القاهرة وباريس يرفعان شعار إيد واحدة في مواجهة التحديات الاقتصادية..ماذا قدم ماكرون لمصر خلال زيارته؟

تعتبر فرنسا شريكًا رئيسيًا لمصر على المستويين التجاري والاستثماري، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين بالمليارات.
ووجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال انطلاق فعاليات منتدى رجال الأعمال الفرنسي، الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على حفاوة الاستقبال، قائلًا: "شكرًا جزيلًا على استقبالكم لي منذ الأمس".
وأضاف ماكرون: "فرنسا كما تعلمون، تحب مصر وتثق بها، ونحن أول مستثمر في مصر خارج قطاع المحروقات، حيث استثمرنا أكثر من 7 مليارات يورو من الاستثمارات الخاصة، بالإضافة إلى ذلك، تلتزم الوكالة الفرنسية للتنمية بمشروعات في عدة قطاعات في مصر مثل الصحة والتعليم والطاقة والمياه. نحن شريك موثوق، ويمكننا معًا تحقيق الرخاء".
وأكد ماكرون: “بالنسبة لنا الاستثمار في مصر هو استثمار في بلد مستقر، وأحيي مصر على إمكاناتها الكبيرة للنمو. نحن واثقون تمامًا في قدرة النظام المصري على إيجاد فرص عمل وليس مجرد سوق استهلاكي”.
وأشار إلى أن الاتجاه نحو الاستقلالية أصبح أمرًا ضروريًا في عالم يتزايد فيه عدم اليقين، قائلاً: "مصر وفرنسا.. كل بلد من بلدينا يمثل بابًا لدخول مناطق جديدة نتمنى الوصول إليها".
وتابع ماكرون قائلًا: "مصر هي قوة كبرى جيوسياسية وعسكرية وديموغرافية، ولديها قدرات كبيرة على التنمية، وهو ما يجعلها عنصرًا أساسياً للثقة بالنسبة لنا في فرنسا.
وأكمل ماكرون: "ستقف فرنسا إلى جانبي". مصر بقوة، وأيًا كانت الإصلاحات، فإن مصر ستظل بلدًا كبيرًا لذا فإن جميع الإصلاحات في مجال التعليم ستكون في مصلحة مصر وفرنسا، وهو ما يمثل استثمارًا طويل المدى في رأس المال البشر".
قيمة التبادل التجاري بين فرنسا ومصر
وقال المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، خلال فعاليات منتدى رجال الأعمال المصري الفرنسي، الذي حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن الاستثمارات الفرنسية في مصر وصلت إلى 7.7 مليار دولار من خلال 180 شركة فرنسية توفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل.
وأشار إلى أن الصادرات المصرية إلى فرنسا بلغت نحو مليار دولار، مؤكدًا أن الحكومة المصرية تسعى إلى مضاعفة حجم الاستثمارات الفرنسية في البلاد لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين مصر وفرنسا بنسبة 14.7% في عام 2024، لتصل إلى 2.9 مليار دولار مقارنة بـ2.5 مليار دولار في 2023، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
أبرز صادرات مصر إلى فرنسا
وضمت قائمة أبرز صادرات مصر إلى فرنسا العام الماضي كلاً من الأجهزة الكهربائية، والأسمدة، والوقود المعدني، والملابس، والمنتجات الكيميائية، والخضراوات والفواكه. في المقابل، شملت الواردات الفرنسية إلى مصر منتجات طيران، ومركبات، وآلات، وسيارات، ودراجات، وجرارات، ومنتجات ألبان.
شهدت العلاقات التجارية بين مصر وفرنسا نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. في عام 2022، بلغ إجمالي قيمة التبادل التجاري بين البلدين حوالي 4.4 مليار يورو، مقارنةً بنحو 2.7 مليار يورو في عام 2021، مما يمثل زيادة بنسبة 60.34%.
تفصيليًا، ارتفعت الصادرات المصرية إلى فرنسا بنسبة 136%، حيث بلغت 2.16 مليار يورو في عام 2022، مقارنةً بـ916.94 مليون يورو في عام 2021. كما زادت الصادرات المصرية غير البترولية إلى السوق الفرنسي بنسبة 54.13%، لتصل إلى 1.163 مليار يورو في عام 2022، مقارنةً بـ754.6 مليون يورو في العام السابق.
من ناحية أخرى، ارتفعت الواردات المصرية من فرنسا بنسبة 23%، حيث بلغت 2.28 مليار يورو في عام 2022، مقارنةً بـ1.85 مليار يورو في عام 2021.
تتصدر منتجات الأسمدة والأجهزة الإلكترونية والمعدات الكهربائية قائمة الصادرات المصرية إلى فرنسا، بينما تتصدر الحبوب (باستثناء الأرز) والبقوليات والبذور الزيتية قائمة الواردات المصرية من فرنسا.
بالإضافة إلى ذلك، بلغت الاستثمارات الفرنسية في مصر نحو 7.2 مليار دولار أمريكي من خلال 940 شركة فرنسية تعمل في مجالات متنوعة مثل البنية التحتية، البنوك، التأمين، الطاقة، النقل، والاتصالات.
هذه الأرقام تعكس تطورًا إيجابيًا في العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا، مع زيادة ملحوظة في حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.
أهمية الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة
بدوره قال عماد السنباطى، رئيس الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة فى مصر، إنَّ الغرفة تلعب دوراً محورياً فى دعم العلاقات الاقتصادية الثنائية، مؤكداً أنها منصة تواصل فعالة بين ما يزيد على 7500 شركة «مصرية- فرنسية»، وترتبط بشبكة تضم 130 غرفة فى 95 دولة، بما يوفر إمكانات اتصال دولية واسعة، مشيداً بالتطورات الإيجابية فى حجم التبادل التجارى بين مصر وفرنسا خلال الفترة الأخيرة.
كما أعرب عن أهمية اللجان القطاعية بالغرفة فى دعم عدد من القطاعات الحيوية مثل النقل، والاتصالات، والصحة، موضحاً أن الغرفة تستهدف إنشاء 12 لجنة قطاعية متخصصة لتقديم الدعم الفنى واللوجيستى للأعضاء كوسيلة فعّالة لتعزيز كفاءة الأعمال وتحقيق أهداف التنمية المشتركة، وأوضح أن الغرفة تقدم مجموعة متكاملة من الخدمات للأعضاء من الجانبين المصرى والفرنسى تتضمن تنظيم المؤتمرات والندوات الدورية التى تُعزز التواصل وتبادل الخبرات، كما أكّد حرص الغرفة على تعزيز مفهوم التكامل الاقتصادى بين مصر وفرنسا، لافتاً إلى أن الحديث لا يقتصر على جذب الاستثمارات الفرنسية إلى مصر، بل يمتد أيضاً لدعم المستثمرين المصريين فى فرنسا.
تحديات عالمية تواجه مصر وفرنسا
تأتي زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر في لحظة حساسة يشهد فيها العالم حالة من انعدام اليقين، نتيجة قرارات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والتي أثارت مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية.تداعيات هذه التوترات ظهرت جلياً في تراجعات الأسواق العالمية والعربية اليوم، وسجل الجنيه المصري أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار الأمريكي.
الضغوط لا تقتصر على الأسواق الناشئة، بل تمتد أيضاً إلى الاقتصاد الفرنسي الذي يواجه تباطؤاً ملحوظاً في النمو. إذ تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا سينمو بنسبة لا تتجاوز 0.1% في الربع الأول من 2025، بعد انكماش مماثل في نهاية 2024. وحتى الربع الثاني، لا يُتوقع أن يتجاوز النمو 0.2%، وذلك وفق تقديرات سابقة على إعلان ترمب لسياساته التجارية الجديدة.