صرح الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، السفير ناصر كامل، بأن مصر اضطلعت بدورها ومسئوليتها الإنسانية والأخلاقية والتاريخية إزاء أهل قطاع غزة، وعملت على إنقاذ القضية الفلسطينية من المحاولات الرامية إلى تصفيتها ، إذ نبهت بشكل حاسم من خطورة تفريغ الأرض من سكانها ما أدى إلى حشد موقف دولي لرفض التهجير القسري.
وقال ناصر، في تصريحات صحفية على هامش مؤتمر "سد الفجوات بين الجنسين في القطاع المالي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: نحو تطوير الأعمال التجارية التي تقودها النساء" -الذي نظمه الاتحاد من أجل المتوسط واتحاد المصارف العربية بالقاهرة - أن القيادة السياسية المصرية ملتزمة بدعم ومساندة الأشقاء في فلسطين لأسباب أخلاقيه وتاريخية وجيوسياسية وأمنية واقتصادية.
وتابع أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تمثل خطراً على الأمن القومي المصري ومقدرات الاقتصاد المصري، إذ إن اتساع رقعة الصراع بالمنطقة تؤثر على قناة السويس وعلى تدفق السياحة إلى البلاد.
وشدد على أن مصر لها دور محوري وأساسي في دعم القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين وذلك بحكم وحدة الجغرافيا وارتباط الشعب المصري بهذه القضية التي لم تنفك عنه، حيث قدمت مصر في سبيلها كل ما هو غالٍ و نفيس منذ عام 1948 ولا تزال حتى يومنا هذا تتضامن مع الشعب الفلسطيني في آماله وطموحات المشروعة نحو إقامة دولته المستقلة.
وأشار إلى أن العالم شاهد محددات الموقف المصري في هذه الأزمة بدءا من رفضه تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التاريخية وتصديه لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية وما يترتب عليه من تهديد للسلم والأمن الدوليين، مروراً بحتمية نفاذ المساعدات الإنسانية لنجدة أهل غزة الذين يعانون الجوع والعطش والمرض.
ونوه إلى أن مصر تعد أهم وسيط فيما يتصل بمفاوضات الهدنة بقطاع غزة، ومنخرطة في قلب تلك الأزمة ولا يمكن أن تكون خارجها من منطلق موقعها ومسئوليتها تجاه أمتها العربية والتزامها التام بالوقوف مع الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة نحو تقرير مصيره و إقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة.
وردا على سؤال حول موقف الاتحاد من أجل المتوسط -الذي يضم في عضويته إسرائيل وفلسطين- حيال الحرب الدائرة ضد قطاع غزة، قال إن اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد من أجل المتوسط الذي عقد ببرشلونة في نوفمبر الماضي، قد تمّ تخصيصه لمناقشة تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وكان فرصة لتبادل آراء البلدان في هذا الشأن و تحليل الوضع المأساوي اﻟﻘﺎﺋﻢ في المنطقة واستكشاف السبل المستقبلية.
وأبرز أن الاجتماع شهد أكبر مشاركة لوزراء الخارجية في تاريخ المنظمة الأورومتوسطية منذ انشائها، بحضور ٣٩ وزيراً من بينهم كافة وزراء خارجية الدول الأوروبية الرئيسية ووزراء الخارجية العرب الأعضاء بالاتحاد، بجانب وزير المملكة العربية السعودية ممثلًا عن اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المعنية بالتواصل مع الفاعلين بالمجتمع الدولي و لاسيما دول الاتحاد الأوروبي لعرض وجهة النظر العربية الإسلامية الداعية إلى ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار والعمل حثيثاً نحو عملية سياسية تفضي إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية تتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل وعاصمتها القدس.
وأكمل الأمين العام أن هذا الاجتماع الوزاري أظهر اهتماماً بالغاً من قبل الدول الأعضاء بالاتحاد من أجل المتوسط، وكان بمثابة خطوة أولى مثلت الإرادة الجماعية في أن يكون لهم موقف إزاء الحرب الدائرة في قطاع غزة و تداعيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على المنطقة برمتها.
وتابع أنه وبالفعل أصدرت الرئاسة المشتركة للمنظمة الأورومتوسطية بياناً تضمن العناصر الرئيسية المطلوبة لحلحلة الأزمة، إلا أن الواقع والوضع الحالي يشيران إلى أنه منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة لايزال الشعب الفلسطيني يعيش في مأساة داخل قطاع غزة ويعاني من ممارسات الحرب الشعواء التي تشن ضده سواء على صعيد الاستهداف العسكري المباشر أو بسبب عرقلة نفاذ المساعدات الإغاثية بشكل يضمن له استدامة الحياة بتلك المنطقة.
ونبه إلى أن الاتحاد من أجل المتوسط يركز خلال المرحلة الحالية على النظر في كيفية أن يكون له دور في مرحلة ما بعد التوصل لوقف إطلاق النار، وذلك حال استطاعت الدول المعنية وضع إطار يفضي لإعادة إعمار غزة، حيث سيعمل على المساهمة في دعم قدرة الإدارة الفلسطينية وسيلعب دوراً في عملية إعادة الإعمار.
وذكر بأن جدول أعمال الاتحاد من أجل المتوسط كان على رأسه إنشاء محطة لتحلية المياه في قطاع غزة ولكن نظراً للمعوقات غير المسبوقة التي وضعتها إسرائيل في ذلك الوقت و حتى هذه اللحظة و رغم توفر الأموال المطلوبة لتنفيذ تلك المحطة، لم يتم إنشاؤها حتى الآن.
وسلط الضوء، في هذا الصدد، على أن المنظمة الأورومتوسطية منذ إطلاقها تضع نصب أعينها أن يكون لها دور في مسألة توفير حياة كريمة لأبناء شعب فلسطين ضمن إطار يفضي إلى حل سياسي يُمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة.
وأعرب عن أمله في أن تنتهي هذه المأساة بالتوصل إلى مسار سياسي يحقق للشعب الفلسطيني آماله و تطلعاته من منظور تنموي واقتصادي ، مع إعادة إعمار القطاع ودعم قدرة السلطة الفلسطينية، مؤكداً أن الاتحاد من أجل المتوسط يركز على أن يكون له قيمة مضافة تعود بالنفع على الفلسطينيين و تحديداً في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب .
وفيما يتعلق بمؤتمر "سد الفجوات بين الجنسين في القطاع المالي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: نحو تطوير الأعمال التجارية التي تقودها النساء"، الذي نظمه الاتحاد من أجل المتوسط (UfM) واتحاد المصارف العربية (UAB)، على مدار يومين بالقاهرة، أوضح الأمين العام أنه تم اختيار توقيت المؤتمر تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة بهدف الحديث حول مسألة اندماج النساء في الحياة الاقتصادية بصفة عامة، ودخولها إلى الخدمات المصرفية بصفة خاصة.
وشدد على أهمية انخراط المرأة في الحياة الاقتصادية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ إن كل الدراسات أثبتت أنه إذا شاركت المرأة بشكل رئيسي وأساسي في الحياة الاقتصادية للبلدان العربية تحديداً فسيؤدي ذلك إلى زيادة غير مسبوقة في حجم الناتج القومي الإجمالي لهذه المنطقة، بنسبة تتراوح بين 8 إلى 15%، بما يعني إضافة نحو 600 مليار دولار إلى الناتج القومي الإجمالي للمنطقة بشكل عام .
وأضاف، في هذا الشأن، أن "تمكين المرأة اقتصادياً" لا يتعلق فقط بفكرة حصولها على الحقوق أو بكونه قضية أخلاقية ولابد أن تحصل على ذات الفرص المتاحة للرجال في المجتمع على الصعيد الاقتصادي، إنما هي ايضاً قضية تحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة وتسريع وتيرة اللحاق بركب الدول المتقدمة في هذا المجال.
وتحدث عن أن "مؤتمر القاهرة" سلط الضوء على كافة القضايا الفنية المتعلقة بكيفية زيادة قدرات وإمكانيات المرأة، خاصة رائدات الأعمال، على النفاذ إلى رأس المال و الخدمات المصرفية و الاستثمارات، قائلاً:" لذا قمنا بتنظيم هذا المؤتمر مع اتحاد المصارف العربية بهدف تشجيع المؤسسات المصرفية في العالم العربي وشمال أفريقيا بما يجب فعله حتى تزيد مساحة انخراط المرأة ولاسيما من رائدات الأعمال في مجمل النشاط الاقتصادي بمعدلات أسرع لتحقيق الأهداف المرجوة" .
وحول ملف المرأة في مصر، أكد أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط أنه بلا شك منذ عام 2014 وضعت القيادة السياسية والحكومة المصرية ملف تمكين المرأة في مصر على رأس أولوياتها.
ونوه بأن مصر إحدى دول المنطقة الأكثر اهتماماً وانخراطاً فى هذا الملف منذ سنوات عديدة، وتسارع هذا الاهتمام سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى العملي خاصة فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة أو التحرش أو التنمر الإلكتروني، مستشهداً بتحرك الدولة المصرية سريعة للتعامل مع بعض تلك الأحداث.
وتابع أن مصر لديها عدد كبير من النساء رائدات الأعمال المشاركات في جميع مناحي النشاط الاقتصادي، منبهاً بأن ذلك لا يعني أننا قد وصلنا إلى المستويات العالمية في هذا الشأن، معتبراً في الوقت ذاته أنه لا يزال هناك حاجة لبذل الكثير من الجهد للوصول إلى تلك الأهداف.
ورأى أن ما هو مبشر وسط تلك التحديات، أن الحكومة المصرية لديها وعي و مدركة لذلك وتعمل على الوصول بمعدلات إدماج المرأة، في سوق العمل وخاصة بالنسبة لرائدات الأعمال لتعزيز قدرتهن على تطوير و زيادة حجم أعمالهن، الأمر الذي لا يمثل فقط إضافة لدور المرأة في المجتمع، وإنما يعزز أداء الاقتصاد المصري من منظور تسارع معدلات النمو.
واختتم السفير ناصر كامل بالتأكيد على أن مصر تسير على الطريق الصحيح في ملف تمكين المرأة، وقادرة على بذل المزيد من الجهود للوصول إلى ما تصبو إليه فيما يتعلق بالمساواة وسد الفجوات بين الجنسين في القطاع المالي و تعزيز مكانة المرأة فى كافة المجالات.