في ظل أسعار الفائدة المرتفعة الحالية في مصر، توجه مستثمرون أجانب وعرب نحو سحب استثماراتهم من أذون الخزانة قصيرة الأجل بالعملة المحلية، لشراء السندات طويلة الأجل، بهدف ضمان الحصول على عوائد مرتفعة لفترة أطول، في ظل توقعات خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة العام المقبل.
في مارس الماضي، أقبل المستثمرون الأجانب على أدوات الدين المحلية، خاصة أذون الخزانة قصيرة الأجل، عقب تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة 8 نقاط مئوية خلال الربع الأول من العام الجاري، منها 6 نقاط مئوية دفعة واحدة في اجتماع مارس. قبل أن يبقي البنك المركزي المصري الفائدة دون تغيير في آخر 5 اجتماعات عند مستوياتها المرتفعة البالغة 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض. فيما تعقد لجنة السياسة النقدية اجتماعها الأخير لهذا العام، في 26 ديسمبر الجاري.
كثف البنك المركزي بالنيابة عن وزارة المالية من بيع سندات الخزانة بمختلف آجالها، لتسجل خلال أول 10 أشهر من تحرير سعر الصرف نحو 435 مليار جنيه، مرتفعة بحوالي 52% عن القيمة المستهدفة البالغة 286 مليار جنيه، وفق بيانات أرشيفية على موقع البنك المركزي.
مالت وزارة المالية إلى زيادة بيع سندات الخزانة لأجل 3 سنوات بعائد ثابت والتي استحوذت على 88% من إجمالي العطاءات. وبلغ إجمالي مبيعات سندات الخزانة لأجل 3 سنوات حوالي 381 مليار جنيه مرتفعاً بنحو 80% عن السيولة المستهدف جمعها والبالغة 211.5 مليار جنيه، وفق البيانات.
أشارت مجموعة "غولدمان ساكس" في يونيو الماضي إلى فقدان أذون الخزانة المصرية بريقها بسب الثبات المتصنّع للعائد، وقال حينها فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في المجموعة إن "أسعار الفائدة جعلت سندات الخزانة قصيرة الأجل غير جذابة بشكل كبير. إذ إن العائد الأقصى لأذون الخزانة لجميع آجال الاستحقاق بعد خصم الضريبة، يُعد أقل من سعر الفائدة القياسي (الحقيقي) في مصر". وهو ما يشير إلى تحول حاد للمعنويات بعد بضعة أشهر فقط من الحماس على اقتناء أدوات الدين الحكومية في أعقاب تغييرات مفاجئة في السياسات الاقتصادية.
"تراجع معدل التضخم يزيد من توقعات خفض أسعار الفائدة بمعدل محدود مع أول اجتماع للجنة السياسة النقدية في 2025، وبالتالي بدء الأجانب تحويل استثماراتهم في أدوات الدين إلى السندات طويلة الأجل لضمان أكبر ربحية من الفائدة على المدى الطويل"، بحسب مسؤول خزانة ومعاملات دولية بأحد البنوك الحكومية.
تحسن أداء الاقتصاد
آراء المسؤولين الثلاثة تتوافق مع رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة، والذي يرى أن استثمار الأجانب في أدوات الدين الحكومية يتحدد وفقاً لتوقعات أسعار الفائدة، وبالتالي فإن اتجاههم للاستثمار في السندات لأجل ثلاث سنوات يشير إلى توقعاتهم باتجاه المركزي المصري إلى خفض الفائدة مطلع العام المقبل.
من جانب آخر، أضاف رئيس قطاع خزانة بأحد البنوك، فضل عدم نشر اسمه، أن اتجاه الأجانب لشراء سندات لأجل 3 سنوات في السوق الثانوية يعطي مؤشراً علي رؤيتهم لجاذبية الاقتصاد المصري ودلالة على الجدارة الاقتصادية للدولة على المدى المتوسط.
يجري صندوق النقد الدولي حالياً مراجعته الرابعة لبرنامج تمويل مصر الموسع البالغ حجمه 8 مليارات دولار، والتي يسمح استكمالها بصرف شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار من قرض الصندوق، والتي تُعد الأكبر بين مختلف الشرائح. وأشارت بعثة الصندوق إلى "إحراز تقدم كبير" في المناقشات مع الحكومة، نحو استكمال هذه المراجعة.
تعرّض الجنيه المصري لضغوط خلال الأسابيع القليلة الماضية ليقفز الدولار إلى مستوى قياسي قرب الـ51 جنيهاً خاصة في ظل استحقاقات المستثمرين الأجانب في ديسمبر الجاري في أذون الخزانة، فضلاً عن طلبات بتحويل جزء من هذه الاستحقاقات للخارج لجني الأرباح وإغلاق مراكزهم المالية بنهاية العام.
يعتبر واحدًا من الأدوات المالية الأساسية التي يعتمد عليها المستثمرون لتحقيق عوائد مستقرة وتقليل المخاطر. يمكن أن يكون الاستثمار في السندات خيارًا جيدًا للأفراد والشركات الباحثين عن استقرار الدخل وتنويع المحافظ الاستثمارية.
ما هي السندات؟
السندات هي أدوات دين تصدرها الحكومات أو الشركات لجمع التمويل. عند شراء سند، فإنك تقرض الجهة المُصدرة المال مقابل الحصول على فوائد دورية (الكوبونات) واسترداد قيمة السند عند تاريخ استحقاقه.
أنواع السندات:
-
السندات الحكومية:
- تصدرها الحكومات (مثل سندات الخزانة) لتمويل المشاريع العامة.
- تُعتبر آمنة جدًا لأن الحكومات تدعمها.
- عادةً ما تكون عوائدها أقل من السندات الأخرى.
-
السندات السيادية:
- تصدرها الدول وتكون بالعملات الأجنبية أو المحلية.
- تحمل مخاطر أكبر مقارنة بالسندات الحكومية المحلية إذا كانت الدولة تواجه مشاكل اقتصادية.
-
سندات الشركات:
- تصدرها الشركات لتمويل أنشطتها.
- توفر عوائد أعلى مقارنة بالسندات الحكومية، لكنها تحمل مخاطر أعلى.
-
السندات ذات العائد المرتفع (Junk Bonds):
- تُصدرها شركات ذات تصنيف ائتماني منخفض.
- مخاطرها مرتفعة، لكن عوائدها مرتفعة أيضًا.
-
السندات القابلة للتحويل:
- تتيح للمستثمر تحويلها إلى أسهم في الشركة المُصدرة وفق شروط محددة.
فوائد الاستثمار في السندات:
- دخل ثابت:
- توفر عوائد منتظمة من خلال الفوائد التي تُدفع دورياً.
- أمان نسبي:
- تُعتبر أقل تقلبًا مقارنة بالأسهم.
- تنويع المحفظة:
- تساعد في تقليل المخاطر عند دمجها مع الأصول الأخرى.
- الحفاظ على رأس المال:
- استرداد قيمة الاستثمار عند الاستحقاق (باستثناء حالات الإفلاس).
مخاطر الاستثمار في السندات:
- مخاطر الائتمان:
- إمكانية تعثر الجهة المُصدرة في السداد.
- مخاطر التضخم:
- انخفاض القوة الشرائية للعوائد بسبب ارتفاع التضخم.
- مخاطر أسعار الفائدة:
- إذا ارتفعت أسعار الفائدة، قد تنخفض قيمة السندات.
- مخاطر العملة:
- إذا كانت السندات بالعملة الأجنبية، قد تتأثر بالتقلبات في سعر الصرف.
كيفية الاستثمار في السندات:
- شراء مباشر:
- يمكنك شراء السندات من الجهة المُصدرة مباشرة، مثل الحكومة أو الشركة.
- من خلال البورصة:
- تُتداول بعض السندات في الأسواق المالية.
- صناديق الاستثمار:
- شراء أسهم في صناديق متخصصة تستثمر في مجموعة متنوعة من السندات.
- الصناديق المتداولة (ETFs):
- توفر فرصة للاستثمار في محفظة من السندات بتكلفة منخفضة.
نصائح للاستثمار في السندات:
- افهم أهدافك المالية:
- هل تسعى لاستقرار الدخل أم تبحث عن عوائد أعلى؟
- تنويع الاستثمار:
- اختر سندات من جهات مختلفة لتقليل المخاطر.
- راقب أسعار الفائدة:
- تأكد من تأثير تغيرات الفائدة على قيمة السندات.
- ابحث عن التصنيف الائتماني:
- اختر سندات ذات تصنيف ائتماني جيد لتقليل مخاطر الائتمان.
إذا كنت تبحث عن استثمار منخفض المخاطر نسبيًا ويقدم دخلاً ثابتًا، فإن السندات خيار ممتاز، ولكن تذكر أهمية البحث والتحليل قبل الاستثمار.