-زيادة حجم التبادل التجاري مع الأسواق الضخمة بدول المجموعة
- جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة
- زيادة حجم الصادرات المصرية وخاصة للأسواق الناشئة بالتجمع مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا
شاركت مصر بحضور قوي في قمة مجموعة بريكس السادسة عشرة والتي انعقدت في الفترة ما بين 22 و24 أكتوبر 2024 في مدينة قازان الروسية، و تعد القمة الأولى للمجموعة بعد توسعها لتضم "مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا" في يناير 2024، مما عزز مكانتها عالميًا، إذ تضم أبرز الاقتصادات العالمية، مثل الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا.
وبحسب دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية فإن انضمام مصر لمجموعة "بريكس " يحقق العديد من المكاسب ويتيح لها العديد من الفرص الواعدة، لاسيما وأن مصر تمتلك علاقات اقتصادية وطيدة مع دول "بريكس" ذات الأسواق الضخمة والفرص المتميزة، مما يطرح التساؤل بشأن مكاسب مصر من عضويتها في تجمع "بريكس"، ورؤيتها لأولويات التجمع خلال الفترة القادمة.
وتعد عضوية مصر بتجمع "بريكس" فرصة سانحة أمام مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول مجموعة "بريكس"، وزيادة حجم التبادل التجاري مع هذه الأسواق الضخمة، وكذلك جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر للعديد من القطاعات المهمة، فضلًا عن زيادة حجم الصادرات المصرية لاسيما للأسواق الناشئة بالتجمع مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، إلى جانب تكثيف التعاون في مجالات الطاقة والأمن الغذائي ونقل التكنولوجيا واللوجستيات.
وتهدف مصر من خلال انضمامها لتجمع "بريكس" لتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين دول بريكس، ودعم آليات التنسيق حول إصلاح النظام الاقتصادي العالمي، ودفع الجهود لزيادة تمثيل الدول النامية في الأطر المالية والنقدية الدولية بما يعكس تزايد وزنها الاقتصادي، بجانب تعظيم الاستفادة من المزايا التي تتيحها اتفاقيات التعاون والتبادل التجاري بين الدول أعضاء المجموعة، لاسيما جذب الاستثمارات وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية.
ومن أبرز المكاسب الاقتصادية المنتظرة من عضوية مصر بمجموعة بريكس ما يلي:
- توطيد العلاقات التجارية بين مصر ودول المجموعة، وزيادة الصادرات المصرية إلى أسواق دول بريكس، وبالفعل شهدت نسبة الصادرات المصرية لدول بريكس ارتفاعًا منذ انضمام مصر رسميًا في يناير 2024 للتجمع، حيث زادت الصادرات المصرية بنسبة 13% في الفترة من يناير إلى أغسطس 2024، لدول تجمع بريكس لاسيما الهند وروسيا والبرازيل.
- تعد عضوية مصر في تجمع بريكس فرصة للمنتجين والمصنعين المصريين، لتصدير المنتج المصري لدول بريكس لاسيما الأسواق الناشئة الرئيسة مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وبالفعل زاد عدد من القطاعات الصناعية المختلفة في مصر من صادراتها لدول بريكس.
- أسواق دول بريكس الضخمة ذات فرص مميزة وواعدة للصادرات المصرية، ويمكن العمل على زيادة الصادرات المصرية لها مما يصب في هدف الدولة بتنمية حجم الصادرات.
- زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول مجموعة بريكس في مصر، تعد مصر سوقًا ضخمة وواعدة ومتعددة الفرص الاستثمارية، لاسيما في ظل جهود وإجراءات الدولة لتحسين مناخ الاستثمار في مصر وتقديم العديد من الحوافز للمستثمرين، ودعوتها للشركات الاجنبية لتوطين مشروعاتها في مصر للاستفادة من الموقع الجغرافي المميز لمصر، والعمالة الماهرة، والبنية التحتية المتميزة، والقدرة على النفاذ للأسواق الخارجية لاسيما الأسواق الإفريقية، وهو ما جعل مصر الوجهة الاستثمارية الأولى في القارة الإفريقية.
- تتيح عضوية مصر بتجمع بريكس المزيد من فرص جذب الاستثمار الاجنبي المباشر من في مصر، لاسيما في عدد من المجالات التنموية المهمة التي تستهدف الدولة المصرية، لاسيما قطاعات الرقمنة والتنمية الزراعية، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
- تسعى مصر أيضًا من خلال عضويتها لتجمع بريكس لتعزيز الروابط بين بريكس والقارة الأفريقية، مما يعود بالنفع المتبادل بين دول تجمع بريكس وكذلك دول القارة الأفريقية.
- تبادل الخبرات وتوطين الصناعة المصرية، إذ تسهل عضوية مصر في تجمع بريكس تبادل الخبرات والكفاءات مع دول المجموعة بشكل مباشر، لاسيما في مجال الصناعة والتكنولوجيا ومجالات التدريب المختلفة.
- توفير تمويل ميسر لمصر، نظرًا لتوفير مجموعة بريكس تمويلًا ميسرًا لأعضائه، من خلال بنك التنمية الجديد الذي تم تدشينه عام 2015، برأسمال نحو 50 مليار دولار، بهدف منح تمويل بشكل أسرع من البنك الدولي ودون شروط صارمة.
- تأمين الاحتياجات المصرية من السلع الاستراتيجية لاسيما القمح والأرز، مع إمكانية الحصول عليها بالعملات المحلية، وذلك نظرًا لأن تجمع “بريكس” يستحوذ على حصة كبيرة تجارة الحبوب في الاقتصاد العالمي، لاسيما كل من روسيا والهند.
- زيادة حجم التبادل التجاري بالعملات المحلية، لاسيما وأن حجم تجارة مصر مع دول بريكس يقدر بنحو ثلث حجم تجارة مصر الكلي البالغ نحو 31 مليار دولار، لذا تسعى مصر إلى زيادة حجم التجارة مع مختلف دول مجموعة بريكس بالعملات المحلية.
تغيرات اقتصادية
وبحسب تقارير متنوعة ، فقد شهد اقتصاد مجموعة البريكس "الصين، وروسيا، والهند، والبرازيل، وجنوب إفريقيا" الكثير من التغيرات الاقتصادية والسياسية التي أثرت على أدائه، وهو ما اتضح جليًا عند النظر إلى إجمالي قيمة الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء والذي بلغ نحو 25.8 تريليون دولار عام 2023 مقارنًة بنحو 11.9 تريليون دولار عام 2010 وهو العام الذي انضمت فيه جنوب إفريقيا إلى المجموعة، و2.7 تريليون دولار عام 2000، وتشير البيانات، أن نسبة الناتج المحلي الإجمالي لدول البريكس إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي في تزايد مستمر خلال الفترة (2000- 2023)، لدجة أنها تفوقت لأول مرة على دول مجموعة السبع الصناعية عام 2020، حيث بلغت حصة البريكس نحو 31.02% من الاقتصاد العالمي مقابل 30.94% لدول مجموعة السبع الصناعية .
ويشير التوزيع النسبي للناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء داخل مجموعة البريكس إلى اختلاف هذا التوزيع بين عامي 2000 و2022 لصالح الصين، التي كانت تستحوذ على نحو 44.1% من الناتج المحلي الإجمالي لدول البريكس عام 2000 وقد ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 69.3% عام 2022، في المقابل انخفضت حصة باقي الدول الأعضاء في 2022 مقارنًة بعام 2000 وكانت البرازيل صاحبة الانخفاض الأكبر بمقدار 16.5 نقطة مئوية، تلاها الهند وجنوب إفريقيا بمقدار 4 نقاط مئوية لكل منهما، ثم روسيا بمقدار 0.8 نقطة مئوية .
وبحسب "مركز المعلومات " بمجلس الوزراء ، شهد حجم التبادل التجاري نموًا بنسبة 95.2% بين عامي 2010 و2022، إذ سجل نحو 10.52 تريليون دولار عام 2022 مقابل 5.39 تريليون دولار عام 2010، وقد شكلت الصادرات السلعية والخدمية لدول البريكس نحو 18.3% كنسبة من إجمالي الصادرات العالمية في عام 2022، مقارنًة بنحو 14.7% عام 2010، وبنحو %6.7 عام 2000، ويشير الاتجاه العام لإجمالي قيمة الصادرات السلعية والخدمية لدول مجموعة البريكس إلى التزايد خلال الفترة (2000 - 2022) مع مرورها بالعديد من المراحل التي انخفضت بها قيمة الصادرات وهي السنوات نفسها التي انخفض بها معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي باستثناء عام 2022 حيث لم تؤثر الحرب الروسية – الأوكرانية على قيم الصادرات السلعية والخدمية للمجموعة .
أما فيما يتعلق بالتوزيع النسبي للصادرات السلعية والخدمية لدول مجموعة البريكس، فتشير البيانات إلى اختلاف هذا التوزيع بين عامي 2000 و2022 لصالح الصين والهند، حيث كانت الصادرات الصينية تستحوذ على 47.6% من إجمالي صادرات دول البريكس عام 2000، وقد ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 66% عام 2022، كما ارتفعت حصة صادرات الهند من 11.4% عام 2000 إلى 13.5% عام 2022، في المقابل انخفضت حصة باقي الدول الأعضاء في مجموعة البريكس عام 2022 مقارنًة بعام 2000، وكانت روسيا صاحبة الانخفاض الأكبر بمقدار 10.3 نقطة مئوية، تلتها البرازيل بمقدار 5.7 نقطة مئوية، ثم جنوب إفريقيا بمقدار 4.5 نقطة مئوية .
وفيما يتعلق بالواردات السلعية والخدمية لدول البريكس فقد شكلت نحو 16.2% من إجمالي الواردات العالمية عام 2022، مقارنًة بنحو 13.8% عام 2010، وبنحو 5.9% عام 2000، ويشير الاتجاه العام لقيم الواردات السلعية والخدمية لدول مجموعة البريكس إلى التزايد خلال الفترة (2000 -2022) مع مرورها بالعديد من المحطات التي انخفضت بها قيم الواردات وهي السنوات نفسها التي انخفضت فيها قيم الصادرات السلعية والخدمية .
لكن تشير بيانات حديثة، إلى أن صادرات مصر لدول التجمع ارتفعت بنسبة 13 في المائة خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2024 ، خصوصاً لدول الهند وروسيا والبرازيل، على رغم أن "بريكس" ليس اتفاق تجارة حرة يقدم إعفاءات جمركية للدول الأعضاء في التكتل.
ويستهدف التكتل، تقليل التعاملات البينية بالدولار الأميركي ، بما سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي في مصر الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب في مصلحة تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية".
مكاسب مصرية
وأوضح باحثون وخبراء أن "وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل بريكس سيمنح فرصاً للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، إضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق، في ما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيداً من الثقل للدول النامية والناشئة ".
و قال نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب، إن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة الـ16 للتجمع في مدينة قازان الروسية تحت شعار "تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين"، وبمشاركة 24 زعيماً، بعد انضمام مصر عضواً رسمياً، لها العديد من المكاسب الاقتصادية التي تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.
وأوضح أن تناول الرئيس بالقمة جهود مصر في الإصلاح الاقتصادي والتنمية الشاملة وتعزيز دور القطاع الخاص وتحسين مناخ الاستثمار، إضافة لطرح أهم الفرص الاستثمارية والاقتصادية الواعدة في البلاد، خصوصاً بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية من دول التجمع الذي يصل حجم الناتج الإجمالي المحلي لأعضائه لنحو 30 تريليون دولار، ويستحوذ على 25 في المئة من صادرات العالم، ويمثل نحو 30 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي، وينتج نحو 35 في المئة من الحبوب في العالم، لكونه يضم أكبر الاقتصادات عالمياً.
ورجح أن يجني الاقتصاد المصري ثماراً كبيرة في تدفق الاستثمارات من دول التجمع، إضافة إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر ودول التجمع بالعملات المحلية ما يخفف من الضغط على العملة الصعبة، كما أنه يفتح أسواقاً جديدة للمنتج المصري بأسواق هذه الدولة بعد زيادة أعدادها، خصوصاً أن الناتج المحلي الإجمالي لدول التجمع من المتوقع أن يتجاوز خلال العام الحالي نظيره في مجموعة السبع بنسبة كبيرة.
وأوضح أن اتجاه "بريكس" لإنشاء نظام مالي عالمي وطرح عملة جديدة، خصوصاً مع زيادة عدد دول التجمع، ينمي التجارة البينية بين مصر ودول التجمع ويقلل من اعتماد القاهرة على العملة الصعبة ما يحسن من قيمة الجنيه، خصوصاً أن الصين ثاني أكبر اقتصادات العالم أكبر مصدر للمواد الخام عالمياً ما يسهم في زيادة حجم وارداتها لمصر بالعملة المحلية، وتعزيز تنمية الصناعة الوطنية وتعظيمها ونجاح الدولة في تعميق التصنيع المحلي تصنيع أغلب المنتجات المستوردة حتى نصل للاعتماد بنسبة كبيرة على المنتج المحلي في ما بعد.
وذكر أن من المكاسب التي تحققها مصر من انضمامها رسمياً للتجمع زيادة حجم الوفود السياحية من دول التجمع خلال الأعوام المقبلة في ظل تمتع مصر بمناخ سياحي متميز ووجود أهم آثار العالم من الآثار الفرعونية والإسلامية والرومانية والشواطئ والمدن الساحلية المتميزة والسياحة العلاجية، إضافة إلى أن عضوية مصر في بنك التنمية الجديد التابع للتجمع يعزز قدرتها على دعم التنمية المستدامة وتعزيز السيولة وتنويع مصادر تمويلها بشروط وإجراءات ميسرة لمواجهة الأزمات الاقتصادية.
صادرات مصر لدول "بريكس"
تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع قيمة الصادرات المصرية لدول مجموعة "بريكس" إلى 4.9 مليار دولار عام 2022 مقابل 4.6 مليار دولار عام 2021 بنسبة زيادة 5.3 في المئة، فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من دول المجموعة نحو 26.4 مليار دولار مقابل 23.6 مليار دولار، بزيادة قدرها 11.5 في المئة.
وتشير هذه الأرقام إلى وجود عجز تجاري لمصر فى علاقتها التجارية مع دول مجموعة "بريكس"، وجاءت الهند على رأس قائمة أكثر دول المجموعة استيراداً من مصر خلال عام 2022، إذ بلغت قيمة صادرات مصر 1.9 مليار دولار، بينما جاءت الصين في المركز الثاني بـ 1.8 مليار دولار، ثم روسيا بقيمة 595.1 مليون دولار، تليها البرازيل بمبلغ 402.1 مليون دولار، وأخيراً جنوب أفريقيا بمبلغ 118.1 مليون دولار.
فيما تصدرت الصين قائمة أعلى دول التحالف المصدرة لمصر خلال عام 2022، بلغت قيمة واردات مصر 14.4 مليار دولار، بينما جاءت روسيا في المركز الثاني بـ 4.1 مليار دولار، ثم الهند بقيمة 4.1 مليار دولار، تليها البرازيل بنحو 3.6 مليار دولار، وأخيراً جنوب أفريقيا بقيمة 133 مليون دولار.
وعلى صعيد الاستثمارات، بلغت استثمارات دول "بريكس" في مصر 891.2 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022، مقابل 610.9 مليون دولار خلال العام المالي 2020/2021، بنسبة زيادة 45.9 في المئة. واحتلت الصين المركز الأول في قائمة الدول الأعلى استثماراً لمجموعة "بريكس" في مصر خلال العام المالي 2021/2022، إذ بلغت قيمة استثماراتها 369.4 مليون دولار، وجاءت الهند في المرتبة الثانية بقيمة 266.1 مليون دولار، ثم جنوب أفريقيا بـ 220.3 مليون دولار، ثم روسيا بـ 34.5 مليون دولار، وأخيراً البرازيل بنحو 829 ألف دولار.