أكد محمد الأتربي، رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس اتحاد المصارف العربية، خلال كلمته علي هامش اللقاء السنوي لمجموعة خبراء إدارة التدقيق الداخلي التابعة للإتحاد الدولي للمصرفيين العرب بعنوان: “البنك المستدام: دور التدقيق الدخلي وإدارة المخاطر والامتثال لضمان الإزدهار والإستقرار”، والذي ينظّمه الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب بالتعاون مع اتحاد المصارف العربية واتحاد بنوك مصر وبرايس ووتر هاوس كوبرز (PwC) والجمعية المصرية للمراجعين الداخليين خلال الفترة 20-21 نوفمبر 2024، أن القطاع المصرفي المصري، والذي تجاوز أصوله 18 تريليون جنيه بنهاية مايو 2024 ، وأكثر من 11 تريليوناً كإجمالي الودائع، يمثل دوراً محورياً في تعزيز الشفافية من خلال نظم الرقابة الداخلية والتدقيق، حيث يسعي البنك المركزي المصري دائماً إلى مواكبة وتطبيق الممارسات الدولية في مجال الرقابة المصرفية ومتابعة أهم إصدارات لجنة بازل ومتطلباتها، والالتزام بتطبيق تعليمات المعايير الدولية للتقارير المالية “IFRS9″، والامتثال لأطر الرقابة الداخليةCommittee of Sponsoring Organizations “COSO”.
وأوضح الأتربي، أن المؤسسات المصرفية تواجه تحديات معقدة ومتغيرة من التغير السريع في التكنولوجيا إلى متطلبات الامتثال المتزايدة، ومن التوترات الجيوسياسية إلى التوقعات العامة المتزايدة حول المسؤولية الاجتماعية والبيئية، لم يكن دور التدقيق الداخلي وإدارة المخاطر والامتثال أكثر أهمية من الآن.
وأشار إلى أن التدقيق الداخلي، تطور دوره اليوم إلى ما هو أبعد من الرقابة التقليدية. أصبح التدقيق الداخلي شريكاً موثوقاً للقيادة، يساعد المؤسسات في تحديد ومعالجة المخاطر بشكل استباقي. فمن خلال توفير تقييمات مستقلة وموضوعية، يساعد التدقيق الداخلي في ضمان كفاءة العمليات وأمانها ومواءمتها مع الأهداف الاستراتيجية. وبهذا، أصبح التدقيق الداخلي بمثابة خط الدفاع الأول للمؤسسة في مواجهة المفاجآت والغير متوقع.
وبالنسبة لإدارة المخاطر، فلم تعد المخاطر محصورة في قسم واحد أو مجالات عملياتية معزولة. إن عدم الاستقرار الاقتصادي، واضطرابات سلسلة التوريد، وتهديدات أمن البيانات، وتأثيرات التغير المناخي هي بعض من المخاطر متعددة الأوجه التي تواجهها المؤسسات اليوم. وعليه، تتطلب إدارة المخاطر الفعالة ليس فقط تحديد المخاطر بل أيضاً فهم كيفية تداخلها وتأثيرها على بعضها البعض. والمؤسسات التي تتفوق في إدارة المخاطر هي تلك التي تتبنى ثقافة الصمود والمرونة، مما يهيئها للتكيف مع التغيرات غير المتوقعة.
أما بالنسبة للإمتثال، فقد أصبح ركيزة للثقة والنزاهة. لقد نمت التوقعات التنظيمية بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، واليوم يتوقع من المؤسسات ليس فقط الامتثال، بل تجاوز المعايير المطلوبة، غالباً تحت رقابة عامة مشددة. والامتثال هو أكثر من مجرد تجنب الغرامات، إنه يتعلق ببناء ثقافة الشفافية والمساءلة والسلوك الأخلاقي. والمؤسسات التي تعطي الأولوية للامتثال لا تحمي فقط صحتها المالية بل تحمي أيضاً سمعتها، التي تعتبر أحد أهم الأصول.
وقال الأتربي أنه في سياق التدقيق الداخلي وإدارة المخاطر والامتثال تواجه المصارف تحديات عديدة تتطلب استراتيجيات مبتكرة واستباقية من أبرز هذه التحديات هو التغير السريع في البيئة التنظيمية والضغوط المتزايدة للامتثال لمجموعة متنامية من القوانين والمعايير الدولية. كما يمثل التطور السريع للتكنولوجيا تحدياً إضافياً، حيث يجب على المؤسسات التصدي لتهديدات أمن المعلومات وتطبيق حلول جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، مع الحفاظ على الامتثال لخصوصية البيانات وأمنها.
ومواجهة هذه التحديات، يجب على المؤسسات تعزيز ثقافة الشفافية والمرونة من خلال الاستثمار في فرق عمل مؤهلة ومتخصصة، وتطوير الأنظمة الداخلية لتمكين مراقبة مستمرة وسريعة للمخاطر. كما ينبغي تعزيز التعاون بين أقسام التدقيق وإدارة المخاطر لضمان تكامل الجهود.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تبني التكنولوجيا الحديثة لتحسين كفاءة العمليات وضمان الالتزام بالتغيرات التنظيمية بشكل أسرع وأكثر دقة. تكمن القوة في مواكبة تلك المتغيرات ومواجهة التحديات بإطار يركز على الابتكار والالتزام، مما يسهم في تعزيز القدرة على التكيف مع المتغيرات وضمان استمرارية وازدهار المصارف على المدى الطويل.
وتابع أنه بالنظر إلى المستقبل، هناك عدة اتجاهات في كل من هذه المجالات تعمل على تغيير طريقة تعاملنا مع التدقيق الداخلي وإدارة المخاطر والامتثال وهي كالتالي: تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي في التدقيق الداخلي، إدارة المخاطر المتكاملة والشامل، التكنولوجيا الرقابية RegTech) ) في الامتثال بالاضافة إلى الأمن السيبراني والمرونة الرقمية، وأيضاً التركيز على الاستدامة والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG). والتي أصبحت ذو أهمية متزايدة.
واختتم أنه استمراراً لتلك الجهود، فقد أصدر المركزي تعليمات جديدة بشأن تطوير مفهوم الحوكمة ونظم الرقابة الداخلية بالبنوك العاملة في مصر في سبتمبر ۲۰٢٤ ، لمراقبة ومراجعة كافة أنشطة وعمليات البنك بشكل مستمر من خلال كل من مجلس الإدارة واللجان المنبثقة عنه، والإدارة العليا، وكافة العاملين بالبنك، وبمراعاة خضوع النظام للتقييم والتطوير الدوري، بما يضمن تنفيذ الأنشطة ومتابعة المخاطر المصاحبة لها بكفاءة وفاعلية، ويعزز الإفصاح والشفافية المتبادلة حفاظاً على سلامة واستقرار القطاع المصرفي.