عبدالناصر قطب يكتب: قوة السيسي تُعيد «جو بايدن» إلي حظيرة العلاقات الاستراتيجية بين مصر وأمريكا
عبدالناصر قطب
· قيادة السيسي للوساطة المصرية في حرب غزة صارت نقطة مفصلية في مسار نفوذ مصر بمنطقة الشرق الأوسط.
· لأول مرة في التاريخ .. رئيس مصري ينجح في توطيد علاقة قوية مع رئيس من الحزب الجمهوري و أخر من الحزب الديموقراطي
يوما بعد يوم ، يكتسب الرئيس عبدالفتاح السيسي قوة فوق قوة ويحصد نجاحا تلو نجاح ويضم إلي رصيده قدرة ،حكمة ، دهاء ،حلما و "بعد نظر" يقترب بهم رويدا رويدا ليكون أحد أهم زعماء مصر التاريخيين إن لم يصبح أهمهم علي الإطلاق نتيجة العطاء اللامتناهي والمواقف الحاسمة في وقت تكون فيه الدولة المصرية أمام خيارين لا ثالث لهما وهي "أن تكون أو لا تكون" ..
ومن تلك المواقف ، ما شهده العالم أجمع – خلال الأيام الماضية – من أن قيادة السيسي للوساطة المصرية في حرب غزة التي صارت نقطة مفصلية في مسار نفوذ مصر بمنطقة الشرق الأوسط، وشكلت ذروة تغييرات تحدث ببطء في السياسة المصرية ،
فقد نجحت مصر فيما فشل فيه اقوي الدول نفوذا وعتادا ، لتعيد، يوم الخميس 20 مايو 2021 ، التأكيد على مكانتها بأنها وسيط لا غنى عنه في الشرق الأوسط، بعدما نجحت في التوسط على اتفاق وقف إطلاق النار في حرب إسرائيل وحماس قصيرة المدة باهظة التكاليف.
ولسنا هنا وفي هذا المقال تحديدا للحديث عن حرب غزة وأسرائيل ‘ وإنما عن واحدة من أهم المكاسب المصرية جراء نجاحها في وقف تلك الحرب وهي العلاقة مع الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة جو بايدن الذي أجبرته تحركات الرئيس السيسي للعودة إلي حظيرة "استراتيجية العلاقات المصرية الأمريكة" بعد التهديد والوعيد التي ملأ بها الدنيا ضجيجا خلال حملته الإنتخابية ضد مصر وزعيمها
لقد جاءت مكالمة بايدن- الأسبوع الماضي- للرئيس السيسي ثم اشادته بدوره وسياساته وحكمته بمثابة بردا وسلاما علي قلوب المصريين الذين لا يرغبون في عداء الولايات المتحدة الأمريكية لمجرد اختلاف رؤي الحزبين الحاكمين في امريكا حول الشئون الداخليه للدول ونظرا لما تمثله العلاقة القوية والودودة بين الشعبين من استمرار للعلاقات الاستراتيجية بين حضارتين لهما ما لهما وعليهما ما عليهما
كما جاءت هذه المكالمة وتلك الإشادة لكي تنم عن مرحلة جديدة من نمو في العلاقات الهادفة التي تستفيد منها كلتا الدولتين كما سنعرض ..ولتنم ايضا عن قوة اداء السيسي الذي تمكن من الجمع بين النقيضين لصالح بلاده، حيث قام ببناء علاقة قوية مع رئيس من الحزب الجمهوري "دونالد ترامب" ومع رئيس من الحزب الديموقراطي "جو بايدن " وهو ما لم يسبق أن فعله رئيس مصري من قبل ..وهو – أيضا- ما يمكن ملاحظته منذ بدء توطيد العلاقات المصرية الأمريكية مع بداية سبعينات القرن الماضي
إدارة نيكسون الحزب الجمهورى
كانت هذه مرحلة جَسّ نبض للحُكم الجديد فى مصر وللرئيس السادات تحديدًا من قِبَل الولايات المتحدة بعد رحيل الرئيس عبدالناصر فى سبتمبر 1970.. لم تُقْدِم الولايات المتحدة على تغيير نمَط العلاقة مع الرئيس الجديد، كانت ترتكن إلى الأمر الواقع الممَثل فى حالة اللا سلم واللا حرب وتجميد قضية الشرق الأوسط بعد قبول الرئيس عبدالناصر لمبادرة «روجرز» ورغبة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى- آنذاك - فى عدم اشتعال الموقف.
خلال هذه المرحلة نجح صانعُ القرار المصرى فى قراءة الواقع الأمريكى بشكل يفوق قراءة صانع القرار الأمريكى للواقع المصرى.. وبدأ ذلك بإشارات واضحة عن استقلالية القرار فى مصر عن الاتحاد السوفيتى رُغْمَ الصداقة أو حتى التحالف المَرحلى، وظهر ذلك مع قرار طلب مغادرة الخبراء السوفييت من مصر، وفى العام 1972 بدأت قنوات الاتصال بين القاهرة وواشنطن إلى أن جاء يونيو 1972 ومعه أصيبت إدارة نيكسون فى مَقتل بتفجير فضيحة «ووتر جيت». فى هذه الأثناء كانت مصرُ تقومُ بالإعداد لمَرحلة العبور بقوة ودقة متناهية، وكان جزءًا من هذا الإعداد سياسيّا قراءةُ المشهد الأمريكى، وبينما كانت إدارة نيكسون تترنح قامت مصرُ بحربها الكبرى لتحرير أرضها فى أكتوبر 1973 وتدَخَّلت إدارة نيكسون بكل قوتها لدعم إسرائيل من جهة، ولكن من الجهة الأخرى بدأت الولايات المتحدة تعرف أن مصالحها تتأثر بقوة مما يحدث فى الشرق الأوسط والداخل الأمريكى من الممكن أن يعانى, لتبدأ فى إعادة قراءة لسياستها تجاه المنطقة، والتى بدأت مع عهد الإدارة التالية.
إدارة جيرالد فورد الحزب الجمهورى
تولى الرئيسُ فورد الحُكمَ بعد استقالة نيكسون على أ