سعاد العنزي : أدب المرأة لا زال أدبا ناشئا في كثير من بلدان الوطن العربي

???????? ???? ??????

???????? ???? ??????

 
صدر حديثاً  كتاب "نساء في غرفة فرجينيا وولف" الخطاب النقدي حضور يقاوم الغياب للدكتورة سعاد العنزي أستاذة النقد الأدبي الحديث بجامعة الكويت والناقدة والكاتبة العربية الشهيرة عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع بدمشق يناير 2021.
 
‏تقول دكتورة سعاد العنزي أن هذا الكتاب درست فيه حياة كل من فرجينيا وولف ومي زيادة ورؤيتهما النسوية المبكرة في نقد أدب المرأة، كما إنه الكتاب الأحب إلى نفسي، إنه بحث في الأصوات التي تومئ لي من بعيد وتناديني: صوت مي زيادة وولف.
 
وتوضح الباحثة الكويتية من أكثر الأدلة وضوحا هو غياب أسماء رائدات الحركة النسوية وجهودهن الفعالة في تدعيم حقوق المرأة، كما تغيب إبداعاتهن وأعمالهن وتقييمها بمفاهيم النقد المعاصر وطرحها بالكتابات الأدبية النقدية الجديدة. ونجد اطلاع القارئ العام على جهودهن لا يعدو جملا قصيرة عامة حول أثرهن، وكأنه أصبح بيننا وبين هذه المرحلة انفصالا تاما، وكأنها تعتبر سابقة جمالية وضعت في متحف الذاكرة.
 
وتشير المؤلفة إلى أن هذه الدراسة لا تهدف لمناقشة جهود الحركات النسائية الغربية والعربية بشكل عام، بل تهدف إلى قراءة جهود ناقدتين تم تجاهل جهودهن النقدية في الوطن العربي لأسباب مختلفة ومتعددة منها ما يتعلق بذكورية الثقافة العربية، وآخر يتعلق بالاهتمامات النقدية للدارسين والمشتغلين في الدراسات الأدبية والنقدية. في هذا الكتاب، سأقدم دراسة مقارنة بين فرجينيا وولف ومي زيادة على مستوى الحياة الشخصية والجهود النقدية النسوية المبكرة إذ تلتقي مي زيادة بفرجينيا وولف ولف في أكثر من جانب، لعل أهم هذه الجوانب هي معانتهما الإنسانية، ورؤاهما النقدية النسوية المبكرة التي لم تجمع في سياق نقدي واحد.
 
وفي الخاتمة توضح الباحثة الكويتية سعاد العنزي أن هذا الكتاب بدأ بتساؤل مهم عن العلاقة التي من الممكن أن تجمع بين وولف وزيادة، وناقشت مقدمته بعضا من المناطق المشتركة بين الكاتبتين صحيح، إنهما ينتميان لنفس العصر ولدتا وتوفيتا في نفس السنوات، ولكن الأولى وولف تنتمي لثقافة ولغة وفكر المستعمر، فيما كانت مي زيادة تنتمي لواحدة من الشعوب المستعمرة، الأمة العربية ومع هذا، نجدهما ناهضتا الاستعمار بكافة أشكاله، أما على مستوى هويتهما الفردية فكانت نقاط الالتقاء كثيرة، أهمها الصدمة التي عاشتها كل منهما على اختلاف تفاصيلها أدت إلى نتيجة واحدة هي الموت: انتحار فرجينيا وولف، وانعزال مي زيادة عن الفضاء العام وصولا إلى الموت بإمكان المرء، القول أن صدمتهما انبثقت من قلب أنوثتهما.
 
و تؤكد الباحثة في عرض الفصل الخاص بالموت أعراض الصدمة التي أدت إلى موتهما وأحدثت اضطرابات خطيرة  على شخصية وولف ومي، التي كان سبها الرئيسي كونهما نساء، عانت كل منهما من أحداث الموت والفقد، وبشكل أساسي عانت فرجينيا وولف من الاغتصاب، ومشكلة العقم والوصول إلى سن اليأس، فيما عانت مي من محاولة ودأها ثقافيا وإنسانيا فتعرضت إلى استلاب كبير، وجسد يقاد بالمؤامرات إلى العصفورية، والمفارقة هنا، إن مجتمع وولف وبالذات زوجها، حاول انقاذها من الجنون،فيما كانت مي زيادة المرأة التي حاربها مجتمعها حتى أوصلها إلى المرحلة الأخيرة من حياتها بعدما تآمر عليها الأقربون، وتخلى عنها الأصدقاء، وصلت إلى مرحلة الشك والوسواس القهري، إن محنة مي زيادة تقول بشكل صريح، إن كل امرأة في الوطن العربي هي مشروع وأد ثقافي صريح ورمزي، ولا تزال النساء في الوطن العربي تعاني من أشكال تهميش مختلفة، وتشتيت لهويتها ولرؤيتها لوجودها.
 
حاولت هذه الدراسة أن تقول أن الحاجة للدراسة النسوية في الوطن العربي، هي أمر ضروري لأكثر من سبب، السبب الأول: إن وضعية المرأة العربية لاتزال وضعية دونية، وإن شرعت القوانين لخدمة قضايا المرأة، إلا أنه لازال البون شاسعا بين التنظير والتطبيق، وليست غالبية النساء في الوطن العربي قادرة على أخذ حقوقها كاملة. وهذا الأمر يكثر في مناطق تغص بمظاهر الحياة البطريركية ويقل في أماكن أكثر انفتاحا وتحررا. السبب الثاني: إن أدب المرأة لا زال أدبا ناشئا في كثير من البلدان في الوطن العربي ولا سيما في الخليج العربي مما يعني أن هذا الأدب يحتاج لمراجعة ومناقشة بناءة من حيث اللغة والأسلوب وقدرة المرأة على تمثيل موضوعاتها بحرية من دون خوف من سلطة المؤسسات الثقافية والاجتماعية التي قد تعرقل الأدب الجاد في معالجة القضايا الإنسانية.