حسن عبدالستار
أهداني الصديق العزيز والخبير السياحى الدكتور أبوالحجاج العمارى نسخة من كتابه «السياحة في مصر .. الإمكانيات والتحديات» .. والحديث عن السياحة ذو شجون فالقطاع السياحي في الوقت الحالى من أهم القطاعات الذى تراهن عليه أغلبية الدول في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فالسياحة اليوم لم تعد مجرد نشاط ترفيهي للإنسان الذي ينحصر بين المأكل والمشرب والتنزه، بل أصبحت تمثل صناعة تصديرية قائمة بذاتها، إضافة إلى ذلك الدور الفعال - الذي تلعبه في اقتصاديات البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء لما تحققه الإيرادات السياحية من نتائج معتبرة تقارب أحيانًا الإيرادات من المبادلات الزراعية والغذائية في بعض الدول وتفوق العوائد النفطية في دول أخرى، فإذا كان القطاع الصناعي والزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية التي تعتمد عليها جميع دول العالم في بناء اقتصادياتها، فإن السياحة تأخذ المرتبة الثالثة باعتبارها تصنف ضمن قطاع الخدمات إذ تعتبر من أهم مصادر العملة الصعبة، فضلاً عن دورها فى امتصاص جزء كبير من البطالة، مما جعل الكثير من الدول تولي اهتمامًا خاصًا لها وأصبحت مجالاً للتنافس فيما بينها.
ولا جدال في أن هناك علاقة وثيقة بين تنمية قطاع السياحة والتنمية الاقتصادية بمفهومها العام، فقد اهتمت البلدان المتقدمة بتطوير وتحسين مستوى الخدمات الأساسية التي تتفاعل مع تنمية قطاع السياحة، مثل النقل والاتصالات، والمياه والكهرباء، والخدمات الصحية، كما قامت هذه البلدان بتوفير أسباب الجذب السياحي الإضافية لتلبية احتياجات مختلف فئات السياح، وبفضل الجهود التي بذلتها للتوسع في تسويق السياحة وترويجها، ازداد عدد السياح الوافدين إليها.
أما البلدان النامية بالرغم من تمتعها بميزة نسبية من حيث جذب السياح، لاسيما من حيث مواقع السياحة الثقافية وأسعارها المنخفضة، إلا أن نصيبها من السياحة العالمية لا يزال أدنی بكثير من إمكانياتها، لأن قطاع السياحة في هذه البلدان لا يزال يواجه قيودا كبيرة منها قلة الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات الأساسية، ونقص الكوادر البشرية المتخصصة؛ بل أهم من ذلك الافتقار إلى سياسة موجهة للتنمية السياحية وتسويقها، وباختصار يمكن القول أن القطاع السياحي في البلدان النامية لم يلق الاهتمام اللازم الذي يستحقه كقطاع اقتصادي هام مدر للعملات الأجنبية وخالق لفرص العمل، ويحتاج تطوير قطاع السياحة إلى نظرة طويلة الأجل تكون جزء من عملية التنمية الاقتصادية، نظرًا للترابط بين السياحة وسائر القطاعات الاقتصادية الأخرى، والتنمية السياحية الناجحة في أي بلد يجب أن تركز على المجالات التي يتمتع فيها هذا البلد بميزة نسبية، مثل السياحة الثقافية وسياحة الآثار، والسياحة الترفيهية، والسياحة الدينية، وسياحة المؤتمرات والتدريب، ليتمكن من التنافس في أسواق السياحة العالمية، وعلاوة على ذلك، يتطلب تطوير السياحة توفر الإرادة السياسية من أجل تنمية القطاع وإخضاعه لتشريعات منفصلة تسعى إلى تحقيق أهداف السياحة في البلد وتطورها.
ومصر بحكم انتمائها لمجموعة البلدان النامية تتميز بالخصائص العامة لهذه البلدان، فلقد سارعت خلال السنوات القليلة الماضية بتطوير وتنمية القطاع السياحي في إطار الجهود المبذولة من طرف الدولة لتنويع الاقتصاد الوطني، حيث يعد هذا القطاع مصدرًا هامًا للعملات الأجنبية ولفرص العمل ومن ثم تأكد بوضوح أثره العام على التنمية الاقتصادية، كما يساعد قطاع السياحة على تطوير جميع القطاعات المترابطة والمتشابكة معه، خاصة قطاعات البنية التحتية مثل النقل والاتصالات، والكهرباء والمياه، والخدمات المالية، والزراعة والصناعات التحويلية.
وبالرغم من التجربة السياحية الرائدة لمصر في تطوير ونمو القطاع السياحي، إلا أن قطاع السياحة في مصر مازال ثابتًا مكانه وذلك لغياب الثقافة السياحية، وضعف الترويج والتسويق السياحي للمنتج السياحي المصري، بالإضافة إلى قلة الاعتمادات المالية المخصصة له وانتهاج سیاسات سياحية غير واضحة المعالم.
ولهذا جاء هذا الكتاب ليلقي حجرا في المياة الراكدة ويسلط الضوء على التحديات التي تواجه هذا القطاع ، خاصة وأن الكاتب يعمل بهذا المجال منط سنوات عديدة مما يعطي اهمدة كبري للآراء الواردة فيه والتي يسلط الضوء فيها علي عملية «بعث التنمية السياحية من جديد»
والتى تتلخص حسب رؤية الكاتب في عدة نقاط منها :
ضرورة التركيز على تطوير مهارات العاملين بالقطاع السياحى والاهتمام بعناصر التسويق الخارجى والداخلى من خلال تحفيز القائمين على التسويق السياحى بما يمكنهم من إبراز ماتتمتع به مصر من مقومات سياحية لاتتوفر لدى غيرها و وتوفير كافة البيانات عن هذه المقومات التى تمتلكها مصرأمام السائح الاجنبى.و ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية التى تحتاج اليها المنشأت السياحية من طرق وكهرباء ومياه، هذا فضلا عن تطويروسائل التواصل الاجتماعى من شبكات الانترنت ووالهواتف المحمولة.
ضرورة مراجعة مساهمة قطاع الطيران فى تنشيط قطاع السياحة الخارجية، بالإضافة إلى ضرورة انشاء شركات خاصة بالطيران الداخلى بأسعار مناسبة بما يسهم فى تنشيط السياحة الداخلية.
و التأكيد على أهمية نشر الوعى لدى أفراد المجتمع مما يحسن من سلوكياتهم فى التعامل مع السائحين وتعريفهم بأهمية السياحة ودورها فى زيادة الدخل القومى ومن ثم مردودها على التنمية الاقتصادية ومردود ذلك على تنمية القطاع السياحى وازدهاره، وتطبيق العقاب علي المتعاملين مع السائحين من أفراد المجتمع (التجار – السائقين – البائعين ... الخ)، للإلزام بحسن التعامل وعدم استغلال السائحين لتقديم صورة طيبة عن سلوكياتنا أمام السائحين.و التأكيد على تسهيل الاجراءات المتعلقة بالسائحين والقضاء على الروتين والبيروقراطية فى كل مايتعلق بالقطاع السياحى مع التأكيد والحفاظ علي هوية المجتمع المحلي.و زيادة برامج الاستثمار وجهود الدولة الموجهة لقطاع السياحة للنهوض به حتي تتحقق استرتيجية التنمية المسدامة رؤية 2030 ويكون قطاع السياحة قاطرة التنمية للاقتصاد المصري .
لهذا أرجو ان يكون الكتاب بين يدى القائمين على صناعة السياحة للاستفادة من الأطروحات بالغة الأهمية التي يذخر بها الكتاب، لعلي وعسى أن نقف علي الإمكانيات الفعلية لمصر في هذا القطاع ونضع حلولا للتحديات التي تواجهه في محاولة لبعث الحركة السياحية من جديد.