جرمين عامر تكتب: «الاحتياط واجب».. كابوس الكريبتو يهوي بنفوذ .. المؤثرين وصناع المحتوي؟!!

كل شيء كان يبدو طبيعي..

متابعون يزدادون.. يوما بعد يوم،

حملات دعائية بالجملة.. تزيد الطلب على الأنفلونسر وأعلام مؤثرين السوشيال ميديا.

معدلات نمو للإعلانات الديجيتال، تتزايد عالميًا بنسب قياسية تبلغ 22.4%، وتكهنات بقفزة من 996.81 مليار دولار إلى 3,359 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقا لتقرير شركة The Research Insights.

جلست "كيم كارداشيان" بابتسامتها الشهيرة، التي لا تفارق وجهها، وأمامها الكاميرا والكثير من علب الهدايا.  بدأت تفتحها واحدة تلو الأخرى.  تتفحص المنتجات بداخلها.   وتجمع كلماتها وتستعرض مميزات كل منتج، لتبث منشوراتها التي ينتظرها ملايين المتابعين حول العالم.   وكأنها ستحل بهذه المنتجات مشاكل البشرية كلها.  فهي أدرى الناس بأن 80% من توجهات شراء المستهلكين يشكلها مشاهير السوشيال ميديا. 

وطوال مدة التصوير والإعداد للفلوج الإعلاني، لم ترفع "كيم كارداشيان" عينها من على جهاز موبايلها.   تترقب جرس وصول رسالة التحويل البنكي من العلامات التجارية، لتتأكد أن الدولارات دخلت في حسابها البنكي.

وفي إحدى الليالي، جاءها عرض من أحد شركات العملات المشفرة باسم EthereumMax (EMAX) تعدها بعمولة خرافية مقابل إعلان بسيط لبوست أو فلوج ينشر عبر حسابها.

انتفضت "كيم" معلنة أنها فرصة العمر!!

لم تسأل نفسها: من وراء هذه العملة؟ هل تتوافق مع قوانين الإعلان الإمريكية؟ وما مدى مشروعيتها؟!! هوس النجومية والثراء جعلها تتجاهل كل هذه الأسئلة في مقابل العرض الخيالي.

بحماس شديد ..

جهزت البوست .. ونشرت الإعلان ..

ودعت متابعيها للاستثمار في عملة EthereumMax (EMAX) الرقمية، ووعدهم بأرباح خيالية.

ولكن فجاة !! تحولت حياة "كيم كارداشيان" لكابوس ..

فبعد أسابيع قليلة، انهارت هذه العملة (الكريبتو) وتهاوت معها ثقة المتابعين فيما تقوله "كيم"

وبدلًا من استقبال صناديق الهدايا والدعوات ..

وصل لها .. في يونيو 2021، استدعاء رسمي من الجهات الرقابية للتحقيق في تهمة تلقيها حوالي 250 ألف دولار مقابل الترويج للكريبتو EthereumMax (EMAX) مما يعد اخترق لقانون الأوراق المالية الأمريكية (SEC)، والذي يلزم أي شخصية عامة أو مؤثر بالإفصاح الكامل والشفافية عن العائد المالي الذي يحصل عليه مقابل الحملات الإعلانية.

تبين فيما بعد أن الكريبتو EthereumMax جزء من مخطط ممنهج للتلاعب بالسوق مستغلين العديد من مشاهير المجتمع مثل الممثلة Lindsay Lohan - المغني Akon -  مغني الراب Soulja Boy.  كذا مؤثرين السوشيال ميديا مثل : جايك بول (Jake Paul)  اليوتيوبر الأمريكي الشهير والملاكم المحترف، صاحب ملايين المتابعين على منصات السوشيال ميديا والذي قام بالترويج لعدد من العملات المشفرة كـ SafeMoon-  Yummy Coin- Refinable - Ethereum Max

استخدم مخطط التلاعب تقنية (Pump and Dump) الشهيرة.   والذي يرفع قيمة الكريبتو من خلال الحملات الترويجية للشخصيات العامة والأنفلونسر.  وعند زيادة الطلب (الوهمي) عليها ترتفع قيمتها.   فيتم بيعها فجاة.  ومن هنا تأتي الأرباح ويخسر صغار المستثمرون أموالهم.

ونتيجة لعملية الاحتيال حكمت المحكمة، في أكتوبر 2022، على "كيم كارداشيان" بغرامة مالية قدرها 1.26 مليون دولار.  كما ألزمتها بعدم الترويج لأي أوراق مالية مشفرة لمدة 3 سنوات.  كذلك في مارس 2023 قام جاك بول بدفع غرامة قدرها حوالي 100,000 دولار لتسوية الاتهام الموجه له، وفقا لموقع News BBC. 

القصة لم تنتهي بعد ..

فأبعادها السلبية .. خيمت لفترة على كل من "كيم كارداشيان" و"جاك بول".  حيث خسرا  الكثير من متابعيهم، الذين وثقوا في تجربتهم واشتروا هذه العملات، ثم فقدوا أموالهم بعد انهيار أسعارها.  مما أضر بسمعتهم خاصة عقب تعرضهم لانتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي والصحف بسبب استغلالهم لجمهورهم.

للأسف الشديد .. في السنوات الأخيرة، تحول بعض المؤثرين من صانعي المحتوى إلى مغناطيس يجذب العديد من العلامات التجارية للإعلان المباشر عن منتجاتها أو خدماتها، بما في ذلك العملات المشفرة أو الكريبتو.

ليزاح الستار عن كابوس. 

فخ قانوني وأخلاقي يقع فيه الأنفلونسر طمعًا في الأرباح السريعة والسهلة.

فالعملات المشفرة، ليست منتج عادي، بل أداة استثمارية معقدة قد تتسبب في خسائر فادحة لحامليها. وحين يروج لها الأنفلونسر بلا معرفة أو وعي قانوني أو شفافية، فهو يقامر بأموال متابعيه وثقتهم التي تعد رأس ماله الحقيقي في عالم السوشيال ميديا، من أجل أرباح سريعة أو مواكبة تريند العملات المشفرة.  فيتحول المؤثر من شخص موثوق به إلى طرف في جريمة مالية، وتحقيقات قضائية وعقوبات دولية.

لهذا فالحذر والوعي مطلوب.  فضلا عن التعمق في معرفة الأبعاد القانونية والأخلاقية للحملات الإعلانية وقوانين الدولة قبل الترويج لأي منتج أو خدمة.