
يعقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم الخميس، جلسة خاصة بشأن أزمة سد النهضة، بمشاركة سامح شكري وزير الخارجية، وتترأسها فرنسا رئيس المجلس خلال شهر يوليو الحالى.
ويلقى وزير الخارجية سامح شكري كلمة مصر في هذا الخصوص في تمام التاسعة مساء بتوقيت القاهرة، ويؤكد الموقف المصري الثابت تجاه قضية سد النهضة والقائم على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر ومصالحها المائية.
اتفاق ملزم بشأن سد النهضة
وأجري وزير الخارجية سامح شكري مقابلة مع وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، قال فيها إنه سيحث مجلس الأمن الدولي علي مطالبة مصر والسودان وإثيوبيا بالتفاوض علي اتفاق ملزم في غضون ستة أشهر بشأن قضية سد النهضة.
وقال شكري في مقابلته مع الوكالة الأمريكية إن 10 سنوات من المفاوضات حول السد فشلت في ضمان استمرار تدفق المياه في اتجاه مجري النهر بكميات كافية إلي السودان ومصر، التي يعتمد فيها 100 مليون شخص علي النهر كمصدر وحيد للمياه.
وأوضح وزير الخارجية، الموجود في نيويورك حاليا استعدادا لجلسة مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس، إن مصر والسودان دعتا إلي اجتماع لمجلس الأمن في ظل التهديد الوجودي الذي يواجهه شعبا البلدين من سد النهضة الإثيوبي، مشيرا إلي قرار أديس أبابا بدء الملء الثاني لخزان السد، والذي قال إنه ينتهك اتفاق المبادئ لعام 2015.
خيارات مجلس الأمن
وأوضح أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة الدكتور محمد سامح عمرو، إن هناك مشروع قرار مقدم من تونس لحل الأزمة، يتضمن في بنوده دعوة الأطراف الثلاثة لاستئناف التفاوض حول السد مجدداً في إطار زمني محدد.
كما يدعو الاقتراح الدول الثلاث إلى الامتناع عن أي إعلان أو إجراء من المحتمل أن يعرّض عملية التفاوض للخطر، كما يحض في الوقت نفسه إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد في ملء خزان سدّ النهضة.
وأضاف أن مشروع القرار قد يتم التوافق عليه أو لا، أو قد يتم تعديله أو إقراره كما هو، مشيراً إلى أنه سيتم الاستماع لمطالب الدول الثلاث ووجهات نظرها.
إلى ذلك، أشار إلى أنه لا يجوز أن يترك مجلس الأمن المسألة هكذا بلا تدخل أو قرار يحسم الأزمة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
كذلك، أوضح أنها ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها مصر للمجلس، وتطالبه بالتدخل لإلزام إثيوبيا باتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد.
وبيّن أن "الخيارات المتاحة أمام المجلس هي إقرار مشروع القرار التونسي أو تعديله، مضيفاً أنه لا يعتقد قيام أي من الدول الخمس الكبرى باتخاذ حق الفيتو ضد القرار لكونه يحمي مصالح الأطراف الثلاثة أولا، ولكون مصر والسودان يحيط بهما خطر داهم يؤثر على مستقبل شعبيهما وحياته وهو ما يزيد من التوتر في المنطقة".
الفارق بين قرارات وبيانات مجلس الأمن
ويوضح خبير القانون الدولي أيمن سلامة، الفارق بين قرارات وبيانات مجلس الأمن المختلفة، «فالبيان الرئاسي الذي يصدر عن مجلس الأمن يجب أن يصدر بإجماع كافة الدول الـ15 يعد وثيقة رسمية للمجلس ويحفظ فسي الارشيف الرسمي لمجلس الأمن ويمكن أن يعول عليه مستقبلًا عند تناول المجلس لذات النزاع، أو الموقف المهددين للسلم والامن الدوليين».
ولكن كل من البيان الرئاسي والبيان الإعلامي أيضًا اللذان يصدران عن مجلس الامن لا يحوزا إلزامية إنفاذية مقارنة بالقرارات التي تصدر عن مجلس الأمن تأسيسًا على الفصل السابع من ميثاق منظم الأمم المتحدة.
وفقًا لمشروع القرار التي تقدمت به تونس والذي تمت عليه اليوم وامس مداولات وتعديلات ومقترحات اضافية من عدد ليس قليل من اعضاء مجلس الامن فيمكن أن يعدل صيغة المشروع التونسي حتى تتضمن أو تحوي الصياغ المنقحة كل من الفصول الآتية السادس والسابع والثامن ويؤكد سلامة أنه حتى تكون القرارات التي تصدر ع المجلس ملزمة نفاذا.
فيجب أن تكون الصياغة حاسمة وقاطعة على أي تحوي العبارات الأتية: «مجلس الأمن يقرر أن...»، أو «إم مجلس الأمن يأمر بأن..»، أو «إم مجلس الأمن يطلب أن...»، لكن الصياغات «يحث مجلس الأمن..»، أو «يدعو مجلس الأمن»، أو «يناشد مجلس الأمن» المعتمدة على الفصل السادس هي صياغات غير إلزامية.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أجرى في نيويورك مجموعة من المقابلات المكثفة في إطار الإعداد والتحضير للجلسة حيث قابل المندوبين الدائمين لكل من روسيا والصين وأميركا وبريطانيا وفرنسا لدى الأمم المتحدة.
كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، أن مصر والسودان توجهتا لمجس الأمن لمناقشة ملف سد النهضة نتيجة لتعنت إثيوبيا.
يشار إلى أن أزمة السد وصلت إلى طريق مسدود، حيث تصر إثيوبيا على البدء بتنفيذ الملء الثاني وسط اعتراض من جانب دولتي المصب وفشل الوساطات الإفريقية والدولية بحل الأزمة.
في المقابل، ترى أديس أبابا هذا المشروع ضروريا لتحقيق التنمية الاقتصادية، فيما تعتبره مصر تهديداً وجودياً لها، إذ يؤمن النيل للبلاد نحو 97% من مياه الري والشرب، كذلك ترى فيه الخرطوم تهديدا لها.
الجالية المصرية في نيويورك
من جانبه أكدت الجالية المصرية في نيويورك، وقوفها إلى جانب بلادها وحكومتها ورئيسها، في تعاملها مع قضية سد النهضة مع الاستعداد لجلسة مجلس الأمن التي تعقد اليوم الخميس، بشأن قضية السد، بناء على طلب مصر والسودان، في ظل تعنت الموقف الإثيوبي.
وأكد المهندس طارق سليمان، رئيس النادي الثقافي المصري الأمريكي بنيويورك، أن وصول صوت مصر إلى الأمم المتحدة، وعرض الخلاف على كبرى دول العالم، يعتبر مكسبا كبيرا حققته الدبلوماسية المصرية مهما كانت نتيجة المناقشات والاجتماعات فيه.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن المصريين بالولايات المتحدة، وهم يتجاوزون المليون شخص، يساندون وطنهم، وهم حريصون دائما على المشاركة في كافة الفعاليات التي تخص مصر من زيارات الرئيس للولايات المتحدة أو الوزراء أو الشخصيات المختلفة.
وأوضح أنه كان للمصريين في نيويورك وقفات مساندة في مناسبات مختلفة، من بينها ما قاموا به أمام البيت الأبيض، في شهر مارس من العام الماضي، وقبيل بدء الإغلاق بسبب جائحة كورونا، وكان الهدف من تلك الوقفة هو مطالبة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بالتدخل في هذه القضية خصوصا بعد عدة جولات تفاوضية استضافتها العاصمة الأمريكية واشنطن لكنها مع الأسف لم تحقق الأهداف المرجوة منها بسبب عدم تعاون الجانب الإثيوبي وتعنت موقفه.
ومن جهته قال نشأت زنفل، نائب رئيس النادي المصري الثقافي الأمريكي بنيويورك، إن الدبلوماسية المصرية بذلت كل جهدها في حل هذه المشكلة، مشيرا إلى أن مصر بتاريخها ومكانتها تتعامل مع القضايا بهذه الصورة دائما وهي لا تعادي ولا تطمع ولا تتدخل في شئون الآخرين.
وتابع أن مصر حرصت على الجلوس إلى طاولة المفاوضات لفترات طويلة لحل هذا الخلاف، ولكن المماطلة الإثيوبية صارت غير مقبولة من جانب الشعب المصري، مضيفا: "كلنا ثقة في حكمة الرئيس وقيادته للبلاد حيث يستنفد كل الوسائل الدبلوماسية قبل تبني أي توجه آخر".
الملف الأهم
وأصبح سد النهضة الإثيوبي الآن الملف الأهم لدى العديد من الدول، خاصة مع دخول الأزمة مجلس الأمن ويتساءل العديد عما ستقدمه الدولة المصرية للمجلس، لاقتناص البيان الرئاسي الذي يصدر عن مجلس الأمن.
وكشفت مصادر دبلوماسية عن أن الملف المصري الذي تم إعداده، لوضعه أمام مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة، يتضمن 91 ورقة، به كافة الخرائط والصور والمعاهدات الخاصة بنهر النيل، وتوضيح خطورة ما تفعله الدولة الإثيوبية على السلم والأمن الدولى بسبب الملء الثانى لـ سد النهضة دون التنسيق مع مصر والسودان.
وأضافت: الملف يتحدث عن جولات المفاوضات، التي تم عقدها في الماضى بخصوص سد النهضة وما فعلته الدبلوماسية المصرية، واتخاذها كل الطرق الممكنة والسلمية لحل القضية من خلال الاتحاد الإفريقي، والوساطة الأمريكية، ثم التصعيد لمجلس الأمن، وإصرار الجانب الإثيوبى على التعنت لمدة 10 سنوات، للشروع في استكمال سد النهضة ثم الملء الأول، والثانى، والإخطار المفاجئ من الجانب الإثيوبى منذ أيام ببدء الملء الثانى بشكل أحادى ومنفرد.
وقالت المصادر: الملف احتوى على نصوص المعاهدات الخاصة بنهر النيل، والحقوق التاريخية في مياه النهر، والقانون الدولى، والمعاهدات الدولية الخاصة بـ الأنهار العابرة للحدود وعدم الحق في الاعتداء على الأمن المائى للدول، وأن نهر النيل قضية أمن قومى للمصريين.
ولفت الملف المصري لخطورة سد النهضة وتأثيراته السلبية على دولتى المصب مصر والسودان، وقدرة سد النهضة على تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه، مما سيسبب نقصا في مياه الشرب والأراضي الزراعية.
وقالت المصادر إن تورط إثيوبيا في نزاعات مع عدة دول، بخصوص الأنهار المشتركة معها مثل كينيا والصومال، أمر جيد يمكن الحديث عنه في مجلس الأمن.
وأضافت المصادر أن مجلس الأمن يتحمل المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين، ويأخذ مجلس الأمن زمام المبادرة في تحديد وجود تهديد للسلام أو عمل عدواني، ويدعو أطراف النزاع إلى تسوية النزاع بالوسائل السلمية ويوصي بطرق التكيف أو شروط التسوية، وفي بعض الحالات، يمكن لمجلس الأمن أن يلجأ إلى فرض جزاءات أو حتى السماح باستخدام القوة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين أو استعادتهما.
السيناريوهات البديلة
السيناريو الأول:
اقتناع مجلس الأمن بالخطورة الكبير التي يمثلها سد النهضة على مصر والسودان، ومن ثم إصدار قرار يتبنى الرأى المصري السودانى، بايقاف الملء الثانى لسد النهضة وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية من الجانب الإثيوبى، والعودة إلى طاولة المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقى، ويتم ذلك بالحصول على 9 أصوات من أعضاء المجلس دون اتخاذ حق الفيتو.
السيناريو الثاني:
إلزام الجانب الإثيوبى بتنفيذ جميع الاتفاقيات الخاصة بنهر النيل، والتى كانت طرفا فيها منذ عام 1902، وهى الاتفاقيات التي تنص على كمية المياه التي تحصل عليها مصر والسودان.
السيناريو الثالث:
تشكيل لجنة دولية للإشراف على سد النهضة الإثيوبى، وتقييم مدى الضرر الواقع على مصر والسودان.
السيناريو الرابع:
إصدار بيان صحفي يحمل معنى القرار المصري السوداني بشأن سد النهضة، وكانت تونس ممثلة المجموعة العربية بمجلس الأمن وزعت مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، ويحظى بدعم مصر والسودان.
السيناريو الخامس:
إصدار إعلان رئاسي له قوة نافذة تجاه سد النهضة، وتأثيره على الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا.