الرئيس السيسي خلال الاجتماعات
ينشر "الحصاد مصر"، نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، خلال الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الأفريقي، التي تستضيفها مصر بمدينة شرم الشيخ، تحت شعار "تعبئة تمويل القطاع الخاص من أجل المناخ والنمو الأخضر في أفريقيا".
وجاء نص الكلمة كالآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة رؤساء الدول الأفريقية الشقيقة،
السادة رؤساء الحكومات والمنظمات الدولية، ومحافظي البنوك المركزية،
السيدات والسادة الحضور ضيوف مصر الكرام،
إنه لمن دواعي سروري، أن أرحب بكم في مدينة السلام "شرم الشيخ" التي تشرف باستضافة الاجتماعات السنوية، لبنك التنمية الأفريقي ٢٠٢٣ وهي الاجتماعات، التي حرصت مصر، على استضافتها على أراضيها للمرة الثالثة تأكيدا على بالغ اهتمامنا، بتعزيز المساعي الدولية والإقليمية، الداعمة لجهود التنمية، في جميع ربوع قارتنا الأفريقية.
السيدات والسادة،
لا تخف عليكم التحديات المتصاعدة والمتشابكة، التي تواجهها دول العالم فمع ظهور بوادر التعافي من الآثار السلبية، لجائحة " كوفيد - ١٩" على الاقتصاد العالمي جاءت الأزمة "الروسية – الأوكرانية"، والتوترات السياسية الدولية، لتضيف إلى المشهد العالمي، تعقيدات غير مسبوقة تظهر آثارها في اضطرابات حادة، في سلاسل التوريد العالمية، وموجات تضخمية جارفة.
ولقد انعكس هذا المشهد، بشكل أكثر قوة، على اقتصادات الدول النامية، وعلى رأسها، اقتصادات دول القارة الأفريقية التي تعاني في الأصل، من تحديات داخلية عدة مما يتطلب أفكارا غير تقليدية، للبحث عن حلول تمويلية، تساهم في دفع عجلة المشروعات الأكثر إلحاحا خاصة في مجالات مواجهة تحديات التغيرات المناخية، والتنمية المستدامة.
ويكفي في هذا الصدد، الإشارة إلى حجم بعض الاحتياجات التمويلية، لدول القارة الأفريقية، طبقا لتقديرات الأمم المتحدة، وبنك التنمية الأفريقي ونذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر:
"٢٠٠" مليار دولار سنويا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
"١٤٤" مليار دولار سنويا لمعالجة الآثار السلبية لجائحة "كوفيد- ١٩".
"١٠٨" مليارات دولارات سنويا لتمويل مشروعات تهيئة ورفع مستوى البنية التحتية.
وهنا تبرز أهمية هذه الاجتماعات، ودور بنك التنمية الأفريقي، في توفير الحلول التمويلية الملائمة، لاحتياجات دول القارة التي تحقق المعادلة الصعبة، بين توفير التمويلات الضخمة، اللازمة لتحقيق التطلعات التنموية من جانب، وخفض مخاطر هذه التمويلات من جانب آخر عن طريق بناء هياكل مالية مناسبة، تحفز المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف، على ضخ المزيد من الاستثمارات، في شرايين الدول الأفريقية.
كما أغتنم هذه الفرصة، لدعوة المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف، إلى إعادة النظر في المعايير والشروط، التي تؤهل الدول للحصول على قروض ميسرة بحيث تكون متاحة للدول منخفضة ومتوسطة الدخل، على حد سواء خاصة في ظل تصاعد تكلفة الاقتراض، وزيادة أعباء خدمة الدين وما له من انعكاسات سلبية، على الموازنات المالية لتلك الدول.
السيدات والسادة،
إن إشكالية التغيرات المناخية وتداعياتها السلبية، لا تنحصر في نطاق دولة دون غيرها، أو إقليم بعينه وإنما هي قضية وجودية، ينبغي أن تأتي على رأس الأولويات الاستراتيجية، لجميع دول العالم.
وعلى عكس ما قد يعتقده البعض، فإن الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، تتزايد على الدول الأقل نموا وهو ما يظهر بوضوح في دول القارة الأفريقية حيث تؤدي هذه التغيرات، إلى ارتفاع معدلات الجفاف، واتساع رقعة التصحر، وتراجع إنتاجية المحاصيل الزراعية.
وتشير التقديرات، إلى أن المخاطر المرتبطة بالجفاف فقط، في دول القارة الأفريقية، أدت إلى خسائر تجاوزت قيمتها "٧٠" مليار دولار فضلا عن تسببها، في خفض نمو الإنتاجية الزراعية للقارة بنحو "٣٤٪" وتقدر الاحتياجات التمويلية؛ لمواجهة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية في أفريقيا بنحو "٣" تريليونات دولار، حتى عام ٢٠٣٠.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى النتائج الإيجابية، لمخرجات وتوصيات قمة الأمم المتحدة للمناخ "COP- ٢٧"، التي ترأستها مصر العام الماضي ويأتي في مقدمتها، الاتفاق على إنشاء صندوق، مخصصا لتوفير التمويل اللازم، لتعويض الخسائر والأضرار، للدول المتضررة من الفيضانات والجفاف، والكوارث المناخية الأخرى.
السيدات والسادة،
إن معطيات الواقع الاقتصادي، تفرض ضرورة تحفيز القطاع الخاص، للاضطلاع بدور أكبر، في توفير التمويل اللازم، للنهوض بالمشروعات صديقة البيئة مع تكثيف آليات استخدام مصادر الطاقة النظيفة، وإقرار السياسات والإجراءات اللازمة لذلك.
وفي هذا الإطار، تولي مصر اهتماما بالغا بالبعد البيئي حيث أصدرت الحكومة المصرية عام ٢٠٢١، الإصدار الأول من دليل معايير الاستدامة البيئية، تحت مسمى "الإطار الاستراتيجي للتعافي الأخضر" وذلك بهدف توفير الإرشادات اللازمة، لدمج معايير التنمية المستدامة في الخطط التنموية بما ينعكس بالإيجاب على جودة الحياة وعملية التنمية.
ومما لا شك فيه، أن فعاليات النسخة الحالية، من الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الأفريقي تمثل فرصة مميزة، لتبادل المعرفة والخبرات، وتوفير الدعم الفني اللازم لمواجهة تداعيات التغير المناخي مع طرح أجندة واضحة، وفقا لجدول زمني، لتحديد سبل وآليات التعامل مع مختلف التحديات، التي تواجهها دول القارة الأفريقية، وصولا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ضيوف مصر الكرام،
ختاما أجدد ترحيبيا بكم جميعا، وأتمنى لكم التوفيق، في هذه النسخة من الاجتماعات السنوية، لبنك التنمية الأفريقي الذي أتوجه له بالشكر، على جهوده الملموسة، في تمويل المشروعات التنموية، في مختلف أنحاء قارتنا والتي تجعلنا نتطلع للمزيد من الشراكات الناجحة مع المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف لتحقيق تطلعات شعوبنا، نحو النماء والتقدم والازدهار.
شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.