فور اقتحام الفصائل المسلحة السجون، تم تحرير المعتقلين من النساء والأطفال في سجن "صيدنايا" كما أظهرت مقاطع فيديو.
ويختلف سجن صيدنايا، الذي تبلغ مساحته 1.4 كيلومتر مربع، من حيث التبعية والقوانين المنظمة عن باقي السجون، إذ يخضع لوزارة الدفاع السورية بشكل مباشر، كما أن وزارة العدل لا تحظى بأي سلطة أو وصاية عليه، حتى أن منظمة العفو الدولية أطلقت عليه وصف "المسلخ البشري"، و"السجن الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء".
ويقول تقرير رابطة "معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، إن لا أحد بإمكانه دخول السجن أو زيارة أي معتقل، دون إذن من الشرطة العسكرية بعد الحصول على تصريح مسبق من شعبة الاستخبارات العسكرية.
وتبينت الرابطة، من أن السجن يخضع إلى جهتين قضائيتين منفصلتين، وهما "القضاء العسكري" المختص بالنظر في تهم جنح أو جنايات يرتكبها عسكريون، إلى جانب "محكمة الميدان العسكري".
وتولى إدارة السجن منذ تأسيسه عام 1987، 10 مدراء مختلفين ينحدرون جميعا من قرى تابعة لمحافظتي طرطوس واللاذقية غربي سوريا.
تصنيفات المعتقلين
ويُصنّف مسؤولو السجن، المعتقلين في صيدنايا إلى فئتين: تشمل الفئة الأولى المعتقلين الأمنيين من المدنيين والعسكريين، بسبب آرائهم وأنشتطهم السياسية أو انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، أو القيام بأعمال إرهابية.
أمّا الفئة الثانية، فتضم من تم إدانتهم قضائيا، من العسكريين بسبب ارتكابهم جنحا أو جرائم جنائية مثل الهروب من الخدمة العسكرية والقتل.
وأوضح تقرير الرابطة، أن هذا التصنيف يؤدي إلى اختلاف في المعاملة، لافتا إلى أن المعتقلين الأمنيين يتعرضون لعمليات تعذيب ممنهجة وكذلك حرمان من الرعاية الصحية والطعام، بينما يتعرض المعتقلون القضائيون إلى عمليات تعذيب غير ممنهجة وعادة ما يحظون بزيارات دورية وطعام ورعاية صحية مقبولة.
ونتيجة لنظرة النظام السوري إلى المعتقلين في "صيدنايا" على أنهم "خونة وعملاء"، كانوا في أغلب الأحيان يُجرّدون من أيّة اعتبارات آدمية وإنسانية فتتم استباحتهم.
وفي الفترة بين عامي 2011 و2015 أصبحت الأوضاع داخل السجن في غاية السوء، كما انخفضت أعداد المعتقلين بداخله نتيجة لعمليات التصفية والإعدامات، إذ أعدمت السلطات ما يتراوح بين 30 إلى 35 ألف معتقل خلال 10 سنوات بشكل مباشر أو بسبب التعذيب أو نتيجة لانعدام الرعاية الصحية والطعام، وفق تقرير الرابطة.
وجرت العادة داخل "صيدنايا" بأن تتم عمليات الإعدام خلال يومين من كل أسبوع، كما أنه لا يتم إبلاغ المعتقلين بقرار الإعدام، لكن يتم نقلهم مساء لتنفيذ الحكم في اليوم ذاته أو اليوم التالي، فوق الرابطة.
وأشار التقرير إلى غرفتين تحتويان على منصات للإعدام، تقع إحداهما في "القسم الأبيض"، والأخرى في "القسم الأحمر"، موضحا أن عملية الإعدام تتم شنقا.
وعقب عملية إعدام المعتقلين، كان السلطات في السجن تقوم بنقل الجثث بترتيب تسلسلي بحيث يدُفن أولا أقدم من تم إعدامه، في مقابر جماعية، وفق تقرير الرابطة.
وعادة ما تكفلت إدارة الخدمات الطبية في مستشفى "تشرين العسكري" بنقل الجثث، لدفنها بمنطقة "قطنا" عند نقطة تقاطع "الفرقة العاشرة" مع "الحرس الجمهوري"، أو منطقة "نجها" بريف دمشق الجنوبي، أو منطقة "القطيفة" غرب "حقل الرمي" التابع للفرقة الثالثة، المُكلفة بحماية السجن.
وبيّن التقرير، طريقتين يتم التعامل بهما مع الجثث، إذ أن الجثة التي نتجت عن إعدام المعتقلين تُنقل إلى المقابر المذكور مسبقا بواسطة عربات سيارات عسكرية يُطلق عليها "سيارة اللحمة"، أو سيارات "بيك أب".
بينما الطريقة الثانية، تتعلق بالجثث الناتجة عن تعذيب المعتقلين أو انعدام الطعام والرعاية الصحية، فيتم تجميعها داخل السجن وتُدفن لمدة يومين في "غرف الملح" التي أُشئت عام 2011.
وبعد انتهاء اليومين، تُنقل الجثث من غرف الملح إلى مستشفى "تشرين العسكري"، بواسطة سيارات نقل المعتقلين، لمعاينتها وإصدار شهادة وفاة، قبل نقلها إلى فرع السجون في الشرطة العسكرية.
سجن صيدنايا هو أحد السجون الأكثر شهرة في سوريا، ويعتبر من أسوأ السجون في العالم من حيث الانتهاكات الإنسانية. يقع سجن صيدنايا بالقرب من العاصمة دمشق، ويُستخدم بشكل رئيسي للاحتجاز السياسي، حيث يُحتجز فيه معارضو النظام السوري، بما في ذلك نشطاء حقوق الإنسان، المعارضين السياسيين، والمتظاهرين السلميين.
السمعة والانتهاكات:
التعذيب: يُعرف سجن صيدنايا بانتشار التعذيب الممنهج، حيث تشير تقارير إلى أن المعتقلين يتعرضون لتعذيب جسدي ونفسي، بما في ذلك الضرب الوحشي، والتجويع، والإعدام خارج نطاق القانون.
الإعدامات: يقال إن السجن شهد تنفيذ عمليات إعدام جماعية، خاصة في فترات معينة من النزاع السوري. وتقارير من منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" تشير إلى أن آلاف المعتقلين تم إعدامهم في صيدنايا بشكل غير قانوني.
الحياة داخل السجن: يعاني المعتقلون من ظروف صحية سيئة للغاية، بما في ذلك الاكتظاظ، وقلة الطعام، وسوء الرعاية الطبية. يتم الاحتجاز في ظروف لا إنسانية، حيث يتم حشر المعتقلين في زنازين ضيقة جداً، مما يزيد من خطر الأمراض والإصابات.
تاريخ سجن صيدنايا:
تم تأسيس سجن صيدنايا في 1987 ليكون سجنًا عسكريًا، لكنه أصبح معروفًا في السنوات الأخيرة بسبب استخدامه كمكان لاحتجاز المعارضين السياسيين منذ بداية الحرب الأهلية السورية في 2011.
سجن صيدنايا يُعد مركزًا للإخفاء القسري، حيث يُحتجز فيه المعتقلون لمدد طويلة دون محاكمات عادلة أو توجيه تهم لهم.
الإصلاحات والضغوط الدولية:
بعد الضغط الدولي والتقارير الإعلامية التي تكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان في سجن صيدنايا، بدأ النظام السوري في بعض الأحيان بالحديث عن "الإصلاحات" في السجون، لكن لا تزال العديد من التقارير تشير إلى أن الظروف في السجون السورية لم تتحسن بشكل جوهري.
سجن صيدنايا أصبح رمزًا للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في سوريا، ولقد أثار الكثير من القلق على المستوى الدولي حول ممارسات النظام السوري تجاه المعتقلين السياسيين.
للحصول على تفاصيل إضافية، يمكنك الاطلاع على التقارير المنشورة من قبل منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.