
جرمين عامر عضو اتحاد الاعلاميين العرب
انتهي .. الدرس يا غبي.
ولكن الكتاب مازال مفتوح.
يسجل في صفحات، مواقف يراها البعض مضحكة، ويراها البعص الأخر سذاجة.
ولكنها في الحقيقة، أفعال تستدعي الحزن والشفقة.
فعباقرة الخطاأ.. حولنا في كل مكان.
يفلسفون .. الفشل،
ويزحفون .. علينا بعشوائية وبسرعة الصاروخ.
مؤخرا .. أقتحموا عالم الجريمة الإلكترونية. وصعدوا لمسرح جرائم العباقرة : فأخذوا يستخدمون الكمبيوتر ويرسلون الرسائل بالبريد الالكتروني، ينقرون علي الروابط المشبوهة، يسيل لعابهم فيصدقون .. الرسائل التي تعدهم بالثراء السريع، يستخدمون كلمات مرور سهلة، ويتركون أثار لجرائمهم الرقمية واضحة ورائهم.
ليسجلوا .. أسمائهم ضمن رابطة الأغبياء للجرائم الإلكترونية. ذلك الكيان الأفتراضي الذي يضم نحو 2.1% من سكان العالم، من أصحاب مستوي ذكاء IQ أقل من 70 نقطة.
والأمثلة كثيرة حول العالم، تؤكد أن الغباء هو العدو الأول للمجرمين الإلكترونيين!
والمدهش .. هو كم الجرائم الإلكترونية التي نشرت علي موقع "عربي بوست" أرتكبها أشخاص أغبياء :
فهذا اللص الذي قام بسرقة هاتف محمول، ثم التقط لنفسه صورة سيلفي بنفس الهاتف. ولأن الهاتف كان متصلًا تلقائيا بحساب الضحية على التخزين السحابي. تم القبض عليه.
وذلك الهكر الذي طلب المساعدة من الشرطة، بعد أن نجح في أخترق أحد الأنظمة المصرفية. لكنه واجه صعوبة في تحويل الأموال التي سرقها. فقرر الأتصال بالدعم الفني للبنك، مما أدى إلى تعقبه وأعتقاله.
ليأتي بعد ذلك المجرم الذي تفاخر بجريمته على فيسبوك. فنشر صورة له، وبجواره الأموال المسروقة من أحد المتاجر. ولانه عبقري بالصدفة، كتب تعليق ساخر علي الصورة. الأمر الذي سهل على الشرطة القبض عليه.
ليظهر هاكر أخر، بانامل ناعمة، ليؤكد ان الغباء ليس وليد الصدفة. إنما يحركه تصرفات ساذجة. فقد استخدم هذا المجرم بريده الشخصي أثناء جريمة الأختراق لأحد أنظمة شركة كبري. مما مكن السلطات من تعقبه بسرعة.
لتفاجأ باللص عاد لمسرح جريمته بسبب جهاز واي فاي. بعد أن أقتحم منزلا وسرق جهاز كمبيوتر، لاحظ اللص أنه نسي تسجيل الخروج من حسابه على فيسبوك. فعاد ليسجل الخروج، ليجد الشرطة في أنتظاره.
معظم هذه الجرائم الإلكترونية، لا تفشل بسبب تعقيدات تقنية، بل بسبب غباء المجرمين أنفسهم! فالغبي هو الشخص الذي يفتقر إلى الذكاء أو القدرة على الفهم والتفكير السليم وإتخاذ القرارات المناسبة.
السؤال هنا ..
كيف لأصحاب هذه العبقرية الإلكترونية أن يقعوا في أخطاء غاية في السذاجة ؟!! أم أن الإنسان عندما يصل إلي قمة العبقرية يصاحب تصرفاته بعض الغباء؟!!
الإجابة .. ليست سهلة
فالذكاء والغباء .. ليسوا أمور ثابته، بل يتأثروا بعوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية. لكن جوهر الغباء ياتي من عدم إستخدام الشخص لقدراته العقلية بشكل جيد كذا عدم التعلم من التجربة.
ومن أكثر العلماء الذين تناولوا صفة غباء العقل البشري بصورة علمية كان عالم الاقتصاد والمؤرخ الإيطالي كارلو م. تشيبولا (Carlo M. Cipolla) الذي وصف الغباء بانه سمة شائعة بين البشر. وحدد له 5 صفات عرفت ب"قوانين الغباء البشري"
فالغباء في قوانين "تشيبولا" لايرتبط بالمستوى التعليمي أو الثقافي للشخص، بل هو منتشر بين جميع الفئات الإجتماعية والمهنية وأيضا بين جميع الثقافات والشعوب.
والشخص الغبي، هو الذي يتسبب في ضرر للآخرين دون تحقيق فائدة لنفسه. لهذا فهو أكثر خطورة من الشخص الشرير. لأن الشرير يتصرف بدافع تحقيق مصلحته الشخصية، بينما الغبي لا يستهدف فائدة لنفسه أو لغيره. ويكون تأثيرة مدمر بسبب عدم الإدراك الكامل لعواقب الأمور.
هذا ينقلنا الي مواصفات الشخص الغبي، وفقاً ل"تشيبولا"، بأن من يتصرف بطريقة غير عقلانية أو يكرر أخطاءه دون تعلم. كذلك يتسرع في الحكم. مع إفتقار للقدرة على التفكير النقدي. دائما ما يتمسك بالجهل ويصر علي العناد. يفتقر لمهارات التواصل والتكيف مع الأخرين. دائم السخرية من الأخرين ولا يهتم بعواقب الامور.
لذلك تجد الأغبياء هم الفئة الأكثر خطورة علي المجتمعات وتدميرا لها. وحذر "تشيبولا" من وجود عدد كبير منهم في مواقع مؤثرة، الأمر الذي يؤدي إلى إنهيار المجتمعات والاقتصاديات.
من تحذير "تشيبولا"
لدعوة افتراضية.
بضرورة انشاء،
رابطة الأغبياء الإلكترونية.
لإحتواء هؤلاء العباقرة بالخطأ، وتحجيم تأثيرهم المدمر علي التوازن الإجتماعي والاقصادي العالمي.