدينة البعوث الاسلامية على التخوم الواقعة بين منطقتى العباسية والدراسة فى قلب القاهرة العتيقة حيث الاف الطلاب القادمين من شتى اصقاع الأرض والذين يحملون جنسيات اكثر من 110 دول ستجد الكثير والكثير من الطلاب الأفارقة الذين شدوا الرحال لأرض الكنانة طالبين العلم فى جامعة الأزهر الشريف اعرق جامعات العالم قاطبة وستجد هذه الوجوه الطيبة لشباب في قارتنا الافريقية يتحدثون بحميمية عن العرس الكروي الافريقي الذي يستمر حتى التاسع عشر من شهر يوليو الجاري.

والى جانب المكتبة والمسجد الكبير تشتمل مدينة البعوث الاسلامية على عدة صالات رياضية وملاعب فيما تصطف العمارات ذات الطوابق المتعددة بهذه المدينة المتعددة الجنسيات والتي افتتحت في الخامس عشر من سبتمبر عام 1959 ليدخلها بسلام آلاف الطلاب الذين جاؤوا من اكثر من 100 دولة فى العالم لطلب العلم فى الأزهر الشريف.

وشأنهم شأن اغلب البشر فى هذه الدنيا الواسعة تستحوذ الساحرة المستديرة فى خضم العرس الكروي الافريقي على حيز كبير من اهتمام الطلاب المقيمين فى مدينة البعوث فيما من الطبيعي ان يكون الطلاب الأفارقة الأكثر اهتماما وشغفا كونهم أصحاب هذا العرس الكروى الذي يقام للمرة الخامسة على ارض الكنانة.

ولن تحتاج لكثير جهد للحديث مع طلاب يدرسون اللغة العربية فيما يبدو المشهد مميزا لأن الكثير منهم يحلو له التجول قبالة مدينة البعوث وخارج اسوارها فى اوقات الفراغ ويجلس بعضهم فى المقاهى الشعبية بالمنطقة القريبة من شارع أحمد سعيد والدراسة وفى حديقة الفردوس جنبا الى جنب مع اشقائهم المصريين فيما يرتدى الطلاب الافارقة ازيائهم ذات الألوان المبهجة كبهجة العرس الكروي الافريقي على المستطيل الأخضر المصري.

ويزيد عدد الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في الأزهر الشريف عن أربعة الاف طالب وطالبة طبقا لبيانات معلنة وتستقبل الجامعة العريقة طلابا للعلم من كل انحاء العالم ويقيم الكثير منهم داخل مدينة البعوث بالقاهرة التي تضم نحو 1500 طالب افريقي ينتمون ل46 دولة وتحتضن الاسكندرية مدينة اخرى للبعوث يصل عدد المقيمين فيها الى 500 طالب فيما تقام مباريات في العرس الكروي الافريقي الحالي بإستاد الثغر السكندري.

ووفقا لبيانات معلنة فقد تقرر تخصيص 170 فدانا بمدينة القاهرة الجديدة لاقامة مدينة البعوث الإسلامية الجديدة لتكون مدينة متكاملة لخدمة الطلاب الوافدين فيما من المقرر ان تستقبل اكثر من 40 الف طالب سنويا من نحو 120 دولة حول العالم للدراسة في الأزهر الشريف.

وليس من الغريب ان تكون مدينة البعوث الإسلامية مقصدا لصحفيين راغبين في رصد أوجه الحياة داخل هذه المدينة على ايقاعات العرس الكروي الافريقي وان تلتقط عدسات المصورين صورا لطلاب افارقة يلوحون بأعلام دولهم او يرتدون أزياء منتخباتهم الوطنية المتنافسة في البطولة الثانية والثلاثين لكأس أمم افريقيا.

فاذا كانت جماهير المشجعين عنوان البهجة في اللعبة الأكثر شعبية على مستوى العالم فللعين ان ترى تلك الحقيقة كما تتجلى الآن سواء في مدرجات الملاعب التي تقام بها مباريات العرس الكروي الافريقي او في مكان جامع لشباب ينتمون ل24 دولة افريقية وصلت للنسخة الثانية والثلاثين من بطولة كأس أمم افريقيا.

وهكذا تتجلى "الطقوس الكرنفالية للساحرة المستديرة" مع الروح الرياضية لشباب افريقي يجسد صورا مثيرة للتفاؤل حيال مستقبل قارتهم التي يعيش فيها اكثر من مليار نسمة وتشكل ثاني اكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان وتضم 54 دولة.

وان حق القول بأن العرس الكروي الافريقي منذ انطلاقه في الحادي والعشرين من شهر يونيو الماضي حمل البهجة لملاعب في القاهرة والأسكندرية والسويس والاسماعيلية فهو أيضا عنوان للبهجة في أماكن شتى من بينها مدينة البعوث التي يمكن لطلابها ان ينظموا اوقاتهم باتقان في موسم الامتحانات حيث التركيز على استذكار الدروس مع نفحات من الترويح عن النفس تقدمها الساحرة المستديرة.

ورغم وجود القاعات التلفزيونية وزيادة عدد الشاشات بمدينة البعوث منذ انطلاق العرس الكروي الافريقي يحلو لبعض الطلاب مشاهدة المباريات معا وجنبا الى جنب مع اشقائهم المصريين في بعض المقاهي الواقعة على مقربة من المدينة.

واذا كانت المقاهي جزءا من التاريخ القاهري الحميم ففي تلك المقاهي تتجلى الحميمية بين هؤلاء الطلاب الأفارقة وطلاب من دول في قارات أخرى بمدينة البعوث واشقائهم المصريين والكل يتابع بشغف مباريات العرس الكروي الافريقي مع تعليقات طريفة وتوقعات تحمل في اغلبها اماني مشجعي كل فريق في لعبة تتحدى التوقعات.

نعم هي لعبة حافلة بالمفاجآت كما حدث مساء امس "الجمعة" عندما تأهل منتخب بنين على حساب المنتخب المغربي لدور ربع النهائي ناهيك عن منتخب مدغشقر الذي كان بادائه المتقن في دور المجموعات مفاجأة تؤكد ان الساحرة المستديرة لن تخلو جعبتها ابدا من المفاجآت.

وهنا يتجلى الطابع الكوني"الكوزموبوليتاني" لمدينة البعوث الإسلامية التي تضم طلابا ينتمون لأكثر من 100 دولة حول العالم كما تتجلى حقيقة الساحرة المستديرة باعتبارها اللعبة الأكثر شعبية في العالم ومدى تأثيرها في أوجه الحياة المتعددة ناهيك عن حضورها الطاغي في الملاعب او المقاهي وتفاعلها الآخاذ مع فنون كالموسيقى والرسم بقدر ماتثري "ثقافة الصورة" ككل ومن بينها الصور الفوتوغرافية.

والتراث الشعبي الافريقي البالغ الثراء حاضر في صور لمشجعين افارقة بالعرس الكروي الافريقي الحالي سواء بمدرجات الملاعب او في مكان كمدينة البعوث او حتى في المقاهي الواقعة في محيط تلك المدينة فيما يمكن للأذن ان تسمع بوضوح أسماء لاعبين كالمصري محمد صلاح والسنغالي ساديو مانى وزميله كاليدو كوليبالي والجزائري إسماعيل بن ناصر والتونسي يوسف المساكني والكاميروني اندريه اونانا والغاني توماس بارتي والنيجيري ويلفريد نديدي.

بل ان هذا العرس الكروي الافريقي الذي انطلقت مباريات "دوره ثمن النهائي" مساء امس "الجمعة" يستدعي بنقاشه الحميم ومشاهده سواء في مدينة البعوث او غيرها على امتداد القارة الافريقية اساطير كروية افريقية عرفتها الملاعب من قبل لتتردد أسماء كمحمود الخطيب والحاج ضيوف ورابح ماجر وصمويل ايتو ونوانكو كانو.

ولعل الايقاعات المبهجة في مدينة البعوث منذ بدء العرس الكروى الافريقي والتي لفتت الانتباه تؤكد بكل الوضوح على روعة هذا العرس الذي تتحول معه بطولة كأس الأمم الافريقية الى بطولة كروية عالمية يتابعها بشغف كل عشاق اللعبة الجميلة حول العالم..بطولة تبتسم فيها الساحرة المستديرة ابتسامة واسعة صافية صفاء قلوب ابناء القارة الأفريقية.

يمين الصفحة
شمال الصفحة