
جرمين عامر - عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
"حسنة قليلة.. تمنع بلاوي كثيرة.. أنا غلبان يا بيه"
كلنا.. سمعنا اكلاشيهات المتسولين، والأغلب منا.. تفاعل معها.
وهو يردد "يا حرام" لازم نساعد.
أما دلوقتي،
فالشحاتة أصبحت.. فاخرة، لايفات على السوشيال ميديا.
تسول.. مودرن، بنكهة فلاتر HD الأنيقة.
أبطالها.. مجموعة من المؤثرين وصناع محتوى.
الذين يبهرون.. خوارزميات الديجيتال ميديا يوما بعد الآخر بالجديد.
يبثون.. شحنات عاطفية، كلمات مؤثرة،
تنفذ.. لقلوب ملايين المتابعين وفي ثواني معدودة،
تستجدي.. تعاطفهم بجمل مبتكرة مثل:
"أنا ما طلبتش منكم، بس لو حابين تساهموا: في هديتي – رحلتي – فرحي – مشروعي – قضيتي .. إليكم اللينك.
وكمان جمل مثل: "أنا عايز أحقق حلمي .. وأنتوا السند والضهر"
أو مثلا : "هعمل .. سكرين شوت لكل متبرع، وأدعي له .. في اللايف الجاي"
كلمات مؤثرة،
تجمع.. بين الحب واستجداء عاطفي للمتابعين، مع دمعة على الخد، وموسيقى حزينة.
ليبدأ .. الترند الإنساني .. في التفعيل.
وتجهز .. الحسابات,
لاستقبال .. كاشات المتابعين.
إنها ثقافة العيش سفلقة،
فهؤلاء النخبة من مشاهير الديجيتال ميديا، يستغلون عاطفة متابعيهم، لاقتناء .. تحديث Upgrade الموبايل؟ أو شراء بدلة من براند عالمي شهير مثل Gucci أو حتى المساهمة في فتح مشروع خاص.
فن التسول الأنيق،
الذي يحول .. المتابعين إلى ماكينة ATM ،
لإرضاء .. رغبات الأنفلونسر وصناع المحتوى.
وعندنا قصص من #كوكب_المؤثرين كثيرة.
كان آخرها، حكاية الأنفلونسر المغربية "مايا دبيش" صاحبة أغرب حملة جمع أموال على منصة GoFoundMe، لشراء هدية الاحتفال بعيد ميلادها الأربعين.
"مايا دبيش" هي مؤثرة مغربية. كانت تعمل قبل عصر السوشيال ميديا راقصة شعبية، ثم تحولت إلى كوتش على منصات التواصل الاجتماعي تقدم نصائح للسيدات ولها عدد كبير من المتابعين خاصة من الجنس الناعم. استطاعت بعد نشر حملتها أن تجمع 10 آلاف دولار وأكثر من 500 بايبل Paypal، وفقا لموقع العربية مايو 2025.
وعلى الرغم، مما أثارته هذه الحملة من غضب وانقسام للرأي العام في المغرب، بين منتقدين للحملة بسبب الظروف الإقتصادية والإجتماعية التي يعاني منها المواطن المغربي واستغلال الأنفلونسر لحب متابعيها في اقتناء هدية عيد ميلادها بمبلغ مالي كبير. بينما اعتبر المؤيدين حملة "مايا" أنها رمز لحرية الجمهور في التبرع بأمواله كيفما يشاء.
ولكن السؤال الحقيقي !!
أين تقع المسئولية الأخلاقية للمؤثرين وصناع المحتوى كقدوة في بناء الوعي المجتمعي وتوجيه متابعيهم؟!! وما هي حدود استخدام المنصات الرقمية أو توظيفها في أغراض شخصية أو دوافع خيرية كعلاج المرضى أو الكوارث الطبيعية.
والأهم، ما هو الأثر المجتمعي والنفسي العائد من هذه الحملات, التي يخلط فيها الدوافع الشخصية بالأغراض الإنسانية. الأمر الذي قد يؤدي لانتشار ثقافة الإبتزاز العاطفي، وبالتالي فقدان الثقة في دوافع الحملات الإنسانية على المدى الطويل.
والأمر لم ينتهي عند المسئولية الأخلاقية للمؤثرين وصناع المحتوى !! بل يمتد ليشمل مسئولية منصات التواصل الاجتماعي كجهة رقابية وتنظيمية. ومن ثم وضع تصنيف لحملات التبرع عبر منصات السوشيال ميديا, وفقا لدوافعها سواء شخصية أو إنسانية. مع فرض رقابة عامة وشاملة لعمليات التبرع الرقمي.
أما المسئولية الأخلاقية لجموع المتابعين فهي قوة محركة لا يستهان بها. وتكمن في تعميق الوعي الشعبي بأهمية رفض التطبيع مع ثقافة الإبتزاز العاطفي للمؤثرين وصناع المحتوى. ومن ثم عدم المشاركة في أي شير أو لايك, مما سيؤدي إلى توقف ظاهرة التسول الأنيق.