توقعت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية، المتخصصة في الشئون الآسيوية، تعرض اقتصاد دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى ركود خلال العام الجاري، بعد أن أدى التضخم الأكثر ارتفاعا منذ عقود والحرب في أوكرانيا إلى تفاقم حالة عدم اليقين الجيوسياسية، وكذلك آثار ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
واستندت المجلة في توقعاتها إلى تقرير صدر عن "منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)"، والذي أشار إلى أن النمو الاقتصادي في منطقة آسيا ـ المحيط الهادي من المرجح أن ينخفض بأكثر من النصف هذا العام؛ ليصل إلى 2.5% نزولا من 5.9% العام الماضي، عندما كانت العديد من دول العالم تتعافى من تفشي جائحة كورونا.
وأوضح التقرير أن ضعف النمو في الولايات المتحدة الأمريكية والصين يعد أحد العوامل الكبيرة وراء هذه الأزمة الإقليمية، إلى جانب توقعات بانكماش الاقتصاد الروسي بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، مضيفا أن هذه الدول الثلاث (الولايات المتحدة والصين وروسيا) تشكل ما يقرب من 70% من الناتج المحلي الإجمالي لدول منطقة الأبيك.
وفي الوقت نفسه، توقع تقرير منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ أن يبدأ النمو الإقليمي لدول منطقة الأبيك في الارتفاع بشكل طفيف في عام 2023 ليصل إلى 2.6%.
ونقلت "ذا ديبلومات" عن التقرير أن معظم اقتصادات منطقة آسيا ـ المحيط الهادي كانت قد بدأت للتو في الخروج بشكل كامل من إغلاق الحدود والتدابير الأخرى المتعلقة بجائحة كورونا، وعاد السائحون إلى الظهور في شوارع بانكوك (عاصمة تايلاند)، لكن العديد من الشركات مازالت مغلقة بسبب حظر السفر الذي استمر فعليا لعدة أشهر.
وذكرت المجلة المتخصصة في الشؤون الآسيوية، أن في الصين -على سبيل المثال- مازالت السلطات تفرض عمليات إغلاق للقضاء على بؤر تفشي فيروس كورونا، وأدى ذلك إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 2.6% في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالربع الأول بعد إغلاق مدينة شنغهاي ومدن أخرى لمكافحة تفشي وباء كورونا.
وبالمثل تقلص الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.9% في الربع الثاني من العام الجاري (من أبريل إلى يونيو)، بينما انكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 0.5% للفترة الممتدة من يناير إلى يونيو 2022 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفقًا لبيانات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، كذلك انكمش الاقتصاد الياباني بمعدل سنوي 0.5% في الربع الأول من العام الجاري (من يناير إلى مارس)، لكنه من المتوقع أن يتعافى بنسبة 2% فقط في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس 2023.
وعلى النقيض من الانكماشات سالفة الذكر، أشارت "ذا ديبلومات" إلى أن هناك بعض الاقتصادات في حال أفضل، حيث أعلنت إندونيسيا، في وقت سابق، أن اقتصادها شهد نموا سنويا أفضل من المتوقع حيث بلغ 5.4% خلال الربع الثاني من العام الجاري، متأثرا بتعافي البلاد من موجة لتفشي عدوى سلالة أوميكرون.
كذلك تشهد الهند، بحسب المجلة، وضعا مماثلا حيث ينمو اقتصاد الهند بوتيرة أسرع من معظم الدول الأخرى في المنطقة، وتوقع محافظ البنك المركزي الهندي، شاكتيكانتا داس، أن تستمر بلاده في تحقيق معدل نمو قوي عند 7.2% للسنة المالية الحالية التي ستنتهي بنهاية مارس 2023، إلا أن البنك المركزي الهندي من أجل مواجهة التضخم الذي بلغ 6.7% في يونيو الماضي، قرر رفع سعر الفائدة الرئيسي، يوم الجمعة الماضي، بنصف نقطة مئوية ليصل إلى 5.4%.
وفي هذا الصدد ذكر تقرير "منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)" أن أكثر من نصف أعضاء المنتدى الاقتصادي البالغ عددهم 21 دولة رفعوا أسعار الفائدة أو قاموا بتشديد السياسة النقدية لمواجهة التضخم، الذي يبلغ متوسطه الآن 5.4% للمنطقة.
وأشار التقرير أيضا إلى أن هناك زيادة إجمالية بنسبة 23% في مؤشر أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، وفقًا لمنظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، مُرجحا أن يظل التضخم مرتفعا حتى نهاية 2022 على الأقل بينما تُعدل البنوك المركزية سياساتها لمحاولة السيطرة على الوضع.