إغلاق مضيق هرمز ...هل نشهد أزمة اقتصادية عالمية؟ وكيف ستتأثر مصر؟

وافق البرلمان الإيراني بشكل مبدئي على مقترح يقضي بإغلاق مضيق هرمز، الممر البحري الأهم لنقل الطاقة عالميًا، إلا أن القرار النهائي لا يزال بانتظار مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ما يثير قلقًا بالغًا في الأسواق الدولية وسط تصاعد التوتر الإقليمي بعد الضربات الأمريكية الأخيرة على منشآت نووية إيرانية.

وأفادت قناة "برس تي في" الإيرانية بأن التصويت المبدئي لا يعني الحسم، إذ تُناط المصادقة النهائية بأعلى سلطة أمنية في البلاد، التي قد تُقدم على هذه الخطوة في ظل التوترات المتفاقمة.

الحرس الثوري: جميع الخيارات مطروحة

في تصريح يحمل نبرة تصعيدية، قال النائب الإيراني والقيادي في الحرس الثوري، إسماعيل كوثري، إن "إغلاق مضيق هرمز لا يزال خيارًا مطروحًا على الطاولة"، مضيفًا أن "القرار سيُتخذ إذا اقتضى الأمر، وكل السيناريوهات واردة إذا تطورت الأوضاع".

خبراء: خطوة كارثية قد تُشعل أزمة طاقة عالمية

وصفت خبيرة الاقتصاد والطاقة، وفاء علي، خطوة إغلاق المضيق بأنها "كارثية" على الاقتصاد العالمي، مؤكدة أن طهران تسعى لاستخدام المضيق كورقة ضغط استراتيجية عقب استهداف منشآتها النووية من قبل الولايات المتحدة.

وأضافت في تصريحاتها لـ"تليجراف مصر"، أن المضيق يشكل نقطة عبور لنحو 20 مليون برميل نفط يوميًا، وهو ما يعادل نحو 20% من تجارة النفط العالمية، بالإضافة إلى أن 75% من صادرات إيران النفطية تمر من خلاله، ما يجعله أداة حيوية لأي تصعيد.

أهمية مضيق هرمز في سوق الطاقة العالمية

يُعد مضيق هرمز أحد أكثر الممرات المائية أهمية في العالم، حيث يربط بين الخليج العربي وبحر العرب، وتُصدر معظم دول الخليج نفطها وغازها المسال من خلاله. ورغم وجود بدائل محدودة مثل خط أنابيب البحر الأحمر، إلا أن قدرته التشغيلية لا تتجاوز 2.6 مليون برميل يوميًا، ما يجعل أي تهديد بإغلاقه مؤثرًا بشدة على الإمدادات العالمية.

الأسواق في حالة تأهب... وتحوط حتى 2026

ذكرت علي أن المتعاملين في منصات الطاقة العالمية، خاصة الأمريكية، بدأوا بتوقيع عقود آجلة حتى عام 2026 كنوع من التحوط ضد الاضطرابات المحتملة في إمدادات النفط، ما يعكس حجم القلق الذي يسيطر على السوق العالمي.

هل تكون إيران هي الخاسر الأكبر؟

رغم التهديدات الإيرانية، رأت علي أن طهران قد تكون الخاسر الأكبر من تنفيذ هذا الإجراء، نظراً لاعتمادها الكبير على المضيق كممر رئيسي لصادراتها. وأضافت أن أي إغلاق فعلي للمضيق قد يتسبب في ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولارًا للبرميل، ما يعيد الاقتصاد العالمي إلى دوامة التضخم وتباطؤ النمو، وقد يؤدي إلى ركود تضخمي عالمي.

بيانات أمريكية: 20 مليون برميل تمر يوميًا عبر المضيق

بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، بلغ متوسط تدفق النفط عبر المضيق نحو 20 مليون برميل يوميًا في عام 2024، وهو ما يمثل خُمس الاستهلاك العالمي من النفط. واستمر المعدل ذاته خلال الربع الأول من عام 2025، مما يسلط الضوء على الأهمية البالغة لهذا الممر الحيوي.

خبير: إغلاق المضيق سيفجر أزمة عالمية خانقة

قال أستاذ هندسة البترول والطاقة، ثروت راغب، إن إغلاق المضيق سيمثل "تصعيدًا كبيرًا قد يُفجّر أزمة طاقة عالمية غير مسبوقة"، مضيفًا أن المضيق يُعتبر "شريان الحياة للطاقة"، حيث تمر عبره كميات ضخمة من النفط والغاز المسال، لا سيما من قطر والإمارات.

دول آسيوية في مرمى التأثير المباشر

ستكون الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية الأكثر تأثرًا بإغلاق المضيق، إذ تمر نحو 84% من وارداتها النفطية عبره، وهو ما يجعل أي اضطراب في الملاحة تهديدًا مباشرًا لأمنها الطاقي.

التأثير على أوروبا وأمريكا

ورغم أن الدول الأوروبية تستورد أقل من مليون برميل يوميًا عبر المضيق، إلا أن تقلبات أسعار النفط عالميًا ستؤثر عليها مباشرة. أما الولايات المتحدة، فتستورد نحو 700 ألف برميل يوميًا من الخام والمكثفات عبر المضيق، ما يضعها أمام تحدٍ محتمل في حال التصعيد.

مصر في دائرة التأثير: عبء إضافي على الموازنة

أكد راغب أن مصر ستتأثر بشكل مباشر في حال تصاعد الأزمة، نظرًا لاعتمادها على الاستيراد لتغطية نحو 30% من احتياجاتها البترولية، إلى جانب عجزها الحالي في الغاز الطبيعي الذي يصل إلى نحو 2 مليار قدم مكعب يوميًا.

وأضاف أن أي زيادة في أسعار النفط فوق مستوى 68 دولارًا للبرميل (سعر الشراء الحالي لمصر)، ستمثل عبئًا إضافيًا على الموازنة العامة، وستضطر الدولة لدفع مبالغ إضافية لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

بين التلويح الإيراني والتوترات الإقليمية المتصاعدة، يبقى قرار إغلاق مضيق هرمز بمثابة قنبلة اقتصادية موقوتة تهدد الأسواق العالمية، وتضع العالم على حافة أزمة طاقة شاملة. وإذا ما اتخذت طهران هذه الخطوة، فإن العواقب قد تتجاوز الجغرافيا لتصيب قلب الاقتصاد الدولي، من آسيا إلى أوروبا، مرورًا بالشرق الأوسط ومصر.

يمين الصفحة
شمال الصفحة