علقت اليوم الإثنين، صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، على النهج الذي تعاملت به كل من بريطانيا وألمانيا مع أزمة فيروس "كورونا".
وأشارت الصحيفة - في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني - إلى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خرج من المستشفى أمس الأحد، بعد ما يقرب من أسبوع من دخوله العناية المركزة بسبب أعراض تتعلق بكورونا، مضيفة أن هذه الأنباء الجيدة قد تواترت بالتزامن معها إحصائية مظلمة جديدة، أفادت بأن الإحصائيات الرسمية للوفيات في المستشفيات بسبب فيروس كورونا قد تجاوزت عشرة آلاف شخص خلال اليومين الماضيين.
وقالت إن خبراء الصحة العامة يخشون من أن معدل الوفيات في بريطانيا ربما يكون الأعلى سريعا -أو هو كذلك بالفعل- في كل أوروبا وذلك في الوقت الذي أحكمت فيه إيطاليا وإسبانيا -الدولتان اللتان اجتاحهما الوباء - سيطرتهما على الجائحة، إذ يتناقض تحول بريطانيا المضطرد باتجاه أن تصبح البؤرة الجديدة لتفشي الوباء في أوروبا بشدة مع الوضع في ألمانيا، وهي الدولة الوحيدة في القارة الأوروبية التي تمتلك الاقتصاد الأكبر والتي أعلنت حكومتها عن أول إصابة بالمرض في نفس الوقت الذي أعلنت فيه حكومة جونسون عن ذلك - حسب الصحيفة.
وأضافت أنه في الأسبوع الثاني من شهر مارس الماضي أوجدت حكومة جونسون مبررات لاستراتيجيتها "المتراخية" إلى حد كبير - فقد ظلت المدارس والمطاعم والأماكن الرئيسية الأخرى مفتوحة، بينما تم توجيه النصائح بالفعل فقط لكبار السن للمكوث في المنازل -استنادا إلى استراتيجية "مناعة القطيع" التي دعا جونسون لاتباعها، وتستند إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي، بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالفيروس، وبالتالي تتعرف أجهزتهم المناعية على الفيروس، ومن ثم تحاربه إذا ما حاول مهاجمتها مجددا، وبعد أيام قليلة، تراجعت الحكومة، وتحطمت براجماتيتها المفترضة في مواجهة التوقعات الجديدة المقلقة لمئات الآلاف من الوفيات إذا لم تفرض عمليات إغلاق وإجراءات صارمة للتباعد الاجتماعي.
وقارنت الصحيفة بما أقدمت عليه ألمانيا، لافتة إلى تحذير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مارس الماضي، من أن ما يتراوح بين 60 و70% من الألمان قد يصابون بالفيروس، مشيرة إلى أن التحدي يكمن في كسب الوقت، وأن السلطات الفيدرالية والمحلية في بلادها تسعى بالفعل إلى تحقيق ذلك.
وأشار موقع "بازفيد" الإخباري الأمريكي -في مقارنة بشأن الإطار الزمني لإدارة بريطانيا وألمانيا لأزمة فيروس "كورونا" إلى أنه في غضون حوالي ثلاثة أشهر من ظهور أولى الحالات الإيجابية في ألمانيا خضع أكثر من 3. 1 مليون شخص للاختبارات، فيما ظل تتبع المخالطين وفق استراتيجية أساسية متبعة، بينما في بريطانيا تم إجراء اختبارات أقل لـ335 ألف شخص، تجاهلت محاولات تتبع المخالطين بشدة، وتوفي ثلاثة آلاف شخص في ألمانيا حتى الآن مقارنة بعشرة آلاف في بريطانيا.
وتناولت سفيرة ألمانيا لدى الولايات المتحدة إميلي هابر، عددا من العوامل التي منحت ألمانيا مميزات في استعدادها لمواجهة الوباء وهي: انتشار برنامج الاختبار الشامل وعدد المواطنين الشباب نسبيًا الذين شكلوا الجزء الأكبر من حالات الإصابة، ومعظمهم نجوا ؛ والاستفادة من الوقت لتوسيع نطاق مرافق العناية المركزة، وتخزين المعدات الطبية.
وأضافت أن ألمانيا تمكنت من الاستعداد لأنها لم تكن أول دولة في أوروبا تتضرر بالوباء، حيث تمكنت من تحليل التطورات في أماكن أخرى.
ولا زال لديها الكثير من الأسرة المتاحة للمرضى الذين تثبت إصابتهم بكورونا وربما لا يواجهون نفس الضغوط التي تعرضت لها أنظمة الرعاية الصحية في الدول الأوروبية الأخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بمقارنة ألمانيا ببريطانيا، فقد منحت (برلين) نفسها الصدارة في بدء الاختبارات، وإن الأشخاص الصمابين والمخالطين لهم تم تعقبهم وإجراء الاختبارات لهم بشكل متكرر وعزلهم بشكل جيد وهو ما ساهم في "تسطيح المنحنى " وبطء معدل الإصابة.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها بالقول، إنه بينما يواصل جونسون تعافيه، يواجه تحديًا وطنيًا مختلفًا تمامًا خلال العام الجاري "2020" أكثر من التحدي الذي حدده لتحقيقه والذي تمثل في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست".