يحيي العالم في الثاني عشر من أغسطس من كل عام يوم الشباب العالمي، ويحمل احتفال هذا العام شعار (النهضة بالتعليم)، حيث يسلط الضوء على الجهود المبذولة، بما في ذلك جهود الشباب أنفسهم، لإتاحة التعليم للجميع وتيسيره أمام الشباب.
وينص الهدف الرابع من خطة التنمية المستدامة لعام 2030 على "ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع"، فالمراد هو البحث في كيفية تركيز الحكومات والشباب والمنظمات المعنية بقضايا الشباب وغيرها من أصحاب المصلحة على النهضة بالتعليم بما يصنع منه أداة قوية لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت - في قرارها 120/54 في 17 ديسمبر 1999 - إعلان 12 أغسطس من كل عام بوصفه يوما دوليا للشباب، ليكون بمثابة احتفال سنوي بدور الشابات والشباب كونهن شركاء أساسيين في التغيير، فضلا عن كونه فرصة للتوعية بالتحديات والمشكلات التي تواجه أولئك الشباب والشابات في كل أنحاء العالم.
وتشير توقعات جديدة صادرة عن منظمة اليونسكو إلى أنه بعد مرور 5 سنوات على اعتماد الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة لعام 2030 أن بلدان العالم لن تتمكن من الوفاء بالتزاماتها في مجال التعليم بموجب أهداف التنمية المستدامة لا سيما الهدف الرابع منها، إلا إذا أحرزت تقدماً جاداً خلال العقد المقبل.
وتشير التقارير إلى أنه في الوقت الذي ينبغي فيه على جميع الأطفال أن يكونوا على مقاعد الدراسة، سوف يتبقى طفل واحد من بين كل 6 أطفال، تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً، خارج المدرسة. وتشير التحليلات أيضاً إلى أن 40% من الأطفال على مستوى العالم لن يتمكنوا من إكمال تعليمهم الثانوي، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 50% في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي تشهد انخفاضاً في نسبة المعلمين المدربين منذ عام 2000.
تجدر الإشارة إلى أن التوقعات الجديدة الصادرة بعنوان (الوفاء بالالتزامات: هل البلدان ماضية في المسار السليم لتحقيق الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة) من إعداد معهد اليونسكو للإحصاء وفريق التقرير العالمي لرصد التعليم. ويزداد القلق حيال هذه الأرقام كون الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة يدعو إلى التعلم الفعال، وليس فقط إلى الالتحاق بالمدارس.
ومن المتوقع بحلول عام 2030، وفي ظل الاتجاهات الراهنة، ركود معدلات التعلم في البلدان ذات الدخل المتوسط وأمريكا اللاتينية، وانخفاضها بنسبة الثلث تقريباً في البلدان الناطقة باللغة الفرنسية في أفريقيا. ولا بد من الدفع بعجلة الجهود المبذولة في هذا السياق، وإلا سيبقى ما يقدر بـ 20% من الشباب، و30% من الراشدين في البلدان ذات الدخل المنخفض غير ملمين بمهارات القراءة بحلول الموعد المرجو القضاء فيه على الأمية. وفي حين تصب خطة التنمية المستدامة لعام 2030 تركيزها على ألا يتخلف أحد عن الركب، إلا أنه لن يتمكن إلا 4% فقط من 20% من الفئات الأكثر تهميشاً في أشد البلدان فقراً، من إكمال المرحلة الثانوية العليا في البلدان الأكثر فقراً، وذلك مقابل 36% في البلدان الأكثر ثراءً. وتعد الفجوة أكبر من ذلك في البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض.
وقد رصد تقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم في عام 2015، عجزاً بمقدار 39 مليار دولار أمريكي في التمويل السنوي المخصّص لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، بيد أنّ المساعدات المخصّصة للتعليم تشهد ركوداً منذ عام 2010.
وقالت سيلفيا مونتويا مديرة معهد اليونسكو للإحصاء إن البلدان بحاجة إلى كم أكبر من البيانات ذات الجودة الأفضل من أجل التركيز على السياسات وتوظيف كل دولار واحد ينفق في مجال التعليم على أفضل وجه ممكن، مضيفة أنه لا بد من توفير بيانات بشأن جميع البلدان فإن ذلك لضرورة وليس ترفاً. ومع ذلك فإن أقل من نصف عدد البلدان اليوم قادرة على توفير البيانات اللازمة لرصد التقدم المحرز نحو تحقيق الهدف العالمي المعني بالتعليم. فما الهدف إذاً من وضع الأهداف إذا لم نتمكن من العمل على تحقيقها؟ لا بد من تعزيز التمويل والتنسيق من أجل مساندة البلدان، وسد الفجوات التي تشوب البيانات، والأهم من ذلك إحراز التقدم اللازم قبل أن يداهمنا الوقت.
بدوره قال مانوس أنتونينيس مدير الفريق المعني بالتقرير العالمي لرصد التعليم إن هناك تباينات في فهم البلدان لفحوى غايات الهدف العالمي المعني بالتعليم. ويبدو ذلك سليماً كون البلدان تتناول هذه الغايات من زوايا مختلفة. لكن ينبغي عليها في ذات الوقت ألا تنحرف كثيراً عن الوعود التي قطعتها على نفسها في عام 2015. فإذا عملت البلدان اليوم على مواءمة خططها الوطنية مع هذه الالتزامات، ستتمكن من استدراك الموقف والعودة إلى المسار الصحيح بحلول عام 2030.
وفي الوقت نفسه، كشف التقرير الخاص بقضايا المساواة بين الجنسين الصادر عن فريق التقرير العالمي لرصد التعليم التابع لليونسكو عن تقدم كبير فيما يتعلق بالالتحاق بالمدارس خلال السنوات الـ 20 الأخيرة في المتوسط على الصعيد العالمي. إلا أن عدد الأميين من النساء الراشدات في البلدان المنخفضة الدخل قد ازداد منذ عام 2000 ليصل إلى 20 مليون امرأة.
ويقدم التقرير تفاصيل غير مسبوقة دعم بلدان مجموعة الدول السبع لمجال التعليم. ويبين التقرير أن نسبة 55 % من هذه المساعدات مخصصة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وتتصدر كندا بلدان المجموعة من حيث إيلاء الأولوية لمسألة المساواة بين الجنسين إذ تخصص 92 % من دعمها لتحقيق هذه الغاية، وتليها في ذلك فرنسا والمملكة المتحدة، إذ تخصص كل منهما 76 % من المساعدات التي تقدمها لتطوير التعليم.
ويسلط التقرير الجديد الضوء أيضاً على التباينات الشديدة وأوجه التفاوت في التقدم المحرز من منطقة إلى أخرى. إذ يفيد التقرير أن ثلث البلدان لم تحقق المساواة بين الجنسين بعد في مرحلة التعليم الابتدائي، ولا تزال نصف دول العالم غير قادرة على تحقيق المساواة بين الفتيان والفتيات في مرحلة التعليم الثانوي الأدنى.