قالت اليوم السبت، دار الإفتاء أن ما ورد من أخبار أنه صلى الله عليه وآله وسلم احتفل بذكرى يوم مولده الشريف بصيام يوم الإثنين، وهذا في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم؛ وكان صلى الله عليه وآله وسلم يواظب على صيامه، ويُفهم من ذلك أنه كان مستمرًّا في الاحتفال بتلك الذكرى العطرة، فمن أراد أن يحيي هذه الذكرى يوم الإثنين من كل أسبوع على مدار العام فلا حرج عليه، ومن أراد أن يقتصر على صيام يوم مولده فقط من كل عام فلا حرج عليه؛ فالأمر في ذلك واسع.
وأوضحت، الاحتفال بذكرى المولد النبوي العظيم عبادة وطاعة تقرِّب إلى الله تعالى؛ فمعنى الاحتفال هو: إظهار الفرح والسرور، ومعنى العبادة هو: أداء الأقوال أو الأفعال التي يُقصد بها القربة لله تعالى؛ سواء كان ذلك بالفرائض؛ مثل الصلاة والصيام والزكاة، أو النوافل مثل الصدقات وذِكر الله وجميع أوجه البر.
فالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف هو إظهار الفرح بنعمة الله المتمثلة في بعثة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين؛ وقد قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "فضلُ الله: العلمُ، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وآله وسلم". وذلك الاحتفال يكون بالصيام أو الصدقات أو الذكر وتلاوة القرآن، وكل ذلك من جنس العبادات المأمور بها شرعًا.
وقالت، لقد تقرَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله تعالى بشكره على إرساله للناس هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وذلك في يوم مولده الشريف؛ وذلك ثابت بالحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ فقد سُئِل صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» أخرجه مسلم. وإذا كان صيام يوم مولده بسبب شكر الله على نعمة إرساله رحمةً للعالمين، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر الصحابة بهذا النوع من الصيام حين أمرهم بصيام يوم عاشوراء؛ شكرًا لله على نجاة موسى عليه السلام من فرعون، أفلا يكون صيام يوم مولده شكرًا لله أولى من ذلك!.