الدولار يهبط إلى أدنى مستوى في 2025

انخفض مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له هذا العام، متأثراً بضعف بيانات مبيعات التجزئة وانعدام اليقين بشأن سياسة الرسوم الجمركية الأمريكية، مما زاد من الشكوك حول قدرة العملة الأمريكية على تحقيق مزيد من المكاسب.

تراجع مؤشر بلومبرج للدولار

تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.5% يوم الجمعة، مسجلاً أدنى مستوى له خلال الجلسة، بعدما عززت بيانات مبيعات التجزئة الضعيفة لشهر يناير التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيخفض أسعار الفائدة بشكل أكثر مما كان متوقعاً هذا العام.

في المقابل، واصل اليورو مكاسبه لليوم الرابع على التوالي، ليصل إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع، بعد يوم من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية والتي لم تتضمن أي تدابير وشيكة ضد الدول الأوروبية.

انعدام اليقين يضغط على الدولار

أدت البيانات الأضعف من المتوقع واستمرار انعدام اليقين المطول بشأن الرسوم الجمركية إلى تقويض فرص تحقيق مزيد من المكاسب في العملة الأميركية. وكان الدولار قد سجل أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين في وقت سابق من هذا الشهر، وسط توقعات بأن قوة الاقتصاد الأميركي ستبقي أسعار الفائدة مرتفعة، بجانب مخاوف الرسوم الجمركية التي دفعت المستثمرين للجوء إلى الدولار باعتباره ملاذاً آمناً.
من جهته، أوضح جوردان روتشستر، رئيس وحدة استراتيجيات أدوات الدخل الثابت والعملات والسلع الأساسية في بنك "ميزوهو"، أن "الدولار يواجه حالة من عدم اليقين. إنه سوق يفتقر إلى اتجاه واضح بسبب التغير المستمر في سياسات ترمب".

تراجع الرهانات الصعودية على الدولار

أظهرت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) أن المتداولين المضاربين قلصوا رهاناتهم الصعودية على الدولار للأسبوع الرابع على التوالي، وذلك في أحدث البيانات الممتدة حتى 11 فبراير، رغم أن مراكز الشراء لا تزال مرتفعة بقوة.

يحتفظ المضاربون حالياً برهانات آجلة على ارتفاع العملة الأميركية تقدر بنحو 26.5 مليار دولار، بانخفاض يتجاوز 4.7 مليار دولار عن الأسبوع السابق، وفقاً للأرقام التي جمعتها "بلومبرغ" استناداً إلى بيانات لجنة تداول السلع الآجلة.

في الوقت نفسه، تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 1% هذا الأسبوع، مسجلاً ثاني تراجع أسبوعي، وسط ارتفاع اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي، مما زاد من الضغوط على العملة الأمريكية.

ضغوط متزايدة على الدولار

تحولت المؤشرات الفنية التي يتابعها "جيه بي مورغان" إلى نظرة هبوطية تجاه الدولار، مما يعكس "إرهاق السوق من الرسوم الجمركية أكثر من أي عامل آخر"، وفقاً لما كتبه محللو البنك، بمن فيهم أنتونين ديلير وميرا تشاندان، في مذكرة صدرت يوم الجمعة.

من جانبه، قال وين ثين، رئيس استراتيجيات الأسواق العالمية في "براون براذرز هاريمان آند كو" (Brown Brothers Harriman & Co)، إن البيانات الصادرة أمس الجمعة، والتي أظهرت تراجع مبيعات التجزئة في يناير بأكبر وتيرة لها خلال نحو عامين، "ستؤدي إلى إعادة تقييم احتمالات خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في عام 2025 وتقويض الدولار على المدى القريب".

كذلك، حذر روتشستر، من "ميزوهو"، من أن بيانات يناير تعكس على الأرجح الظروف الجوية القاسية، مما يعني أن مبيعات التجزئة قد تنتعش مجدداً الشهر المقبل. وفي المقابل، كانت بيانات التضخم الصادرة في وقت سابق من هذا الأسبوع أقوى من المتوقع، ما دفع المستثمرين إلى تقليص رهاناتهم بشأن مدى سرعة خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة هذا العام.

وقد يواجه المراهنون على تراجع الدولار تحديات إضافية إذا شددت الولايات المتحدة خطابها بشأن الرسوم الجمركية ضد أوروبا أو اقتصادات أخرى، مما قد يُضعف جاذبية العملات الأخرى.

توقعات السوق بشأن الدولار

كتب استراتيجيو مجموعة "غولدمان ساكس"، بقيادة كاماكشيا تريفيدي، في مذكرة: "توقعاتنا لاستمرار قوة الدولار هذا العام تعتمد في الغالب على افتراض أن الحرب التجارية الثانية ستكون أكبر وأسرع من سابقتها. بخلاف ذلك، من المرجح أن يحافظ الدولار على مستوياته القوية".

اقرأ أيضاً: بيل ددلي: تعريفات ترمب الجمركية أسوأ مما كنت أتخيل

لا تزال الرهانات على ارتفاع قيمة الدولار تُعتبر أكثر المراكز ازدحاماً بين متداولي أسعار الفائدة والعملات، وفقاً لمسح أجراه "بنك أوف أميركا" على أكثر من 50 مدير صندوق عالمي خلال فبراير. ومع ذلك، توقع ما يقرب من نصف هؤلاء المستثمرين أن يبلغ الدولار ذروته خلال الربع الأول من هذا العام.

في مذكرة صدرت أمس الجمعة، كتب فريق "بنك أوف أميركا"، بمن فيهم أدارش سينها وميكاليس روساكيس، أن "التقييمات والفروق الضيقة في أسعار الفائدة يُنظر إليها الآن باعتبارها رياح معاكسة محتملة رئيسية للدولار، مع تحول التركيز بعيداً عن العوامل المتعلقة بالمراكز الاستثمارية والمخاوف المالية".


شهدت أسواق العملات أسبوعاً حافلاً بالتقلبات، مما دفع صناديق التحوط إلى التخارج من مراكز لتداول الدولار الأميركي وتحويل أنظارها صوب الين الياباني.

قفز الطلب على الين الياباني أمس، ليُصبح أكثر العملات تداولاً مقابل الدولار الأميركي، وفقاً لبيانات شركة "ديبوزيتوري ترست آند كليرينغ" (the Depository Trust & Clearing). كما بلغ حجم تداول عقود الخيارات على الين الياباني ضعف أعلى مستوى سجله العام الحالي تقريباً، بعدما ارتفعت العملة اليابانية مقابل جميع نظرائها الرئيسيين، مدعومةً ببيانات الأجور في اليابان التي جاءت أفضل من التوقعات، ما عزز التوقعات بمواصلة بنك اليابان المركزي رفع أسعار الفائدة.

قال ساغار سامبراني، كبير متداولي عقود خيارات العملات الأجنبية في "نومورا إنترناشونال" (Nomura International) في لندن: "طوال الأسبوع الحالي، أوصينا بتنفيذ صفقات بيع متوسطة الأجل على الدولار الأميركي مقابل الين الياباني تستهدف نطاق 147 إلى 150، وحظيت هذه التوصيات باهتمام كبير من عملائنا حول العالم". وأغلق الدولار الأميركي مقابل الين عند 152.61 أمس، بعدما تراجع إلى 152.12 بوقت سابق خلال اليوم.

أسعار الفائدة في اليابان

رفع بنك اليابان أسعار الفائدة الشهر الماضي، فيما تتوقع الأسواق بنحو 75% تطبيق زيادة أخرى بحلول يوليو المقبل. وأشار ملخص الآراء لاجتماع البنك المركزي في يناير الماضي إلى أنه سيواصل مراقبة قيمة الين الياباني، وربما يرفع أسعار الفائدة مجدداً للحد من أي تراجع مفرط في قيمتها وتداعياتها على التضخم في اليابان.

حصل الين على دعم إضافي اليوم من تصريح عضو مجلس إدارة بنك اليابان ناوكي تامورا بأن البنك المركزي يجب أن يرفع سعر الفائدة الرئيسية إلى نحو 1% بحلول أواخر السنة المالية التي تنتهي مارس 2026.

قالت هيلين غيفن، خبيرة تداول العملات الأجنبية في "مونيكس" (Monex): "ربما لن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بالقدر الذي كان متوقعاً قبل بضعة شهور، لكن أي تحسن إيجابي على الجانب الياباني سيسهم في تقليص فجوة عوائد السندات، ما سيدعم الين الياباني".

يتزايد الإقبال على الين الياباني في وقت يتراجع فيه عدد المستثمرين المحتفظين بمراكز شراء دولارية بوتيرة سريعة. هبط مؤشر بلومبرغ للعملة الخضراء لليوم الثاني على التوالي، أمس، مع استمرار المستثمرين في تصفية مراكزهم الاستثمارية المرتبطة بالدولار الأميركي، وفقاً لمضاربين. 

تراجع الإقبال على الدولار الأمريكي

قال أنتوني فوستر، رئيس وحدة تداول العملات الفورية لمجموعة العشر الكبرى في "نومورا إنترناشونال" في لندن: "يوجد بالفعل انخفاض كبير في مراكز الشراء الدولار الأميركي، ويشبه ذلك إلى حد كبير ما حدث خلال 20 يناير الماضي. بعد التصفية الأولية، أعاد المستثمرون بناء مراكزهم الاستثمارية مجدداً، لكن تأجيل تطبيق الرسوم الجمركية أجبر العديد منهم على التخارج من صفقات تداولال دولار الأمريكي".

تفاقم هبوط الدولار الأمريكي الأسبوع الحالي بفعل تراجع العوائد على السندات الأميركية، والتي سجلت أمس أدنى مستوياتها خلال 2025. وانخفضت معظم عوائد السندات بما لا يقل عن 10 نقاط أساس خلال التداولات اليومية، بعد صدور بيانات أضعف من المتوقع لنشاط قطاع الخدمات.  

قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أمس إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تركز على خفض تكاليف الاقتراض من خلال العوائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، وليس عبر سعر الفائدة الرئيسي قصير الأجل الخاص ببنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

يمين الصفحة
شمال الصفحة