عام 2019.. عاش العالم فوق حقل واسع من الألغام والإعياء السياسي، ففيه برزت قضايا وتحديات سياسية واقتصادية وتجارية واجتماعية أغرقت العالم في اضطرابات سياسية وأخرى اقتصادية جلبت معها اضطرابات اجتماعية وهددت السلم والأمن الدوليين وألحقت بالاقتصاد العالمي الضرر فزادت من معاناة الفقراء ورفعت درجات التهديد بخطر نشوب الصدمات وأججت الصدمات العالمية وزادت من أعداد المهاجرين في العالم.
أحوال مقلقة وغير مستقرة شابها الكثير من الاضطرابات في غالبية الأقاليم والقارات والدول، اعتداءات إرهابية واحتجاجات ومظاهرات امتدت من الشرق للغرب وارتفع فيها نبض الشارع فأدى إلى شلل اقتصادي وفوضى عارمة، تغيرات مناخية وحرائق وكوارث طبيعية، إضافة إلى عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإجراءات الديمقراطيين لعزل ترامب، كلها أحداث تعد من أهم أحداث عام 2019 التي كان سيد موقفها (صراع النفوذ بين القوى العظمى) والذي وصل هذا العام إلى الفضاء، حيث تتنافس تلك القوى على احتلال الفضاء مما قد يؤدي إلى إشعال حرب النجوم بين القوى العظمى.
ولعبت الأوراق الدولية على الساحة الأمريكية دورا في الحرب التجارية التي انطلقت واشتدت خلال العام الحالي بين (واشنطن) و(بكين) حيث هددت الاقتصادات الآسيوية المعتمدة على التصدير، وأثارت الاضطرابات من (تشيلي) إلى (لبنان) المخاطر العالمية المتزايدة الناتجة عن تباطؤ النمو العالمي والمترتبة عليه.
وكان أبرز ملامح المشهد السياسي في الدائرة الأمريكية، فك الارتباط الأمريكي بالشرق الأوسط، وعطايا الرئيس دونالد ترامب لإسرائيل، وعودة الدفء لعلاقات (باكستان - واشنطن) بعد استئناف المفاوضات مع (طالبان) حيث استأنفت الأخيرة برامج التدريب العسكري، ومصير العزل الذي يهدد الرئيس ترامب ويلقي الضوء على الصراع التاريخي بين الحزب الجمهوري والديمقراطي، وسيناريوهات العزل التي تسد الطريق على ترامب في الحصول على فترة ولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل إذا باءت بالفشل، حيث مازال الغموض يحكم الموقف في تلك القضية، فيما جاءت احتجاجات (هونج كونج) لتفتح صفحة جديدة من التوتر بين (واشنطن) و(بكين).
تفاعلات وتطورات نشطة جرت على الأرض الأوربية في كافة المجالات شملت أغلب الدول، يضاف إليها الخلاف المكتوم أحيانا والمعلن أحيانا أخرى بين عموم القارة العجوز والولايات المتحدة الأمريكية، ففي فرنسا استمرت مظاهرات السترات الصفراء، وواجه الرئيس إيمانويل ماكرون اختبارا صعبا بشأن إصلاح نظام التقاعد مما هدد حكومته، واستضافت (باريس) جولة جديدة من مفاوضات تسوية النزاع بين روسيا وأوكرانيا (قمة نورماندي) وفيه قام ماكرون بعدة زيارات خارجية، أبرزها زيارته للساحل الإفريقي، حيث كان محورها مكافحة الإرهاب.
فيما كان المشهد في المملكة المتحدة ضبابيا طوال العام، ملبدا بسحب البريكست، الأمر الذي أدى إلى الدعوة لانتخابات تشريعية فاز فيها حزب (المحافظين) برئاسة بوريس جونسون رئيس الوزراء الحالي، وكانت تلك الانتخابات أقرب إلى استفتاء جديد على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأسفرت عن فوز جونسون، الأمر الذي وضع حكومته الجديدة في تحد نحو تنفيذ البريكسيت بحلول 31 يناير المقبل، وشهد العام ولادة الطفل الأول للأمير هاري وميجان ماركل دوقة ساسيكس الذي يحتل المرتبة السابعة في ولاية العرش البريطاني.
كما أن ألمانيا أقوى اقتصاد في أوروبا، لا حديث فيها يعلو عن حديث ما بعد المستشارة انجيلا ميركل، حيث عاشت ألمانيا خلال العام الحالي الفصل الأخير في قصة غير عادية بطلتها ميركل زعيمة العالم الحر.. كما أن في عام 2019 رفضت ألمانيا دعوة أمريكية لإرسال قوات برية إلى سوريا وتعرضت لاعتداءات متكررة عبر الدهس بسيارات وإطلاق نار، وفيه أيضا اتفق التكتل المحافظ الذي تنتمي إليه ميركل والحزب الديمقراطي الاشتراكي على سحب الجنسية الألمانية من ألمان قاتلوا في صفوف تنظيم (داعش).. وعلى الصعيد العلمي، فقد نجح باحثون ألمان نجاحا كبيرا في تجاربهم بشأن التوصل للقاح فعال ضد فيروس (إبشتاين- بار) الذي قد يكون مسئولا عن التسبب بأمراض خطيرة مثل حمى الغدد، أو حتى أمراض سرطانية قاتلة.
وكشف العام الحالي عن حنكة الصين في التعامل مع المواقف الصعبة والأزمات وفلسفة النفس الطويل التي تسعى من خلالها الصين بجدية وصبر أن تكون القوة العظمى في العالم، وجاء في مقدمة الأزمات التي واجهت (بكين) الحرب التجارية مع أمريكا، حيث نجح النفوذ الصيني في الوقوف بوجه سياسات ترامب الحمائية.
وشهد العام انتخابات رئاسية في كل قارات العالم، وشهدت أفريقيا عدة انتخابات عامة، كان أشدها سخونة في جنوب أفريقيا في شهر مايو الماضي، فيما شهدت آسيا انتخابات افغانستان الرئاسية وانتخابات أخرى جذبت الأنظار إليها، وهي الانتخابات المحلية في (هونج كونج) والانتخابات العامة في الهند وأندونيسيا، وكذلك في كوريا الشمالية والفلبين واليابان وأوزبكستان وتركيا، وفي أوروبا جرت عدة انتخابات عامة ومحلية وحوالي 8 انتخابات رئاسية في كرواتيا ولاتفيا وليتوانيا ومقدونيا ومالطا ورومانيا وسلوفاكيا وأوكرانيا.. كما شهد العام إجراء انتخابات البرلمان الأوروبي الذي يمثل حوالي 500 مليون شخص من 28 دولة.