اليابان والشرق الأوسط.. علاقات قوية يعززها الاقتصاد والسياسة المتوازنة

???????

???????

بالنظر إلى السياسة الخارجية التي تنتهجها اليابان تجاه الشرق الأوسط نجد أنها من بين الأكثر توازنا ومنفعة لدول المنطقة، إذ تساند طوكيو جهود مكافحة الإرهاب والتطرف، وتسهم بفاعلية لإحلال السلام، وتقدم المساعدات لتخفيف معاناة المتضررين من النزاعات في المنطقة، وتعمل على مساعدة الدول لتنمية الموارد البشرية والاقتصادية، وذلك دون التدخل في الشئون الداخلية للبلاد أو السعي لفرض أجندة سياسية خاصة.

يستحوذ البعد الاقتصادي على جزء كبير من التعاون مع دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها مصر، نظرا لأن اليابان تستورد 80% من احتياجاتها من البترول والغاز من دول المنطقة، وبوصفها إحدى أكبر القوى الاقتصادية في العالم فإن استهلاكها من الطاقة في تزايد مستمر، كما أن انفجار المفاعل النووي الياباني عام 2011 أثر على تركيبة الطاقة في اليابان، ومن ثم تسعى اليابان إلى الحفاظ على استقرار واردتها النفطية من منطقة الشرق الأوسط.

كما يلعب الموقع الجيوسياسي للمنطقة دورًا كبيرًا في أهمية تلك العلاقات الاقتصادية في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد الياباني، فدول الشرق الأوسط تمتلك موانئ بحرية ومعابر تجارية مهمة وهو ما يجعلها بوابة إلى أوروبا شمالًا وإلى أفريقيا جنوبًا، فضلًا عن كون المنطقة ذاتها سوق استهلاكية ضخمة.

إلا أنه في الوقت ذاته تتمحور الاستراتيجية اليابانية في الشرق الأوسط حول عدة نقاط أهمها العمل على إيجاد حلول للأزمات السياسية في المنطقة -مع الحفاظ على موقفها الحيادي- وهو ما يتجلى في موقفها تجاه القضية الفلسطينية، فبعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس، زار وزير الخارجية اليابان المنطقة في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، ويعد هذا وضعًا منطقيًا في السياسة الخارجية اليابانية بالنظر إلى التطورات الجيوسياسية وارتباطها المباشر بمصالح طوكيو في المنطقة.

من جهة أخرى، تقوم السياسة الخارجية لليابان على مبدأ تعزيز السلم العالمي، وهو ما نصت عليه المادة التاسعة من دستور البلاد الذي تم إقراره عقب الحرب العالمية الثانية والتي تنص على "التطلع بإخلاص إلى السلام الدولي، القائم على العدل والنظام، الشعب الياباني ينبذ الحرب إلى الأبد كحق سيادي للأمة والتهديد باستعمال القوة أو استخدامها كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية"، ومن هذا المنطلق يعد إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط إحدى أولويات السياسة الخارجية اليابانية.

وتعمل اليابان على تحقيق هذا التوجه من خلال أربعة محاور تعد بمثابة إطار عام للسياسة اليابانية تجاه الشرق الأوسط، والتي أعلنها وزير الخارجية الياباني خلال مشاركته في فعاليات منتدى "الحوار السياسي العربي الياباني" الأول الذي عقد في مصر في سبتمبر 2017، وهي المساهمة الفكرية والإنسانية، الاستثمار في الموارد البشرية، واستمرارية الجهود والتعاون، وتعزيز الجهود السياسية.

فمنذ اندلاع الأزمة في سوريا، تجاوز الدعم الذي قدمته اليابان 1.9 مليار دولار أمريكي لكل من سوريا والعراق والدول المجاورة التي تضررت من تدفق اللاجئين.

كما حرصت اليابان خلال المنتديات والفعاليات المختلفة، من بينها منتدى الحوار السياسي العربي الياباني، إظهار موقفها الداعم لإنشاء مجتمعات لا تشجع على ظهور التطرف، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين والمهجرين وتحسين البنية التحتية الاقتصادية وتنمية الموارد البشرية.

يعد نموذج التعاون المصري الياباني أحد أهم وأنجح أشكال التعاون مع دول المنطقة، فالعلاقات الثنائية بين القاهرة وطوكيو هي علاقات تاريخية كما أنها تتميز بتوافق كبير حيال العديد من القضايا الدولية، فضلا عن وجود دعم وتأييد متبادل بين البلدين في المحافل الدولية بهدف الحفاظ على الأمن الإقليمي، ووفق تصريحات سابقة لسفير اليابان لدى مصر فإن تلك العلاقات تمر بأقوى مراحلها.

تتميز أوجه التعاون الاقتصادي بين مصر واليابان بالمساهمة في تمويل المشروعات الاستراتيجية التي تسهم في تعزيز النمو الاجتماعي والاقتصادي مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، ومن أهم المساعدات التنموية والمشروعات التي أسهمت اليابان في إنشائها، جسر السلام المعلق، تجديد نفق الشهيد أحمد حمدي، وتطوير مستشفى أطفال أبو الريش، دار الأوبرا المصرية، والجامعة المصرية اليابانية الذي يعد من أهم مشروعات التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى مشروع المدارس المصرية اليابانية.

وعلى صعيد التعاون التجاري، يوجد في مصر حوالي 50 شركة يابانية تعمل في العديد من المجالات المختلفة مثل السيارات، الإلكترونيات، وشركات البناء والتشييد، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر واليابان في 2017 حوالي 1.8 مليار دولار، تمثل الصادرات البترولية 70% من حجم الصادرات المصرية لليابان، وتتمثل اهم الصادرات غير البترولية في الحديد والصلب والزيوت العطرية والكربون والسيراميك والألومنيوم.

وعلى صعيد السياحة، فبعد تحسن الأوضاع الأمنية أعلنت وزارة الخارجية اليابانية عن تخفيف إجراءات السفر إلى مصر، كما تم استئناف رحلات الطيران المباشر بين القاهرة وطوكيو في شهر أكتوبر عام 2017.

يمين الصفحة
شمال الصفحة