الاتحاد الأوروبي
أكد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط السفير ناصر كامل، أن التعاون الوثيق بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، يعكس الثقة التي توليها أوروبا لمصر ولخبرتها في إدارة ملفات صعبة وشديدة الحساسية.
وقال الأمين العام- في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الثلاثاء؛ بمناسبة الذكرى الـ15 لتأسيس الاتحاد من أجل المتوسط- إن مصر بحكم موقعها الإستراتيجي وتاريخها الحافل ونشاطها في ترسيخ قواعد الشراكة الأورومتوسطية، تحظى بمكانة خاصة لدى دول الشمال كصمام أمان لاستقرار الجنوب، ولدى الجنوب كبلد رائد لا يكل عن السعي للدفع بعجلة التنمية والتكامل في المنطقة.
وأضاف أن ثراء مصر في الموارد البشرية والطبيعية والمعرفية وعبقرية موقعها كهمزة وصل بين ثلاث قارات (أفريقيا وآسيا وأوروبا) يجعل منها شريكا طبيعيا لأوروبا في مجالات مثل الطاقة النظيفة والاقتصاد الأزرق والإنتاج الصناعي.
وفيما يتعلق بدور مصر داخل المنظمة الأورومتوسطية على مدار الـ15 عاما الماضية، شدد الأمين العام على أنه لا يمكن تصور الاتحاد من أجل المتوسط دون المكون المصري، والدور الفاعل لمصر ليس فقط كأول رئيس مشترك عن الجنوب أو كأمين عام حال للمنظمة، وإنما كعضو فاعل ومؤثر بفضل انخراطها في شتى أنشطة وأجندات الاتحاد على المستوى السياسي من خلال اجتماعات كبار المسؤولين وعلى المستوى الفني عبر اجتماعات الخبراء القطاعين، فضلا عن تعزيز مصر لفريق عمل الأمانة العامة بخبراء منتدبين في قطاعات التجارة والصناعة والطاقة المتجددة، إضافة إلى مستشار سياسي تم تعيينه قبل سنوات.
وألقى الضوء على استفادة مصر من عدة مشروعات للاتحاد من أجل المتوسط في مجالات التوظيف وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة والتجارة وتمكين المرأة والتعليم والبحث العلمي والتنمية الحضرية وغيرها، كما تشارك كوادرها من مختلف القطاعات والفئات العمرية في مؤتمرات وورش عمل الأمانة العامة على مدار العام، فضلا عن استضافة القاهرة لفعاليات مهمة تشمل مؤتمر التجارة والاستثمار الأول للاتحاد من أجل المتوسط.
وأوضح: "لقد حققت مصر قفزات نوعية في مسعاها نحو التنمية الشاملة والمستدامة، كما أن شجاعتها في التعاطي مع إرث اقتصادي صعب عقب مرحلة معقدة في تاريخها لهو مؤشر مهم على جدية مساعي الإصلاح دون إغفال المعطيات الاجتماعية الراهنة، وتراهن مصر على مستقبل واعد من خلال عدد ضخم من المشروعات العملاقة والمبادرات الوطنية التي تصب في مصلحة المواطن، وهي مقدمات حتما تؤدي إلى نتائج سنرى ثمارها قريبا".
وحول مدى نجاح الاتحاد في تحقيق الأهداف التي أطلق من أجلها عام 2008، أوضح السفير ناصر كامل أنه نظرا لطبيعة وحجم التحديات في المنطقة، فلا يمكن الحديث عن أهداف بعينها، وإنما عن رؤية واستراتيجية عامة تستلهم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وتعمل على تنفيذ توصيات الدول الأعضاء.
وقال: "هناك أهداف تتحقق كل عام وكل شهر، بل وكل يوم، ولكن قد لا يبدو الأمر كذلك حين ننظر إلى المنطقة من الخارج، كما أن لدينا العديد من الطموحات المشروعة التي لم تكتمل بعد، ولكن يوجد أيضا إرادة مشتركة للعمل على إنجازها، وهو ما نراه جليا في برنامج العمل الخاص بنا عاما بعد عام".
ورأى أن الجميع قد وعوا درسا مهما مفاده بأن الأهداف الإقليمية تستلزم تنسيقا وتعاونا إقليميا وثيقا، وهو ما ينعكس إيجابا على آليات عمل الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط، والتي نجحت في اجتذاب التمويل وتأسيس شراكات مهمة في مجال التنمية البشرية والمستدامة مع مانحين بحجم ألمانيا والسويد وأسبانيا.
وعن "المشروع الرائد" أي أبرز مشروعا قام به الاتحاد منذ إنشائه، اعتبر السفير ناصر كامل، أنه لا يمكن اختزال 15 عاما من العمل المضني وتراكم الخبرات في مشروع بعينه، خاصة مع تعدد أولويات العمل للأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط، مضيفا: "ولكن يمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر المبادرة المتوسطية للتوظيف (Med4Jobs) التي دخلت عامها العاشر، والتي استفاد منها أكثر من مائة ألف شخص في المنطقة، أغلبهم من الشباب والنساء، منذ تدشينها في تونس عام 2013".
ولفت كذلك، في هذا الصدد، إلى مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط التي تبلورت في تدشين جناح المتوسط بقمة المناخ التي أقيمت في مدينة شرم الشيخ العام الماضي (COP27)، والتي سلطت الضوء على تحدي التغير المناخي في المنطقة، لا سيما أن تقريرا سابقا للمنظمة حذر من ارتفاع حرارة منطقة المتوسط بمعدل يتخطى 20 % على المعدل العالمي.
وردا على سؤال حول خطة عمل الاتحاد من أجل المتوسط خلال السنوات القليلة المقبلة، تحدث السفير ناصر كامل، عن طموح المنظمة في خلق منطقة أورومتوسطية أكثر تكاملا على الصعيد الاقتصادي، مذكرا بتقرير التكامل الإقليمي للاتحاد والذي صدر عام 2021 كخطوة مهمة لرصد العقبات المرتبطة بتكامل التجارة والاستثمار والبنية التحتية وحركة الأفراد والبضائع في المنطقة، حيث خلص التقرير إلى توصيات مهمة بشأن السياسات اللازمة، وتم تقديمها إلى حكومات المنطقة.
وأفاد بأن منطقة حوض البحر المتوسط تشهد أقل معدلات التكامل على مستوى العالم، وهو ما يعني فرصا مهدرة، إلا إنه يعني أيضا إمكانات هائلة يمكن تسخيرها لصالح شعوب الضفتين، إذ إن منطقة أكثر تكاملا سيمكنها التصدي للتحديات الإقليمية والعالمية بشكل أفضل وأكثر تنسيقا، وهو ما أثبتته الأزمات العالمية الأخيرة.
وكشف عن أن الاتحاد بصدد إعداد النسخة الثانية من تقرير التكامل الإقليمي، كما يعمل مع الشركاء والأطراف المعنية والفاعلة على تنفيذ بعض التدابير التي من شأنها تعزيز التكامل في المنطقة لتيسير التجارة وتدفقت الاستثمارات وخلق فرص عمل للشباب والنساء وربط شبكات الطاقة والطرق البرية والبحرية وتسهيل نقل وتوطين المعارف والخبرات في المنطقة.
واختتم الأمين العام، بأن الاتحاد يطمح أيضا إلى حشد الدول الأعضاء للانخراط بشكل أكبر في أنشطته ولدعم برنامج عمله وتمكينه سياسيا واقتصاديا بهدف مواجهة التحديات المتزايدة بالمنطقة، منوهًا بأنه يجري التشاور حول أفضل السبل لتعزيز دور الأمانة العامة تحت إشراف الرئاسة المشتركة للاتحاد وبمردود إيجابي من الدول الأعضاء.