تتزايد المخاوف بشأن احتمال وقوع كارثة نووية خارج نطاق السيطرة مع استيلاء القوات الروسية على محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب شرق أوكرانيا، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.
وقالت صحيفة "لا تريبيون" الفرنسية، فى تقرير لها إنه مع تصاعد الحرب كل يوم في أوكرانيا، تتبلور المخاوف حول كارثة محتملة تؤثر على واحدة من أربع محطات للطاقة النووية في البلاد نظرا لأن هذه هي المرة الأولى التي ينشب فيها صراع عسكري في دولة لديها برنامج ذري مدني كبير، مشيرة إلى أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي وصف الأوضاع التي تشهدها أوكرانيا بـ"حالة غير مسبوقة"، و التي تثير العديد من التساؤلات حول المخاطر الحقيقية لهجوم فلاديمير بوتين على أوروبا مبديا استعداده للتوجه إلى أوكرانيا من أجل التفاوض على "اتفاق حول إطار عمل" لضمان أمن المواقع النووية التي أقيمت بسبب خطر الحرب.
وأشارت صحيفة "لا تريبيون" نقلا عن مدير مركز الأبحاث في اقتصاديات الطاقة والقانون، جاك بيرسيبوا إلى أنه، من الناحية العملية، لا يزال خطر حدوث انفجار في محطة زابوريجيا للطاقة النووية منخفضًا للغاية.
وأضاف جاك بيرسيبوا قائلا:" لن يسعى الروس لذلك على الإطلاق لا سيما وأن الموقع قريب من شبه جزيرة القرم و دونباس، والنشاط الإشعاعي لا يعرف حدودًا مشيرا إلى إطلاق صواريخ إلى مبنى مجاور للموقع هو وسيلة لإجبار الأوكرانيين على السماح للجيش الروسي بالدخول، مؤكدا أن هدفهم ليس قصف المحطة النووية ولكن السيطرة عليها.
ولم يستبعد جاك بيرسيبوا سقوط صاروخ بالخطأ على منشأة، مؤكدا أن حينها سيكون الأمر خطيرًا، خاصةً إذا أتلفت وحدة تخزين النفايات المشعة التي تقع بالقرب من كل محطة للطاقة، في حمامات السباحة أو المستودعات، مضيفا أن الأمر سيكون سيئة بالنسبة للروس ولنا.
وأردف قائلا:"والمفارقة، قد يكون على روسيا تأمين المنطقة، بينما يحتدم القتال على الأرض بما في ذلك محطة تشيرنوبيل للطاقة السابقة، حيث وقعت أسوأ كارثة نووية في التاريخ عام 1986، والتي سقطت في أيدي القوات الروسية الأسبوع الماضي. كما تتيح لهم السيطرة على هذه المنشآت ضمان عدم قدوم أحد لقصفها مضيفا أن أنه في حالة تشيرنوبيل ، فإن بيلاروسيا ، حليف روسيا ، ستكون أول من يتعرض للإشعاع.
وخلص مدير مركز الأبحاث في اقتصاديات الطاقة والقانون جاك بيرسيبوا إلى أن العملية تعد رمزية ،لأن محطة الطاقة هذه كانت تابعة للاتحاد السوفيتي .
من جانبه أوضح فرانسوا ماري بريون ، الفيزيائي و باحث علم المناخ بمختبر علوم المناخ والبيئة أنه بالنسبة للمفاعلات نفسها ، فهي محاطة بنظام احتواء مصمم لتحمل تحطم طائرة ، كما هو الحال مع محطات الطاقة النووية الفرنسية خلافا لما كان عليه الأمر بالنسبة لمستوى الأمن في تشيرنوبيل، التي كانت غير مستقرة وسيئة الحماية".
وتابع قائلا:"المبنى الذي يحتضن المفاعل أقوى من المبنى الإداري الذي كان هدفاً للنيران.. مضيفا أنه المنطقي الشعور بالقلق إزاء تشغيل محطة للطاقة النووية في منطقة حرب، جازما بعدم وجود خطر مباشر.
وذهب الفيزيائي فرانسوا ماري بريون إلى أن هدف القوات الروسية هو السيطرة على إنتاج الكهرباء في أوكرانيا حيث تصل قدرة أكبر محطة كهرباء في أوروبا إلى ما يقرب من 6000 ميجاوات ، وهو ما يمثل استهلاك حوالي أربعة ملايين أسرة. وبالتالي يمكنهم "على الفور" فصل الموقع ، الذي يوفر ما لا يقل عن خُمس الكهرباء في البلاد وما يقرب من نصف طاقتها النووية ، عن الشبكة الوطنية.
ونوهت صحيفة "لا تريبيون" أنه بات حتميا على أوكرانيا الارتباط بسوق الكهرباء الأوروبية حتى لا تتخبط فى ظلام دامس في حالة انقطاع في التيار الكهربائي مما قد يجبرها إلى تعديل أوراق الصراع، مشيرة إلى أن وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي وافقوا على ربط سريع لمنظومة للكهرباء في أوروبا بالشبكة الأوكرانية، وهو تحرك سيزيد استقلال أوكرانيا عن روسيا في أعقاب الغزو الروسي للبلاد.
ويشار إلى أن أوكرانيا فصلت شبكتها للكهرباء عن منظومة روسية الأسبوع الماضي وطلبت ربطاً طارئاً بمنظومة أوروبية.